قرأ نجيب محفوظ كتاب ابن سيرين عن تفسير الأحلام، كما قرأ أيضاً كتاب سيجموند فرويد تحت العنوان ذاته، وبالتالي فإن للأحلام مكاناً مهماً لدى محفوظ، وقد أصدر ضمن ما أصدر مجموعته القصصية «رأيت فيما يرى النائم»، وتضم 17 حلماً، ثم عاد بعد 22 عاماً ليكتب «أحلام فترة النقاهة» عندما تعذر عليه أن يكتب نصاً طويلاً، بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال الآثمة سنة 1994، فجرب يديه كشكل من أشكال العلاج في كتابة الأحلام. عندما سئل نجيب محفوظ عن الفارق بين «رأيت فيما يرى النائم»، و«أحلام فترة النقاهة» قال: «إن الأحلام الأولى ألفتها، لم أحلم بها في أثناء النوم أو اليقظة، أما العمل الثاني فهو أحلام رأيتها فعلاً، ودربت نفسي على كتابتها، كنت أصحو من النوم لأدون ما بقي في الذاكرة من تفاصيل الحلم، ثم أظل أعدل وأبدل وأعيد حتى تصل للصورة التي تنشر بها»، كانت «رأيت فيما يرى النائم» قد نشرت في عام 1982 و«أحلام فترة النقاهة» سنة 2004. وفي هذا الكتاب الصادر بعنوان «محفوظ وأحلامه التي لا تنتهي» يقدم أحمد مصطفى على مقاربة نقدية لأحلام فترة النقاهة، ذلك العمل الأخير لمحفوظ، والذي يثير العديد من الأسئلة منها على سبيل المثال: ما تصنيف الأحلام؟ هل يمكن اعتبارها جنساً جديداً من الأدب يطرح قضاياه في شكل غير محدود وهو الحلم؟ ومن ثم ماذا يريد محفوظ أن يخبرنا بكلمة أحلام؟ أو ليس هو ذاته من سخر من الواقع؟. يرى المؤلف أنه يحق لأحلام محفوظ أن تسيطر علينا من جديد، فهي الأحلام والواقع في غموض وفلسفة الراهب محفوظ، وإن خرجنا عن مدلولها الاجتماعي نجد الفلسفي يحاصرنا إنها ذات الجدلية الأزلية شديدة التعقيد والحضور بين الحلم والواقع.
مشاركة :