الحقائق في الرد على مزاعم «مركز أبحاث الكونجرس» عن البحرين

  • 1/11/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أصدر «مركز أبحاث الكونجرس»، تقريرًا عن الأوضاع الحقوقية في البحرين، والذي جاء بعيدا عن الموضوعية والحيادية، واصفا وضع حقوق الإنسان في البحرين بأنه يمثل معضلة لواشنطن على الرغم من أهمية البحرين الاستراتيجية بالنسبة لها، كونها يوجد بها مركز إسناد بحري للقوات الأمريكية في المنطقة.. راصدًا عددًا من الاتهامات والمزاعم منها: اتهام السلطات بممارسة القمع لحرية الرأي والتعبير منذ أزمة 2011، وعدم مساءلة قوات الأمن التي تعامل السجناء معاملة غير جيدة، وممارسة التمييز ضد المرأة، وانتقاص بعض الحقوق المجتمعية مثل حقوق العمال، وانتقاد آخر يتهمها بممارسة الطائفية. وعلى ضوء ما تقدم، واستمرارا لما يقوم به «مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية» والعاملون فيه منذ إنشائه بتصحيح المعلومات المغلوطة عن البحرين -مدعومة بالأرقام والحقائق- باعتبار أن مثل هذه التقارير خطر على أمنها واقتصادها وتسيء إلى سمعتها، وعلى أمن الخليج بشكل عام؛ فقد تم الرد على هذه المغالطات بخطاب إلى المركز المذكور، يوضح فيه الحقائق الموثقة ويدحض به المغالطات والادعاءات: يزعم التقرير أن السلطات البحرينية منعت المتظاهرين خلال أحداث فبراير2011، من ممارسة حرية الرأي والتعبير، وهو قول مجافٍ للحقيقة، لجهة: 1- التقرير وصف مظاهرات واحتجاجات فبراير2011 بأنها كانت سلمية مع أن المحتجين مارسوا فيها أعمال عنف جماعي، فحرية الرأي والتعبير لا تعني الفوضى ولا تهديد الأمن والاستقرار والاعتداء على رجال الشرطة ودهسهم بالسيارات والإضرار بالاقتصاد وبالممتلكات العامة والخاصة والعمل على قلب نظام الحكم، وقد ثبت من التحقيق مع قادة المتظاهرين أنهم قاموا بالتحريض لتغيير نظام الحكم ليصبح جمهورية على غرار نظام إيران، والدعوة إلى التمرد وعدم الالتزام بأحكام القانون والتجمهر، والقيام بمسيرات غير مرخصة، وبث معلومات كاذبة، وثبُت من التحقيق أيضًا ارتباطهم بإيران وبأذرعها.. وهي أعمال جنائية تمس الأمن الوطني والسلم الأهلي، ولا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير، وبالتالي لا يجوز للتقرير وصف من قام بهذه الأعمال بأنهم سجناء رأي. 2- يشجع هؤلاء المتمردون الانقسامات الطائفية والمجتمعية في البلاد، ولهم دور أساسي في اندلاع الاضطرابات المدنية التي نتج عنها خسائر في الأرواح، وترويع للمواطنين، ما يعد خروجا على الضوابط القانونية لممارسة العمل الحقوقي أو السياسي، وتجاوزا للمبادئ التي أقرتها المواثيق والعهود الدولية لممارسة حرية الرأي والتعبير، ولهذا لا يجوز تقديم هؤلاء المتمردين كضحايا. 3- المملكة من أوائل الدول التي اهتمت بنشر مبادئ حقوق الإنسان، والتأكيد عليها، ووجهت وزاراتها لخلق الوعي بضرورة احترامها وتطوير المعارف النظرية والمهارات العملية بها وكيفية حمايتها، ويتضح ذلك من خلال: - حرية الرأي والتعبير مكفولة بنص الدستور المعدل لعام 2002، وقد تم توفير الآليات والقنوات الشرعية للتعبير السلمي عن الرأي، ومن أبرزها: السماح بتنظيم الندوات والمؤتمرات والمظاهرات والمحاضرات والحلقات النقاشية، حيث وصل عددها منذ يناير عام 2001، أي مع تولي الملك أمانة الحكم حتى أواخر عام 2018 حوالي 4413 ندوة ومؤتمرا