منى زيدو تكتب: المرأة أول ضحية في مأساة سوريا

  • 2/13/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لعل الكثير من شقيقاتي النساء في الداخل السوري يتحسرن على ما آلت إليه الأزمة السورية على يد من ادَّعو وسموا أنفسهم بالمعارضة، لكن حقيقتهم باتت تتكشف وتنفضح بعدما أوصلوا الثورة إلى مأساة بكل معنى الكلمة. ولم تجنِ المرأة من هذه الثورة سوى المزيد من الحزن والبكاء والحسرة على ابن فقيد أو زوج معتقل أو ابنة مغتصبة أو عاهات شوهت جسدها جرَّاء مشقات النزوح من مكان لآخر باحتةً عن خيمة تؤويها. إنها الثورة التي يقودها حثالات المجتمع ممن راحوا يكبرون باسم الله ويرددون وراء خليفتهم أردوغان سورة الفتح والنصر وهم يحتلون مدنٍا آوتهم في يومٍ ما، وشردوا شعبها وقطعوا أشجار مدينتهم وخربوا شواهد قبور آبائهم وأجدادهم. مثل هكذا معارضة جعلت قسما من الشعب يلعنهم لأنهم تركوا المستبد الأساسي وراحوا يقتتلون فيما بينهم تنفيذًا لأوامر أردوغان الذي جعل منهم مرتزقة وبنادق تحت الطلب. نعم، نحن النساء السوريات إن كنا في الداخل أو المهجرين مننا نحس ونشعر بآلام بعضنا البعض في أنّ من ادعى يومًا بأنه يمثلنا في الله والدين، هاهم اليوم يبيعوننا في أسواق سوتشي للنخاسة بيد من جعل من نفسه خليفة لنا، لكنه لم ولن يكون أفضل من المرتزقة. أخواتي السوريات أقول لكن وإن كنت خارج الوطن لكن قلوبنا وأرواحنا ما زالت متعلقة بكل حجر في زاوية من زوايا الحارات التي كنا ننتظر فيها الكرامة والحرية وأن نكون نصف المجتمع الذي كنا ننشده يومًا ما. نشعر بالإمكانيات التي تئِنون من أجلها وربما تتمنين أن تكون أنتن أيضًا خارج الوطن، لكن كنَّ على يقين فاللواتي في الخارج أحوالهن ليست أفضل ممن في الداخل. لأن الكل يتحسر على عودة الاستقرار لربوع سوريا من شمالها حتى جنوبها، ومن شرقها حتى غربها. لأنه لن يعرف قيمة الوطن إلا اللواتي فقدن طعم الأمان والانتماء.  لا تصدقن أخواتي أن ثمة أمان خارج الوطن، فمن تشاهدنه يضحكن ويمرحن ويلبسن الأزياء والبنطلونات المقطعة ليكشفن عن أجسادهن، صدقوني أخواتي في الداخل هؤلاء الفتيات لا يختلفن أبدًا عن المعارضة التي مزقت الوطن لتكشف عن فيه عورته لتبيعه في أسواق الدعارة والنخاسة إن كانت السياسية منها في آستانة وسوتشي أو مواخير اسطنبول وأوروبا. المرأة دائمًا هي البضاعة التي يتم البازار عليها من كِلا طرفي الصراع في أية صراع وعنق يحدث في أي مكان. وسوريا ليست استثناء من هذه الحالة، بل هي استمرارية لنفس العقلية الذكورية التي تعتبر أن الثورة من ملكيتها الخاصة ولا دور للنساء فيها سوى في إشباع غرائز الذكور إن كان بشكل مشروع عن طريق جهاد النكاح أو بشكل غير مباشر شكليًا ولكن يتم شرعنته عن طريق اصدار الفتاوي حسب الطلب وذلك عن طريق السبي. مع أنه كِلاهما يعتبر اغتصابا وزنا ومحرما في كل الديانات، لكن المتدينين وكهنوت الدين يفسرونه وفق ما هم محتاجون إليه. وهكذا يتم تدمير المرأة على أساس أنها تمثل نصف المجتمع أما النصف الآخر فهو مدمر بالأساس عن طريق مؤسسات الدولة الاستبدادية بالأصل. المرأة مغتصبة جسديًا إن كنَّ في الداخل أو حتى في الخارج وكذلك مغتصبة سياسيًا واقتصاديًا ومجتمعيًا ودبلوماسيًا. هذه حقيقتنا نحن النساء وعلينا الإقرار بذلك والاعتراف به وإن خدعتنا النظم الاستبدادية ببعض الوظائف الشكلية إن كانت في البرلمان أو الوزارات أو في مؤسسات الدولة ذات السلطة الذكورية، فهذا لا يعتبر حرية بقدر ما هو عبودية مقننة وشكلية تسعى لها النظم لتخدير واسكات الشعب بهكذا حريات فردية. إن لم تتخذ المرأة مكانتها ضمن الثورة وتأخذ حقها بيدها لا يمكن لهذه الثورة أن تنجح مطلقًا. وهذا ما رأيناه في آلاف الفتيات اللواتي حملن السلاح وحاربنَّ داعش وقضين عليه بزغاريدهنَّ ومئات الشهيدات اللواتي ضحين بأنفسهن لحرية المرأة والمجتمع من السلطة الذكورية. آفيستا وشيلان وساكينة وبارين كوباني لم تكن الأولى ولن يكنَّ الأخيرة، بل هنَّ حلقة ضمن سلسلة طويلة جدًا من النسوة اللواتي يناضلن ويكافحن من أجل حرية المرأة في كل مكان. ليكنَّ هنَّ قدوتنا على طريق الحرية لاستعادة سوريا إلى مكانها الطبيعي وتحريرها أولًا من أيدي المرتزقة الممولين من أردوغان وتحرير كافة المدن التي احتلها الجيش التركي وبعدها نلتفت للمستبد الحقيقي.

مشاركة :