عندما يسجل المواطن الشجاع اسمه في قائمة الأمن الوطني، ثم يحمل روحه على راحته وينخرط في عمله المقدس، فإنما يقدم الدليل والبرهان الذي لا يقبل المفاصلة على فدائيته وتضحيته ونبل انتمائه وصدق امتثاله لتعاليم دينه ومعاني وطنيته، ويعبر عن حبه وعشقه لتراب وطنه وأرضه.. وتلك هي قمة المعاني الكريمة لوجود الإنسان وحياته وتاريخه في هذه الحياة فيما ينتظره رضا الرب وجزاء الإحسان في الحياة الأبدية. وعندما نشاهد أرتال رجال الأمن يقدمون أرواحهم ويذهبون لوجه الله ثم في سبيل الوطن والمواطن في الخارج أو في الداخل تتعلق أرواحنا بهم، وتهطل لهم آيات التقدير والاحترام والإعجاب، وترتفع إلى الله سَبَحاتُ الدعاء بالقبول والرضوان ومقاعد الصدق والإحسان عند المليك المقتدر. ليس هناك لدى الإنسان شيء أثمن وأغلى من النفس والروح وأنفاس الحياة، غير أن أبطال الأمن يسجلون الغالي والنفيس في قائمة الانتظار على خط المواجهة والخطر والنار وليس بين أعينهم سوى الشهادة والوطن والدار وأهل الدار. ترى.. أيّ قلوب تنبض بين جوانحهم؟ وأيّ نفوس تتنفس بين محاني ضلوعهم؟ وأيّ دماء تتدفق في عروقهم؟ وأيّ قوة وعزيمة وإقدام تتفجر في أنسجتهم وخلاياهم؟! وأيّ ثبات وطمأنينة تستوطن فرائصهم؟! إن قراءة الخارطة الذاتية لتكوينهم وهم يقبضون على عُدَدِهم ويُؤَمِّنون عتادهم تصيب الإنسان بالهلع والخوف ويرتعد فيه كل شيء متمتماً بمثل هذه التساؤلات: كيف يمكن لإنسان من لحم وعظم ودم أن يكون بهذا القدر والمقدار من القوة والصبر والاحتمال، وبهذه العظمة في الاضطلاع بمهماته الإنسانية الوطنية النادرة؟ وكيف لإنسان ذي قلب وروح وتفكير وتقدير أن يتحول إلى مخلوق ليس لديه زمان ولا مكان ولا مجال للتأمل في غير الفداء والتضحية، ولا إمكان للتصالح إلا مع الحياة التي تسر الصديق، وإلا فمرحباً بالممات الذي يغيظ العدى! لقد أثبتت وأكدت تلك القوافل العظيمة من شهدائنا من رجال الأمن في الداخل والخارج غلاء هذا الوطن وعزته ورفعته وقيمته التي قدرها الأبطال بالأرواح والنفوس، وقد شمخ الوطن وأشرقت جهاته ورفرفت راياته، وهو يشيع أرتال الشهداء من أفذاذ الأمن ويضمهم في قلب ثراه البهي الطاهر. إذاً.. ليس أمام المواطن بفئاته كافتها وأطيافه كلها إلا يقف بالتقدير والاحترام والإكبار والإجلال لأبطال الأمن ولأفذاذ الأمان.. وأن ينضم إليهم ويقف معهم في مهماتهم الوطنية الكبيرة، وأن يؤدي (تعظيم سلام) لكل فرد من أفراد الأمن في أي قطاع كان؛ فلهم الحق كاملاً.. حتى في تلك اللحظة التي يتناول فيها أحدنا الشاي وهو في منتهى طمأنينته في نفسه وأهله وماله وعرضه. قلوبنا معكم يا رجال الأمن.. وأرواحنا معكم.. ونفوسنا معكم.. وكلنا معكم.. وحقيقة أزلية أننا لن نوفيكم ما تستحقون.. لكن الله يشهد ورسوله والمؤمنون بسيرتكم التي لا تقاربها سيرة على وجه الأرض، وأنكم المفلحون، وبأنكم مع الأنبياء والصالحين والصديقين والشهداء يوم لا ينفع مال ولا بنون. هنيئاً لكم بالرضا والقبول.. وهنيئاً لنا بكم فوق الأرض وتحت الأرض.. ويوم العرض.
مشاركة :