كثر الحديث في الأيام الماضية عن ما يعرف بـ(صفقة القرن)، وهو المسمى الذي تبناه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق السلام في الشرق الأوسط من بوابته الفلسطينية الإسرائيلية، وهو عنق زجاجة لم يستطع رئيس أمريكي المرور من خلاله وتحقيق السلام بين أصحاب الأرض الفلسطينيين والغزاة الإسرائيليين الصهاينة! ثمانون عامًا والشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي القادم من شتات الأرض، فمنذ العام 1948م حين تم الإعلان عن دولة إسرائيل وقبلها بسنوات، حين تم قطع وعد أو إعلان وزير خارجية المملكة المتحدة آرثر بلفور عن تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي (2 نوفمبر 1917م)، فمنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا وحقوق الشعب الفلسطيني مسلوبة ومنهوبة. صفقة القرن أو خطة السلام التي قدمها الرئيس الأمريكي ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - المهدد بالسجن - تتضمن تسع نقاط؛ القدس غير مقسمة عاصمة لإسرائيل، المسجد الأقصى سيبقى تحت الوصاية الأردنية، كل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ستضم لإسرائيل، وادي الأردن سيكون تحت السيادة الإسرائيلية، الوصول إلى الأماكن المقدسة في القدس مسموح لجميع الديانات، عاصمة الفلسطينيين المستقبلية ستكون في منطقة تقع إلى الشرق والشمال من الجدار المحيط بأجزاء من القدس، نزع سلاح حركة حماس وأن تكون غزة وسائر الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح، إنشاء رابط مواصلات سريع بين الضفة الغربية وغزة يمر فوق أو تحت الأراضي الخاضعة للسيادة الإسرائيلية، اعتراف الطرفين بالدولة الفلسطينية بأنها دولة للشعب الفلسطيني والدولة الإسرائيلية بأنها دولة للشعب اليهودي، ألا تبني إسرائيل أي مستوطنات جديدة في المناطق التي تخضع لسيادتها في هذه الخطة لمدة 4 سنوات. تسع نقاط يخجل الفرد أن يطرحها على متخاصمين صغار في إحدى الحارات، فما بالنا مع شعب ضحى ولا زال يضحي من أجل استعادة حقوقه المسلوبة، القدس والمبعدين والمحبوسين وحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ومن يتأمل في تلك النقاط يرى أن فيها إقامة دولة الفصل العنصري ببقاء الجدار الفاصل في مكانه (وينبغي أن يكون بمثابة حدود بين عواصم الطرفين)، وتهويد كامل للأرض الفلسطينية حين أصر على أن تكون القدس دولة لإسرائيل (ستظل القدس عاصمة دولة إسرائيل، وينبغي أن تظل مدينة غير مُقسمة). إن معاناة الشعب الفلسطيني بدأت مع إعلان دولة إسرائيل على أيدي المنظمة الصهيونية العالمية عام 1948م، وهي المنظمة التي ارتكبت المجازر البشعة والأعمال الوحشية؛ مذبحة دير ياسين، مذابح صبرا وشاتيلا، مذبحة قانا، مذبحة المسجد الإبراهيمي، وحرق المسجد الأقصى، العدوان على غزة. سجل حافل من المجازر الصهيونية، كل ذلك وغيرها لم يشفع للفلسطينيين، فالإدارات الأمريكية المتعاقبة تغض الطرف عن تلك الوحشية. والغريب أن جميع الرؤساء الأمريكيين يضعون في برنامج عملها الانتخابي السعي لإحلال السلام في الشرق الأوسط، فجاءت القمم والاتفاقيات حبرًا على ورق!، بدءًا من كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو ومدريد وشرم الشيخ وأنابوليس وغيرها، ولم يتحقق للشعب الفلسطيني شيء على أرض الواقع، وليست (صفقة القرن) سوى (لعب بالبيضة والحجر)! بلا شك أن تلك الخطة (صفقة القرن) محاولة جديدة لفرض الأمر الواقع، وهي مشروع من لا يملك لمن لا يستحق، وحسنًا ما أعلنه الرئيس الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) بأن (القدس ليست للبيع).
مشاركة :