مصدر الصورةSocial media لم تعد شيماء عفيفي تتمكن من تقديم إجابات عن أسئلة أبنائها بشأن عدم وجود والدهم معهم منذ فترة طويلة، بلغت 16 شهرا. وتقول شيماء، وهي معلمة لمادة الرياضيات، إنها سوف تستمر في طرق الأبواب على المسارين القضائي والإعلامي، وإطلاق الحملات على مواقع التواصل حتى تصل إلى مكان اختفاء زوجها، أو تعرف أسباب غيابه من الأساس. شيماء هي زوجة طبيب الأسنان مصطفى النجار، الناشط السياسي والبرلماني السابق، الذي انقطع التواصل معه بعدما أبلغ زوجته أنه في مدينة أسوان جنوبي مصر، قبل أيام من جلسة محاكمته مع آخرين بتهمة إهانة القضاء في سبتمبر/أيلول عام 2018. وبعد أيام، تلقت زوجته مكالمة هاتفية من شخص مجهول على هاتف المنزل يفيد بأن زوجها قد ألقي القبض عليه. ومنذ ذلك الحين، هناك غموض كبير يكتنف مصير النجار، وهناك آراء كثيرة حول اختفائه، لكنها لا تستند إلى أي أدلة حقيقية، سواء حول وفاته، أو احتجازه لدى قوات الأمن، التي تنفي باستمرار إخفاءه قسريا.الولايات المتحدة تطالب مصر بالتحقيق في مزاعم "التعذيب والإخفاء القسري" العفو الدولية: نيابة أمن الدولة في مصر تعمل "كأداة للقمع"... وتنديد دولي باعتقال الصحفيين غير أن محكمة مصرية قضت هذا الأسبوع - في دعوى أقامتها شيماء - بإلزام وزارة الداخلية المصرية بالكشف عن مكان اختفاء النجار، رغم تكرار نفي الوزارة أنها تحتجزه لديها. ويمكن للداخلية الطعن ضد الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا. وتقول شيماء لبي بي سي: "مصطفى مواطن مصري، ألا يفترض أن تخبرني الدولة بمكانه؟ حتى لو كان هاربا، اعثروا عليه. حقنا على البلد أن نعرف أين زوجي". ارتبط اسم النجار بثورة يناير 2011، التي كان أحد أبرز وجوهها من الشباب، إذ كان عضوا في ائتلاف شباب الثورة الذي أسسه نشطاء في ميدان التحرير، ثم شارك في تأسيس حزب العدل وفاز في انتخابات مجلس الشعب عام 2011. وتقول زوجته إن الأسرة كانت فخورة به وبرغبته في تغيير الوضع السياسي في بلاده في ذلك الوقت نحو الأفضل. مازلت شيماء تمارس عملها في مجال التدريس، لكنها الآن تدير عيادات مصطفى بعد الانتهاء من عملها، بالإضافة لرعاية أطفالها الثلاثة. وتقول إن أبناءها يتساءلون دوما "أين والدنا؟ لماذا لا يقيم معنا؟ ولماذا يعمل كل هذا الوقت في مكان بعيد، رغم أن عيادته توجد بالقرب من البيت". تحاول الأسرة مواصلة حياتها، في ظل ظروف اختفاء النجار، الذي تقول زوجته إنه سيظل حاضرا في ذاكرة أفرادها دوما. وقال محامي المفوضية المصرية للحقوق والحريات نور فهمي لبي بي سي إن الحكم بإلزام الداخلية بالكشف عن مكان النجار صدر بعد امتناع هيئة قضايا الدولة عن تقديم ما يفيد احتجازه من عدمه.محتجز أم ماذا؟ ترى زوجة النجار أن هناك تقاعسا حكوميا في البحث عنه، وتنفي أن يكون أي مسؤول قد تواصل معها في هذا الإطار، وتقول إنها لا ترى تفسيرا لذلك إلا أن مصطفى محتجز. وبينما يرجح نشطاء آخرون من بينهم الناشط المعروف وائل غنيم، أحد أصدقاء النجار، إنه ربما توفي أو قتل في أسوان، جنوبي البلاد، تؤكد زوجته أنه لا أحد يقدم دليلا على ذلك. واستمرت أسرة النجار وأصدقاؤه في النشر عنه على مدار فترة اختفائه في حملات على الإنترنت، كان أبرزها من خلال وسم "#مصطفى_النجار_فين" على موقعي تويتر وفيسبوك، لكن دون جدوى. وطالب العديد من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية السلطات ببذل الجهد للعثور على النجار والكشف عن مكان وجوده. واختفى النجار قبل أيام من إصدار حكم بحبسه ثلاث سنوات بعد إدانته بإهانة القضاء، مع عدد من المعارضين والنشطاء السياسيين، والحقوقيين في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018. وحوكم النجار بسبب تصريحات أدلى بها في جلسة برلمانية عام 2012 انتقد فيها ما وصفه بـ "فشل" القضاء في مساءلة قوات الأمن "عن قتل المتظاهرين في ثورة يناير/كانون الثاني". وزارة الداخلية نفت أكثر من مرة القبض على النجار، وكذلك فعلت الهيئة العامة للاستعلامات. لكن نجاد البرعي، محامي أسرة النجار، ليس لديه نفس اليقين الذي لدى شيماء بأن زوجها محتجز، ويري أن القضية حساسة، وأنه "لا يستطيع تأكيد القبض على شخص، بينما لم يقل أحد إنه شاهد شرطيا يستوقفه". ويضيف البرعي: "للأسف قضية مصطفى النجار توظف سياسيا، ولا يضع البعض في اعتبارهم الأسى والضغوط النفسية التي تقع على العائلة بسبب المعلومات المتضاربة". ويطالب البرعي وزارة الداخلية بأن تبذل جهدا أكبر في إجلاء مصير النجار وإيضاح الأمر للرأي العام، وأن تحيط أسرته علما بالإجراءات التي تتخذها في إطار البحث عنه، وأن تقوم بتعميم صورته مع رصد مكافآة لمن يدلي بمعلومات تسهم في الكشف عن مكانه. وقالت الهيئة العامة للاستعلامات ردا على تقارير لوسائل إعلام أجنبية أثارت موضوع إختفاء النجار: "لا صحة مطلقاً لأي شائعات حول ما يسمى باختفائه قسرياً، وأنه لا يزال هارباً بكامل إرادته من تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضده، وأن كل ما هو خلاف هذا ليس سوى ادعاءات لا أساس لها من الصحة".
مشاركة :