لم يكن من المستغرب أن تصل مفاوضات جنيف لحل المشكلة اليمنية إلى طريق مسدود، وأن تجد الأبواب مقفلة أمام أي حل، سواء كان أمميًّا أم غير ذلك، فالربّان الحقيقي الذي يدير دفة المركب اليمني -المخلوع صالح- لا يريد أن تستقر اليمن، طالما هو ليس الحاكم، وليؤدّب الشعب اليمني الذي ظهر عليه وطالب بخلعه. لقد دأب «صالح» طوال الثلاثة عقود الماضية التي حَكَم فيها اليمن على إيذاء جيرانه من خلال عقده لتحالفات مع الذين يختلفون معهم، ولا ننسى له أنه كان مؤيدًا للاحتلال العراقي للكويت، وهو موقف أدانه الشعب اليمني نفسه، الذي رأى فيه طعنة في الظهر لجارتهم الشقيقة المملكة العربية السعودية، وفي هذا الصدد كتب الدكتور عبدالرحمن البيضاني نائب الرئيس اليمني الأسبق في كتابه الذي صدر بعنوان: (مأزق اليمن في صراع الخليج) قائلاً: «بدلاً أن تنهض القيادة اليمنية إلى تصحيح ما تراه معوقًا لسرعة تحقيق المزيد من رخاء الشعب اليمني، أخذت تغرس في وجدانه كراهية جيرانه الذين هم شركاؤه في جغرافيته وصياغة تاريخه، وخلصاؤه في تمويل نهضته وتحقيق استقراره، لقد أدخلت القيادة اليمنية نفسها في صلب هذه الأزمة حين زعمت أنها ترفض العدوان العراقي ولا تدينه، أي أنها ترفضه شكلاً مجاملة للدول التي تضررت بالعدوان، بينما تتمسك به موضوعًا اشتراكًا في ثماره، أو انحيازًا للذي أوقد ناره، لقد ضحت هذه القيادة بمصالح مليوني يمني يعملون في المملكة ودول الخليج، يرسلون بلايين الدولارات إلى ذويهم المقيمين في اليمن، الأمر الذي كان يمثل عنصرًا أساسيًّا في مسيرة النهضة اليمنية، إلى جانب ملايين أخرى من الدولارات التي كانت هذه الدول تسهم بها في مشروعات التنمية الاقتصادية الشاملة في اليمن». والتاريخ اليوم يعيد نفسه، فالبوصلة هذه المرة أدارها «صالح» صوب إيران، والتحوّل هذه المرة ليس بهدف أن يرفض ولا يدين، بل بهدف تسهيل أطماع إيران في المنطقة بمنحها موطئ قدم في اليمن؛ لتكون شوكة في خاصرة دول الخليج، غير آبه باستقرار اليمن طالما لفظه أهلها، وأبعدوه عن كرسي الحكم. كل الدلائل تشير إلى أن اليمن لن يشهد الاستقرار المنشود في ظل وجود المخلوع علي عبدالله صالح، الذي يكنُّ عداءً مستحكمًا لجيرانه وللشعب اليمني الذي تسبب في إبعاده من كرسي الرئاسة، فهو الممول لكافة القوى التي توجّه أفواه بنادقها إلى صدور اليمنيين، والبلدوزرات التي تهدم بيوت الآمنين في كل من تعز وعدن، وأصبح مليئًا بعد أن سرق المليارات التي كانت تقدمها دول الخليج على شكل مساعدات لتنمية اليمن، ووظّف جزءًا منها لشراء ذمم بعض القوى لتخريب بلادهم، والمأزق اليوم، أصبح مأزق إيران بعد أن جرّهم إليها صالح بحجة الوقوف بجانب الحوثي، كان أمل «صالح»، أن يحرث الإيرانيون الأرض ويزرعونها، ومن ثم يمارس أساليبه الانقلابية ليقطف الحصاد. hnalharby@gmail.com
مشاركة :