في موسم حجِّ هذا العام علامات بيِّنة فارقة، ومشاهد إنسانيَّة سامية، بعضها التقطته عيون الكاميرات الثابتة والمتحرِّكة، فازدانت بها صفحات معظم صحفنا اليوميَّة، وغدت كالنسيم العليل في يومٍ قائظٍ. وأخرى تناقلتها محطات التلفزة، فبلغت من أرجاء الأرض ما بلغت. مشاهد لطيفة رائعة رسَّخت في ذاكرة كل حاجٍّ؛ تَعرَّض لها، أو شهدها عن قُرب؛ لأنَّها مسَّت من القلب شغافًا، ومن الروح أُنسًا ومودَّةً. كثيرة هي المشاهد، منها ما غفلت عنه آلات التصوير، وعيون الصحفيين والإعلاميين، لكنَّ الله العليم البصير لم يغفل عنها، وستظل -بمشيئة الله- في سجل خالد يُسر به صاحبه يوم الدِّين. في حجِّ هذا العام تحديدًا مشاهد فاضت إنسانيَّةً ورحمةً ومودَّةً، بل أحسبُ أنَّ هذه الروح سرت في بطحاء عرفات، وفي وادي منى، وفي غيرها. إنَّها مشاعر الإنسان فاضت على مشاعر المكان. كم من صورة إنسانيَّة رائعة كان أبطالها من رجال الأمن، كما من غيرهم. رجال أمن تعلو وجوههم بشاشة، وتسبق أفعالهم الكلمة الطيّبة، والإشارة الرقيقة، والسعادة الواضحة، يعينون عجوزًا، ويرفعون صغيرًا، ويرشدون تائهًا، ويُقدِّمون ماءً طيِّبًا زلالاً، ويظلّون من وهج الشمس مرهقًا، ويساعدون متعبًا. وقد يظن أحدُنا أنَّ في ذلك جهد المقل، أو هو الواجب في أدنى حدوده. ربما كان ذلك في أعوامٍ مضت، لكنَّ استثنائيَّة هذا العام، أضفت على الجهود طابعًا خاصًّا، وبصمةً دائمةً، أحسب أنَّها ستظل في أذهان حجَّاج بيت الله هذا العام لأعوامٍ طويلة، بل ستُشكِّل صورة ذهنيَّة إيجابيَّة جدًّا عن المواطن السعوديّ، ممثلاً في رجل الأمن، كما في كل موظفي الدولة الذين كانوا في المشاعر، وفي المتطوِّعين كذلك. هي صورة من الحُسن، ستمحو سلبياتٍ سابقةً؛ ربَّما مارسها بعض المواطنين في أعوامٍ مضت، أو في مواقف مجتمعيَّة خلت. ربما كان تدريب العاملين في الحجِّ هذا العام مختلفًا وشاملاً ومتضمِّنًا الجوانب الإنسانيَّة، كونها العمود الفقري لخدمة ناجحة، خاصة في بقعة مُقدَّسة خاصَّة، وفي فترة ربانيَّة خاصة. شكرًا لكل مَن شارك في رسم هذه اللوحة الإنسانيَّة الجميلة، بدءًا بالقيادة العُليا في بلاد الحرمين، وانتهاءً بعامل النظافة البسيط. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :