مهرجان طيران الإمارات للآداب.. الثقافة بوصلة التسامح

  • 1/25/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: علاء الدين محمود منذ انطلاقته في عام 2009، صار مهرجان طيران الإمارات للآداب، يحتل مكانة ثقافية متميزة في الداخل والخارج؛ بل أصبح منصة عالمية مختلفة في كل شيء على مستوى التنظيم والفعاليات والضيوف، فهو قادر في كل دورة جديدة على رسم الدهشة على وجوه زواره وضيوفه، ولئن كانت إدارته قد قصدت منه أن يكون احتفالية أدبية عربية تحتفي بالكلمة المكتوبة والمقروءة، عبر فعالية سنوية تقام في دبي لرفد وتعزيز مكانة ودور الكتب والقراءة ولإثراء الثقافة والأدب بشتى أنواعها، فقد تجاوز المهرجان ذلك السقف بكثير، ليشكل حضوراً باذخاً ومختلفاً، وليؤسس لكلمة جديدة في كتاب الثقافة الإماراتية، ويسهم بصورة فاعلة في رفع مستوى الوعي الجماهيري في مسألة فهم الثقافات المتعددة وضرورة تلاقيها وتحاورها مع بعضها البعض، من أجل إنسانية متسامحة وعالم يعيش في ظل الحب والجمال بحاضنة الأدب. هو مهرجان حقيقي ل«الكلمات»، واحتفاء غير مطروق بقيمة الكتاب والقراءة والدور الذي تلعبه في حياة الشعوب، لذلك كان الاختلاف هو سيد الموقف والدهشة هي الصناعة التي يجيدها المهرجان، فالتنظيم المبدع يجعل من اللقاء النادر الذي يوفره المهرجان بين الكتاب والقراء حدثاً لافتاً، يرسخ في ذهن القارئ والكاتب معاً. تستضيف الدورة الجديدة من المهرجان 150 من المبدعين والكتاب الإماراتيين والعرب والأجانب، يلتقون مع القراء في ندوات تجرى في أجواء حميمية بديعة يتحدث فيها المؤلفون عن سيرتهم، والتفاصيل التي شكلتهم، أما في ورش العمل، فيتم فيها استدعاء أبطال القصص والروايات، ليتعرف القراء إليهم بصورة أقرب وعلى الأجواء التي أنتجت العمل على كافة مستويات الكتابة الإبداعية، كما يحفل المهرجان بفعاليات تضع الحضور في قلب ما يجري في العالم من تجارب وأنشطة ثقافية وفكرية عبر استصحاب تجارب معرفية مختلفة مثل: الحراك على مستوى قضايا النوع الاجتماعي وتحرر النساء، وكذلك يقدم إضاءات حول أشكال جديدة من الأدب، وكيفية التعايش في عالم يسوده التسامح. ولعل الدورة الجديدة ال 12، التي ستنطلق في 4 فبراير المقبل، تعكس مدى التطور الكبير الذي وصل إليه المهرجان، خاصة في ما يتعلق بالتجديد والابتكار، فالملاحظة المهمة أن كل نسخة من نسخ المهرجان تختلف عن سابقتها. وتطرح النسخة الجديدة من المهرجان، شعار «ماذا يحمل لنا غد؟!»؛ حيث يبرز أهمية «السؤال»، في عالمنا المعاصر من أجل الوصول إلى المستقبل، فالعالم بات لا يتوقف عن طرح أسئلة الحياة الكبيرة، والتي تصبح الإجابة عنها ممكنة إلى حد كبير مع كل كلمة نقرأها، وهذا ما عبرت عنه أحلام بلوكي، مديرة المهرجان في كلمتها عن أهمية شعار هذه الدورة، وعلاقته بالأسئلة الكبيرة التي يطرحها كل من يعيش على هذا الكوكب، وتنبع أهمية الشعار من كونه يؤكد أن عملية الاكتشاف نفسها رهينة بالمعرفة والقراءة بشكل كبير، ولئن قدمت كتب ومؤلفات الخيال العلمي أجوبة متخيلة عن المستقبل؛ فإن الأعمال الأدبية كذلك لها دورها في التعرف إلى ما هو قادم وغير منظور بما تطرحه من رؤى جمالية فريدة وأحلام بمستقبل أفضل، فالشعار هو بمثابة تحريض للكتاب والأدباء لخوض تجربة منفتحة على أشواق البشرية في غد تسوده قيم الإنسانية، ويكون شعاره هو التقارب بين الثقافات المختلفة. حضور دائم الثقافة العربية، ظلت حاضرة على الدوام في فعاليات وأنشطة المهرجان، وظل سؤال التراث الأدبي العربي مطروقاً بصور وطرح مغاير، ومن أبرز أنشطة الدورة الجديدة فعالية «ألف ليلة وليلة»، التي تعيد القديم في سياق جديد وحداثوي، ولئن كانت «ألف ليلة وليلة»، تروي القصص القديمة بطرق وأساليب شتى لا تنتهي، وتكسبها معان جديدة ومستمرة؛ فقد اهتم مؤلفون جدد بإعادة تخليق الحكايا، وتستضيف الدورة الحالية عدداً منهم ليوصلوا القديم بالجديد، فالكاتب والناقد المصري، «طارق إمام»، سيتحدث عن روايته «مدينة الحوائط اللانهائية»، والتي سميت «ألف ليلة وليلة الجديدة»، كما أن الروائية الشابة «آلوين هاملتون»، ستقدم أطروحة تمزج بين أساطير «ألف ليلة وليلة» والغرب الأمريكي، لتبتكر قصصاً جديدة مثيرة للدهشة. ولعل من أبرز ملامح الدورة الجديدة تركيزها على الشخصيات العربية التي تميزت في مجال الأدب مثل: العمانية جوخة الحارثي، وهي مبدعة عربية فازت بجائزة «مان بوكر الدولية» عن روايتها «سيدات القمر»، واللبنانية هدى بركات الحائزة الجائزة العالمية للرواية العربية 2019 عن رواية «بريد الليل»، والعراقية إنعام كجه جى، التي وصلت روايتها «الحفيدة الأمريكية» إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2009، وكذلك السعودية أميمة الخميس، الفائزة بجائزة نجيب محفوظ في الأدب 2018، عن روايتها «مسرى الغرانيق في مدن العقيق»، وهو أمر يؤكد أن المهرجانات والفعاليات العربية الأدبية كان لها إسهام كبير في تطور الحراك الثقافي، ولعل من اللافت أيضاً أن العنصر النسائي يكاد يكون مسيطراً على قائمة ضيوف المهرجان وهو أمر يشير إلى النجاحات الكبيرة والمفرحة التي ظلت تقدمها المرأة العربية. لقد أصبح المهرجان من أكبر الفعاليات الثقافية التي تجرى في الوطن العربي والعالم ككل، ولا أدل على ذلك من فوزه بعدد من الجوائز الدولية، ولعل الإقبال الجماهيري الكبير والمتزايد يؤكد هذه المكانة، كما أنه يلفت إلى أن القراءة باتت تحظى بالفعل باهتمام كبير في العالم العربي بفضل هذه الاختراقات الكبيرة لدولة الإمارات في مجال الفعل الثقافي بما تقدمه من مهرجانات متميزة.

مشاركة :