أكلات وأطعمة تتميز بها محافظة البحر الأحمر عن باقى محافظات مصر كانت طبيعة المكان سبب فيها سواء طبيعة العمل أو المسكن أو المنطقة الجغرافية ورغم مرور الزمن ظل أحفاد وأبناء السكان الأصليون لتلك المحافظة الساحلية محافظين على تلك الأكلات و التى لها طبيعة وتعامل وقدسية خاصة سواء فى طريقة طبخها أو أكلها أو توقيتات الحرص على تناولها .يقول صلاح سليمان الرشندى أحد مؤرخين البحر الأحمر إنه تعتمد مكونات الأكلات المشهورة بمدن محافظة البحر الأحمر على ما توفره الطبيعة من خيرات سواء كانت "برية" أو "بحرية"، فمثلا السكان الذين كانوا يربون الإبل والماعز يتوفر لديهم المنتج والغذاء الرئيسى وهو الحليب، الذى يشرب الطازج منه فى الصباح، ويضاف الرايب منه إلى الأكلة المشهورة عند البدو وهى "العصيدة"، أما المنتج الثانى وهو اللحم فيسلق ويقدم فوق الأرز مع قطع من الفطير مضاف إليها الشوربة وتسمى هذه الأكلة "المردود" ويشتهر بها سكان شمال المحافظة من البدو، أما فى الجزء الجنوبى من المحافظة تسوى لحوم الدواب على الحجر (الزلط) بعد تسخينه وتسمى هذه الطريقة "بالسلات"، لذلك كانت الدواب قديما هى الشريان الرئيسى والعصب الاقتصادي لكثير من الأسر ولا يكاد يخلو منها بيت.اقرأ أيضا:بتخفيضات 10%.. نائب محافظ البحر الأحمر تفتتح معرض "الوطنية لاستثمارات الأوقاف" بمدينة الحرفيين بالغردقةبعد 5 سنوات من التوقف.. محافظ البحر الأحمر يعلن تشغيل شبكات المياه بسفاجاوأضاف الرشندى صيد الأسماك وفر القوت شبه اليومى لجميع السكان القريبين من السواحل، وتزداد كميات هذه الأسماك فى المواسم مما يشجع الصيادين على إهداء الأهل والأصدقاء والجيران، أو التصدق منه على المحتاجين لتكتمل منظومة التكامل والترابط بين الأسر وتزيد من المودة والألفة بين الجميع.وكشف الرشندى انه ارتبطت الأكلات التى اشتهرت بها منطقة البحر الأحمر بالمواسم والأعياد، ففى عيد رمضان دائما ما تكون وجبة الفطار أو الغداء صبيحة يوم العيد من السمك سواء كان طازجا على هيئة مقلى أو مطجن ويسمى (الغمسة)، أوالناشف المملح (البكلاه) وهو أحد أشهر أنواع الأسماك المجففة التي عرفتها مصر في فترة الملكية، كان يباع في محلات البقالة الشهيرة ويتم الإعلان عنه في الصحف والمجلات واسعة الانتشار آنذاك، بحيث يطلبه الأثرياء وأفراد الجاليات الأجنبية وعلى وجه الخصوص الإيطاليين والفرنسيين، وكان يحل محل الرنجة والفسيخ في أعياد شم النسيم في بدايات القرن العشرين، وبعد قيام ثورة يوليو اختفى سمك البكلاه من الأسواق المصرية حيث منعت الحكومة استيراده من الخارج في عام 1954 توفيرا للعملة الأجنبية وتشجيعا للسمك المحلي البديل له وهو الفسيخ الذي كان منتشرا بشكل أكبر في صعيد مصر ولم يعرفه سكان وجه بحري بكثرة إلا بعد منع استيراد البكلاه، وظل السمك الناشف المملح موجودا فى منطقة البحر الأحمر منذ زمن بعيد لإعتماد الصيادين على حفظ أسماكهم بهذه الطريقة وهى التمليح نظرا لعدم وجود طرق أخرى للحفظ مثل التبريد. وأضاف مؤرخ البحر الأحمر فى شم النسيم يكون فسيخ (البورى أو العنبر) سيد الموقف، فكان متوفرا فى محافظة البحر الأحمر على مدار السنة نتيجة قيام قطاع كبير من صيادي مدن الغردقة والقصير والطور من خمسينات القرن الماضى وحتى الثمانينات برحلات صيد شتوية طويلة المدة تصل مددها إلى 6 شهور يقضيها البحارة فى صيد أسماك البورى والعنبر وتسمى (العزبة)، وتمتد منطقة صيدهم خارج الحدود وإلى سواحل وجزر بعض الدول المطلة على البحر الأحمر مثل (العربية السعودية والسودان واليمن وإريتريا وجيبوتى) كما أنة فى مثل هذه الأيام من كل عام فى شهور (يونية ويولية وأغسطس) تأتى مواسم كثير من الأسماك مثل (الشعور – الكشر – التوين - العنبر – الحريد – السيجان ..... وغيرها) ، عندما تمر وسط البيوت فى الأزقة لاتكاد أصوات طشطشة الزيت تنتهى من مسامعك حتى تبتعد بعيدا عن الجدران. ودائما ما تصاحبها رائحة البصل المحروق التى تشى بأن هناك من تقوم بتجهيز "الصيادية" وهى أشهر أكلة عند أهل محافظة البحر الأحمر، وتظل رائحتها تصاحبك حتى تبتعد عن مصدرها إلى مسافات بعيدة، وفى العموم لا تكاد هذه الروائح المميزة تفارق الحوارى والأزقة التى يسكنها الصيادين، ففى الصباح الباكر تنبعث رائحة المشوى من اسماك "البصيلى والعنبرة"، ثم تليها فى منتصف النهار رائحة الصيادية، ولا ننسى "المدفونة" يتم فيها طبخ الأرز مع السمك فى إناء واحد بحرفية عالية حتى لايختلط شوك السمك مع الأرز، وفى المساء الأكلة المميزة "الغمسة" أو طاجن السمك المسبك كما يسميها أهل الصعيد.وأوضح سليمان أنه كان قديما عند عودة الصيادين من البحر فى أى توقيت تقوم النساء على الفور بتنظيف السمك وتعد الطعام للأسرة حتى لو كان فى وقت متأخر من الليل، نظرا لعدم وجود وسيلة لحفظها طازجة مثل الثلاجات التى لايمتلكها إلا القليل من كبار القوم وبعض شرائح المجتمع مثل العاملين فى شركات البترول والموظفين الحكوميين، لذلك فهم مضطرون إلى طبخها فى حينها أو التخلص منها عن طريق إهدائها إلى الأهل أو الجيران فى ظاهرة جميلة أبطالها الأطفال تجدهم يحملون الأطباق المليئة بهذه الأسماك فى مشاهد متكررة بين الحوارى والأزقة، وغالبا لاتكون فارغة فى طريق العودة وبها ما يسعد قلوب هؤلاء الأطفال.
مشاركة :