ومحاضرة وحلقة نقاشية، أتيح فيها لشرائح المجتمع المختلفة التعبير عن نفسها والإدلاء بآرائها، وبلغت نسبة مستخدمي الإنترنت في البحرين حوالي 98% من عدد السكان وفق إحصاءات عام 2017، في حين وصل عدد المشتركين في مواقع التواصل الاجتماعي قرابة المليونين ومائة ألف. - لدى البحرين مؤسسات وجمعيات ولجان حقوق إنسان عددها (28) ما بين حكومية وبرلمانية وأهلية، منها: (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان)، و(الأمانة العامة للتظلمات)، و(وحدة التحقيق الخاصة بسوء المعاملة التابعة لوزارة العدل)، و(مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين)، و(اللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان)، و(لجنتا حقوق الإنسان في مجلسي الشورى والنواب). - هناك قانون للصحافة والنشر، وصحف تسمح لكل الاتجاهات والتوجهات بالتعبير عن نفسها من دون قيود، وتم إنشاء جمعية للصحفيين عام 2000، ويتخذ اتحاد الصحافة الخليجية والمكتب الإقليمي للاتحاد الدولي للصحفيين من البحرين مقرا لهما، وتم الإعلان عن جائزة البحرين لحرية الصحافة، والتي تُقدم سنويًّا في اليوم العالمي لحرية الصحافة بدءًا من عام 2010، وهناك نادٍ للمراسلين الأجانب هدفه تسهيل مهمتهم في التواصل مع المسؤولين، ونادي البحرين للصحافة الذي تم افتتاحه في مايو 2012. وفيما يتعلق بمزاعم التقرير حول انتهاكات حرية التجمع السلمي فقد، سمحت المملكة منذ بداية أحداث فبراير 2011 بتنظيم الاعتصامات إيمانًا منها بحق الفرد في حرية التعبير، وكانت هناك مظاهرات سلمية، لم تواجهها أي قيود أو عراقيل؛ غير أن المعارضة أساءت استخدام هذا الحق بالتظاهر من دون ترخيص وباللجوء إلى العنف والخروج عن القانون، ويكفي أن نشير إلى أن المملكة سمحت بتنظيم نحو 1841 اعتصاما ومسيرة ومظاهرة منذ إلغاء قانون أمن الدولة في عام 2001 حتى اليوم. وقد تعاملت السلطات الأمنية مع الاحتجاجات بنوع من ضبط النفس من دون استخدام القوة المفرطة ووفق المعايير الدولية، وتبنت أسلوب الحوار والتسامح والعفو عن المتورطين فيها، رغم ما صاحب الأحداث من تطاول على هيبة الدولة ورموزها وأعمال تهدف إلى النيل من أمنها واستقرارها، وتشويه صورتها وبث النزاعات الطائفية بين مكونات شعبها. وقد أثبتت الأحداث: - استخدام المتظاهرين قنابل المولوتوف وأسياخ الحديد والقنابل المصنعة محليًّا وإقليميا، ما ترتب عليه سقوط قتلى ومصابين من المدنيين ورجال الأمن، وفي حالات كثيرة تكون المظاهرات غير القانونية فرصة لاندساس عناصر إرهابية أو إجرامية تقوم بممارسة عمليات القتل بهدف تحميل رجال الأمن المسؤولية. - بمقارنة عدد القتلى والمصابين من جانب المتظاهرين منذ بداية الأحداث في فبراير 2011 حتى نهاية 2018 مع عدد القتلى من رجال الأمن، نجد أنه سقط من رجال الأمن 25 شهيدا وحوالي 2600 مصاب من بينهم 80 أصيبوا بعاهات مستديمة، في حين بلغ عدد من سقط من الجانب الآخر 26، أي أن قوات الأمن بما تملكه من معدات وأسلحة كان بإمكانها أن تسقط أضعاف عدد من سقطوا من صفوفها. وبالمقاييس الأمنية يؤكد هذا مدى الانضباط في أداء رجال الأمن، وهو ما أثبته تقرير لجنة تقصي الحقائق التي تم تشكيلها بالتنسيق مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل طالت الانتقادات أيضا ما يتعلق بعدم مساءلة قوات الأمن التي ترتكب تجاوزات