منى زيدو تكتب: المرأة ثورة وليست عورة

  • 2/6/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تحاول معظم النظم في العالم بشكل عام ومنطقتنا على وجه الخصوص الإلتفاف على الكثير من المصطلحات واعطائها معاني مختلفة ومنفتحة على الكثير من التأويل والمعنى، وذلك لإفراغها من محتواها وجوهرهم الحقيقي بهدف بناء نظم من المعلومات المغلوطة والتي تؤثر بشكل أو بآخر على وعي الإنسان وإدراكه وبالتالي على عملية بناء المجتمع ومنه الإنسان والعائلة، التي يمكن اعتبارها أصغر خلية مجتمعية وبنفس أهم مؤسسة تعتمد عليها كافة النظم لتمرير أجنداتها بمختلف توجهاتها. المقاربات التي تتم من النظم الحاكمة من المصطلحات توحي دائما إلى نشر التعريفات المتناقضة حتى على مصطلح واحد وبنفس الوقت على علاقة المصطلحات مع بعضها البعض. التقربات القومية والتعصب فيها وكذلك التشدد في المصطلحات الدينية وتعليقها حسب المكان والزمان والمصالح المرتبطة برأس الهرم الديني والقومي تعتبر من أهم الأطراف التي تعبث بعقول المجتمع ووعيه. فإذا نظرنا مثلا عن أهمية الوطن عند كلاالطرفين (المتعصبين القوميين المتشددين الدينيين)، نراهما يتقربون بشكل تكتيكي مصلحي أكثر ما هو مبدأي ومن الثوابت. كلنا نعلم أن قيمة الوطن تأتي من الوطنية والانتماء الوطني للأشخاص بغض النظر عن قوميتهم ومذهبهم وجنسويتهم من الناحية النظرية، لكن حينما ننظر عمليا كيف يتم التقرب من الإنسان ضمن هذا المجتمع المحكوم لنظام متعصب قومي ومتشدد ديني نرى أن لا قيمة للمواطن وان الكل هم ضحايا وقرابين بالنسبة للوطن الذي لا ينتمون إليه إلا في الهوية أو البطاقة أو جواز السفر الذي يحملونه، وخارج ذلك هذا الشخص لا يهمه من أمر الوطن بشيء سوى التصفيق والتهريج لهذه الجهة أو تلك. ثمة الكثير من المصطلحات يمكننا تناولها في هذا الإطار ولكن أهمها الذي ينبغي التوقف عليها هي مكانة المرأة لدى كلا الطرفين في المجتمع من الناحية النظرية وكذلك العملية والواقع المعاش الذي يعتبر مرآة لما نؤمن به؟ وما هو دور القوى المهيمنة ومن بعدها النظم السياسية الحاكمة في فرض هذه الآليات على المجتمع. المرأة هي نصف المجتمع ولا حرية من دون حرية المرأة والمساواة بين الجنسين وكوتا المرأة في المؤسسات، والكثير من أمور الأحوال الشخصية والقوانين التي تقر بوجود المرأة وهي صاحبت كيانها هذا من جهة التعصب القومي، ومن جهة أخرى حينما نتعقب ما يروج له أصحاب التشدد الديني بأنه المرأة مكانة خاصة في الدين وان الأنبياء خصوا المرأة بكثير من الحريات والاحترام وان الجنة تحت اقدامهن وان طاعتهن واجب على كل شخص وانه لا تقل لهما أفٍ وان رضى الله من رضاها وغيرها الكثير من التعريفات التي حفظناها عن ظهر قلب ونرددها فقط من الناحية النظرية. على أرض الواقع نرى بأن هذه المصطلحات والتقربات غير متواجدة ولا يؤمن بها إلا القليل والسواد الأعظم يسمعها كخطب صماء إن كانت على المنابر أو ضمن الاجتماعات والشعارات الحزبية لا غير. وهذا ما أدى عبر الزمن لظهور شخصيات أصابها داء الانفصام بالشخصية وتمتلك شخصيتين أو تتقمص قناعين يتم استخدامهما وقت الحاجة وحسب الظروف والمصالح. هذه الازدواجية بالشخصية التي طغت على المجتمع باتت ثقافة عامة أو من الموروثات الشعبية والعادات والتقاليد ولا يستطيع أحد الاقتراب منها أو نقدها حتى. وبما أنه العقلية الذكورية هي الحاكمة والمتسلطة على المجتمع في منطقتنا، يمكن اعتبارها اي النظم هذه هي المسؤولة المباشرة عن ما يعانيه المجتمع من حالة تشتت وانفكاك رهيبلا يعبر عن جوهره مطلقا. فحينما تكون المرأة في الموروث الشعبي ناقصة عقل ودين وكذلك انها خلقت من ضلع أعوج وانه عليها فقط طاعة الرجل وتلبية شهواته ورغباته متى ما أراد هو فقط، وكذلك حرية المرأة كامنة في تقصير الملابس والسهر والعمل فيما تريده وتتمكيج مثلما تريده بشكل تقليدي أعمى للثقافة الغربية. حينها فقط نحصل على مجتمع مسخ ليس له أية علاقة بالإنتاج والتقدم والتطور. لذلك نرى المجتمع عبارة عن شخوص مرضى يصيبه العورة في أتفه الأسباب، بينما ضياع الوطن والثقافة تعتبر قضية فيها وجهة نظر ويمكن النقاش عليها فقط. لذلك يحتاج المجتمع أن يعود لذاته وحقيقته وهذا غير ممكن ابدا إلا بالقيام بثورة حقيقية تكون المرأة عمادها ومحورها وغايتها. يتحرر المرأة من المعتقدات البالية والابتعاد عن التعريفات الجاهزة والبحث عن معاني أفضل لرسم مستقبل زاه تكون للمرأة لونها الخاص وتطبعه بطابعها الخاص. وتكون المرأة هي الثورة وليست عورة كما يريدها المستبدون. ولنا بثورة روج آفا مثالا حيًا لما نسعى لمعرفته على أرض الواقع. ففي هذه الثورة أثبتت المرأة مكانتها وقدرتها على ريادة الثورة من كافة النواحي السياسية والعسكرية والدبلوماسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. بات ما تقومبه المرأة مثالا يحتذى الكثير من المؤسسات النسوية لما وصلت إليه المرأة.

مشاركة :