لم تعد قرارات مجلس الأمن التي يصدرها بحق الدول أو الأشخاص مؤثرة ورادعة، وأصبح من السهل الالتفاف عليها ورفضها، فلا شيء أصبح ملزمًا في هذه المرحلة -مرحلة الضعف- التي تعيشها الأمم المتحدة، حتى البند السابع الذي كانت القوى الكبرى تتصدّى له بالفيتو سعيًا لتفادي تطبيقه على الدول الحليفة معها، أصبح غير ذي فاعلية، والشواهد على هذا كثيرة يصعب تعدادها، ولعلّ آخر القرارات التي صدرت ولم يجرِ الانصياع لها تلك المتعلّقة باليمن، ويكفي هنا أن أركّز على قرارين فقط هما (٢٢٠١ و٢٢١٦)، فالأول، طالب الحوثيين بسحب مسلّحيهم من المؤسسات الحكومية، واستنكر تحرّكاتهم لحل البرلمان والسيطرة على المؤسسات الحكومية الوطنية، واستخدام أعمال العنف لتحقيق الأهداف السياسية، وطالب بالإفراج عن الرئيس عبدربه منصور، ورئيس وزرائه خالد بحاح، كما هدّد القرار باستخدام البند السابع من الميثاق الذي يسمح باستخدام القوة والعقوبات الاقتصادية في حال لم يتم تنفيذ ذلك، أمّا الثاني، فهو القرار ٢٢١٦ الذي صدر تحت البند السابع، والذي دعا فيه جميع الأطراف -ولا سيما الحوثيين- على الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي، وآلية تنفيذها، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات المجلس ذات الصلة، وفرض عقوبات على كل من عبدالملك الحوثي، وأحمد علي عبدالله صالح لضلوعهما في أعمال تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن، وكانت الأمم المتحدة قد دعت في قرارها رقم ٢٠١٤ إلى ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية قائمة على مبادرة مجلس التعاون الخليجي، وفي تنفيذ هذه التسوية. ما حصل هو أن الحوثيين، والرئيس المخلوع صالح لم يعيروا هذه القرارات اهتمامًا، لعلمهم بأن القرارات تشتمل على القول وليس الفعل، وهذا ما تأكد بالفعل في الأيام الأخيرة، حيث بدأ مندوب الأمم المتحدة الجديد اسماعيل ولد الشيخ أحمد بالتحضير لاجتماع جديد في جنيف، في الوقت الذي كانت مهمّته تنحصر في متابعة تنفيذ القرار الأممي ٢٢١٦ الذي أكد على شرعية الرئيس هادي، وتسليم الحوثيين أسلحتهم والكف عن القتال. كان من الطبيعي أن يعتذر الرئيس اليمني عبدربه منصور عن حضور اجتماع جنيف، لأن الميليشيا الحوثية، وأتباع المخلوع صالح لازالوا يمارسون القتل والتدمير، ويسيطرون على أجزاء مهمّة في البلاد، ويرفضون الانصياع لقرارات مجلس الأمن الصادرة في هذا الشأن، كيف يصدر مجلس الأمن قرارات تدين ميليشيات الحوثي، وقوات صالح، ويضعهما على قوائم الممنوعين من السفر، ويطبق البند السابع، ومن ثم يقوم مندوبها بعقد اجتماع مع مَن يمثّل أولئك في جنيف؟! وأين هي مساندة الأمم المتحدة للشرعية؟!. في تصوّري أن حوار الرياض كان كافيًا، لاسيما وأنه تمخضت عنه قرارات فاعلة اختارها اليمنيون أنفسهم، والذين أجمعوا على عدم جدوى عقد اجتماع جديد في جنيف. لابد لمندوب الأمم المتحدة أن يدّخر جهوده لتنحصر في متابعة تنفيذ القرار الذي صدر تحت البند السابع، فاليمن ليس ليبيا، حيث هناك رئيس شرعي تم الانقلاب عليه من قبل قوى غير شرعية وضعت الأمم المتحدة قادتها ضمن قائمة المجمدة أرصدتهم، وحظرت عليهم السفر. hnalharby@gmail.com
مشاركة :