للقانون، والرد هو أن المملكة لا تتهاون مع أي تجاوز أو انتهاك لحقوق المواطنين من قبل قوات الأمن، كما ادعى التقرير، ونفذت الحكومة كل ما أوصى به تقرير لجنة تقصي الحقائق -السابق ذكره- وهو ما يجعل الحديث عن حالات تجاوز افتراءً وتشويهًا متعمدًا، وقد أقر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الأخير الخاص بالإرهاب بالإجراءات التي تم اتخاذها لمنع حدوث أية تجاوزات ومنها: تركيب أجهزة سمعية وبصرية ووضع كاميرات المراقبة في غرف التحقيق والاستجواب، وإصدار مدونة سلوك لرجال الأمن، وإقرار برنامج دولي يخضع له موظفون في مجالي الأمن والقضاء، لتدريبهم على احترام حقوق الإنسان والالتزام بالقانون الإنساني الدولي والإلمام به، وإعطاء النائب العام الصلاحية الحصرية للتحقيق في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة، كما أن الحالات التي حدثت فيها تجاوزات بالسجون ومراكز الاعتقال تم إخضاعها لعمليات تحقيق، وتقديم المتجاوزين للمحاكمة، والحكم على من ثبت عليه استخدام القوة بطريقة مخالفة للقانون، فضلا عن إنشاء مكتب مستقل لأمين عام التظلمات، وندب ضابطين من ذوي الخبرة في التحقيقات الجنائية والتحري بوزارة الداخلية وعدد (4) أفراد مختصين بالبحث والتحري في جميع ادعاءات الوفاة والتعذيب والمعاملة اللا إنسانية تحت مسمى الشرطة القضائية. وفيما يخص أوضاع السجون، تم إنشاء مفوضية حماية حقوق السجناء والمعتقلين عام 2013، وهناك عمليات تفتيش دورية تتم على السجون ومراكز الاعتقال، فضلا عن إبرام وزارة الداخلية مذكرة تفاهم مع الصليب الأحمر تسمح له بموجبها بزيارة مراكز الاعتقال والسجون. وزعم التقرير أيضًا، أن المرأة البحرينية لا تحصل على حقوقها.. رغم ما حققته المرأة من تمكين في جميع المجالات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهي تتمتع بحق التعليم والعمل والتملك، وتقلد المناصب القيادية، وتتمتع بحقوق سياسية، وتعيش أزهى عصورها في الفترة الراهنة، بعد أن حازت قضايا تمكينها على اهتمام واضح من القيادة السياسية والسلطة التشريعية، بما يعكس حقيقة وضعها في المجتمع، باعتبارها شريكًا في الوطن وعنصرًا فعالاً في عملية التطور والبناء. ويتضح ذلك من الآتي: - تمكنت المرأة من تحقيق عدة تطورات جوهرية في مسيرتها نحو تعزيز مكتسباتها من خلال سن التشريعات، وإصدار قوانين لتمكينها سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، (22 قانونًا منذ عام 2002 حتى اليوم)، فأصبحت وزيرة ورئيسة للجمعية العامة للأمم المتحدة وسفيرة ومديرة ونائبة ووكيلة وزارة ورياضية وقاضية ومحامية وشرطية وصحفية ومهندسة. وفي عام 2001، تم إنشاء «المجلس الأعلى للمرأة»، والذي وضع استراتيجية وطنية متعددة المحاور للنهوض بالمرأة، علاوة على «الجمعيات النسائية»، التي وصل عددها إلى 20 جمعية. - شاركت 6 سيدات في إعداد ميثاق العمل الوطني عام 2001، وتم منحها حقوقها السياسية كاملة ترشحًا وتصويتًا في دستور عام 2002، (لم يكن لها الحق في الترشح في دستور73)، وخير دليل على ذلك مستوى تمثيلها بشكل متزايد في المجلس الوطني (مجلسي النواب والشورى)، فيما مثلت الانتخابات التشريعية عام 2018 ذروة التميّز بالنسبة إليها، حيث فازت بستة مقاعد في المجلس النيابي من أصل 40 عضوًا، و11 في مجلس الشورى من أصل 40 عضوًا، وأربعة في المجالس البلدية، متمكنة بذلك من رفع نسبة تمثيلها في المجلس الوطني بغرفتيه من 15% إلى 18.75%، فضلا عن ترؤس سيدة المجلس النيابي لأول مرة. - يعد التمكين الاقتصادي للمرأة أيضا خير دليل على وضعها المتميز، فقد بلغت نسبة مشاركتها في القطاع العام نحو50% وفي القطاع الخاص32%، وبلغت نسبة رائدات الأعمال 38%، وحقق وجودها ارتقاءً عاليًا في قوة العمل البحرينية في كثير من القطاعات. أما ما ادعاه التقرير بشأن ممارسة الطائفية، فنجد أنه تبنى نفس المزاعم التي تنسجها إيران وعملاؤها لخدمة مصالحها، فهناك تسامح كبير إزاء اختلاف المعتقد أو الطائفة في المملكة بموجب العديد من التشريعات والمبادرات. ويتضح ذلك في وجود20 نائبًا شيعيًا في مجلس النواب البحريني، وقبل اندلاع أزمة 2011 كان لجمعية الوفاق الشيعية المعارضة وحدها 18 مقعدًا من إجمالي 40 مقعدًا، ويشغل العديد منهم مناصب قيادية عليا، منها نائب لرئيس الوزراء، وآخر رئيس مجلس الشورى، وثالث وزير العمل المشرف على عملية التوظيف، وآخرون، كما أن عدد الموظفين الشيعة يفوق عدد الموظفين السنة بكثير في القطاعين الحكومي والخاص. كما زعم التقرير أن هناك انتقاصا لبعض الحقوق المجتمعية مثل حقوق العمال وتعرض بعضهم للعمل القسري.. وهو اتهام مردود عليه، حيث أصدرت البحرين سلسلة من القوانين العصرية والتشريعات التي تتوافق مع القوانين التي وضعتها منظمة العمل الدولية لحماية حقوق العمال الأجانب تحت إشراف هيئة تنظيم سوق العمل المُستقلة، تراعي معايير ومبادئ حقوق الإنسان، ويدلل على ذلك ما قامت به البحرين من إجراءات منها إلغاء نظام الكفالة عام 2009، وإقرار حق العامل الانتقال إلى عمل آخر دون موافقة صاحب العمل. وقد أصدرت مؤسسة «إنتر ناشيونز»، الألمانية والتي تقوم بعمل استطلاعات رأي عالمية عن العمالة الوافدة باستخدام عدة مؤشرات تقريرها عن عام 2017، وجاءت البحرين في المرتبة الأولى عالميا، بعد أن كانت في المرتبة التاسعة عشرة عام 2016، وذلك نظرًا إلى تحسن أدائها في كل المؤشرات التي ينظر إليها التقرير. ولا بد هنا من الإشارة إلى بعض الملاحظات الأساسية المتعلقة بمنهجية هذا التقرير: أولا: مصادر معلوماته مستمدة من شهود لا يمكن التحقق من صدق روايتهم والذين قد يدلون بشهادتهم لتحقيق مآرب سياسية أو شخصية. ثانيًا: رغم أن التقرير يعترف بالتهديد التاريخي الذي تواجهه البحرين من المنظمات الإرهابية المدعومة من إيران ويقر، أنها «تسعى لزعزعة استقرار البحرين لخدمة مصالحها الطائفية»، إلا أنه يتجاهل تماما دورها في أزمة 2011، وما أحدثته من اضطرابات. ويتجلى حجم تدخل طهران بوضوح في النقطة التي أبرزها التقرير نفسه، وهي أن الهجمات الإرهابية قد انخفضت في السنوات الأخيرة بعد أن اعتقلت قوات الأمن قادة المتمردين البارزين الموالين لها. ثالثا: تركيز التقرير على الجوانب السلبية وإخفاء الجوانب الإيجابية عن عمد، هو نوع من عدم الموضوعية وفقدان للحيادية، وهو ما أفقد التقرير مصداقيته، وذلك بإغفال جهود البحرين المتواصلة في احترام حقوق الإنسان، والذي عكسته ثقة المجتمع الدولي في انتخابها عام 2018 ولمدة ثلاث سنوات عضوًا بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بنسبة تصويت بلغت 165 صوتًا من 192. ‭{‬ رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية وسفير جامعة الدول العربية سابقًا في لندن ودبلن.

مشاركة :