كليب (صامل الوقفة) من أداء سرور الروقي وكلمات عبد الرحمن العمري وإشراف محمد النفيسة وإخراج محمد الطناحي يمثل نموذجاً رائعاً للأعمال الشبابية الراقية. هو أولاً عمل يتفاعل مع المشهد الوطني الذي نعيشه عبر (الوقفة) الملكية الحازمة تجاه أشقائنا في الجنوب لحمايتهم من المد الصفوي الحقير. وفي نظري لا يتوقف هذا العمل وأمثاله عند حدود (الجمال) و (الروعة)، وإنما يمتد إلى مدى (التأثير). هو عمل مؤثر يزرع في النفس (الوطنية) شعوراً بالفخار والتعاضد والتلاحم. ومع ذلك أعلم أن مدى انتشاره ليس كبيراً مقارنة بالأعمال التي تتبناها وسائل الإعلام الرسمية أو حتى الفضائيات الخاصة المحسوبة على بلادنا. وغير (صامل الوقفة) أعمال إبداعية كثيرة يزخر بها (يوتيوب) الانترنت. صحيح أن بعضها (ناقد) ولاذع، وآخر واقعي صادق، وكثير منها فكاهي ممتع يقدم حلولاً ويروج لعادات حسنة وآداب منسية. ومع ذلك تظل حبيسة الانتشار الاجتماعي فقط، مع أنها مكلفة وتتطلب تمويلاً مادياً باستمرار، فالعمل الفني الجيد، يستنزف أموالاً ويتطلب جهوداً وعقولاً ومواهب معظمها غير متفرغ، وإنما يمارسها هواية واستمتاعاً. هل يتكرم إعلامنا الرسمي بوضع الآليات المناسبة والتنظيمات المنفتحة الملائمة لاستيعاب هذه المواهب الشابة الواعدة أو دعمها بطريقة أو أخرى، خاصة وأن لدينا اليوم هيئة للإذاعة والتلفزيون أقرب ما تكون إلى كونها قطاعاً خاصاً خارجاً عن الإطار الرسمي المعروف. بصراحة لا تزال هذه الهيئة في إطارها الحالي مصبوغة بالانطباع العام الذي يصورها مجرد امتداد لوزارة الثقافة والإعلام. وحتى تخرج الهيئة من عباءة الوزارة لا بد لها أن تصبح (غير) وتمسي (غير). ولعلّ أول الغيث تبني مثل هذه الأعمال الرائدة وتوجيهها وتصحيح مساراتها أحياناً. وهي أعمال وطنية من قلب مجتمعنا ومن بنات أفكارنا، وتمتاز بقلة تكلفتها مقارنة بالأعمال الأجنبية الجاهزة خاصة إذا كانت تُعرض لأول مرة. وهي خير ألف مرة من مسلسلات مدمرة وأفلام سيئة وبرامج مؤسفة. صحيح أن ليس بالإمكان مواجهة كل ذلك السيل الهادر، لكن حتماً بالإمكان إقامة بعض السدود التي تحد من آثاره وتغير شيئاً من اتجاهاته. لتكن بذرة وطنية طيبة، فلربما عانقت السماء بعد حين. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :