من غموض، واضطراب، حول ما هي عليه، وماتأتي، وماتذر، وحول من صنعها، ومولها فإن كتبة الرأي المتحفزين لتفكيك الأحداث، وتبئير أي طارئ ملزمون بالحديث عن أي ضربة موجعة، تقع هنا، أو هناك. ثم تضاف إلى الفعل الداعشي بالتبني المعلن منهم، أو بالاتهام الموجه إليهم. [المملكة العربية السعودية] بما هي عليه من قوى متعددة الأبعاد مستهدفة من أي تنظيم، يمارس العنف، والتطرف، أو من أي دولة تتسم بالعدوانية، والثورية، وتصدير الطائفية، والإرهاب، أو من دول الاستكبار والاستبداد. إنها بامكانياتها الأقوى في المنطقة، تشكل عائقا للمنظمات المتطرفة، والدول الثورية التوسعية. واستقرارها، وتلاحمها، والتزامها بالعهود والمواثيق، يشكل تحدياً للرغاء الإعلامي الفارغ. وهي حين تستبق المكر السيء، وتجهضه قبل أن يقع، أو تكتشف أدق تفاصيله بعد وقوعه، فإن ذلك من توفيق الله، وتسديده {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}. ومسؤولوا الأمن في بلادي مُوَفَّقون، ومُسَدَّدون، ومغطون لكلِّ شبر من وطني. و تلك شهادة ننقلها، ولا ننفرد بقولها. فالمهتمون برجال الاستخبارات، والمباحث، وصناع الأمن في العالم يبدون إعجابهم برجال الأمن في المملكة. وضَرَباتُهم الاستباقيةٌ مِفْصَلِيةٌ، ومثيرة. وأنا هنا بكل ما أنا عليه من زهو، وافتخار برجل الأمن، أَحْذَرُ حصر التميز برمز، وأَحْذَرُ المباهات بالإنجاز. إنه فعل استثنائي، يُحْسَب لكل من أسهم فيه، من أكبر مسؤول، إلى أصغر مسؤول. ونحن حين نشير إلى الرمز -وهذا حق- فإننا لا نجهل من سواه. حاجة رجال الأمن، منا الدعاء الصادق، والمؤازرة الفاعلة، والشعور بأن كل مواطن رجل أمن يقف على ثغر من ثغور الوطن. وكل ثغر له أهميته، وخطورته. وعلى كل مواطن أن يتوفر على أكبر قدر من الحس الأمني. وما لا نريده التواكل، والركون إلى الإمكانيات، والتلهي بها كما قصيدة [عمرو بن كلثوم ]، والتصور بأننا في معزل عن الفتن، وأن عدونا سَيَعِي الدرس من خلال ضرباتنا الموجعة. دولتنا دولة محورية، ذات أعماق جغرافية، وبشرية، ودينية، واقتصادية. وحين نرمي بثقلنا في أي قضية، يكون إسهامنا فاعلاً، ومؤثراً. لأننا نملك المال الوفير، والمبادئ الثابتة، والأهداف النبيلة، والعلاقات الموثقة. لا نزايد على مصائرنا، ومصائر أمتنا. ولا نُسَوِّغ لأنفسنا العبث بأمن الآخرين، ومقدراتهم. لهذا فنحن هدف لكل طامع. الذين يقبعون وراء اللعب القذرة، يعرفون حجم تأثيرنا، ويعرفون أننا جوف الفراء، إذ كل الصيد في جوف الفراء، وهم لكي يمرروا لعبهم، يمارسون معنا التخويف، والتهوين من شأننا، والتشبع بالإدعاء العريض، وقد يدبرون بعض المكائد، لشغلنا، أو لحملنا على الإذعان، أو الانطواء، واعتزال معترك الأقران. وقد تَخْدَع الدعاية الكاذبة المتسطحين، فيميلون بعض الميل، وقد يمارسون القول، أو الفعل. وقدرنا العصيب أننا وسط المعمعة، نضطلع بالهم الخليجي، والهم العربي، والهم الإسلامي. ونحن شركاء فاعلون في الهم العالمي، وفاعلون مؤثرون على كافة القرارات العالمية. صحيح أن خيارنا سلمي، حواري، تعايشي، تصالحي. واللاعبون قد لايجدون مصالحهم في شيء من هذه الخيارات، حتى أصدقاؤنا ربما يضيقون من حلمنا وأناتنا. لقد تجرعنا مرارات متعددة الأشكال، متنوعة المصادر، مختلفة المستويات، ومرت كما لو كانت أمواجاً تتكسر على سفح جبل أشم. والأغبياء هم الذين يُعِيدون التاريخَ بحذافيره، و لو استعدنا التاريخ الحديث، لوجدنا ذات [السيناريوهات] تتكرر ببلاهة معتقةٍ، وبصيغ مختلفة، ومقاصد واحدة. فكم عانينا مع [جمال عبد الناصر] و[صدام حسين] و[معمر القذافي] من مصائب متفاوتة المستويات في النوايا، والأهداف، ومرت دون أن تحقق ماتريد، وها نحن الآن نعاني مع [صالح] و[المالكي] و[بشار] ومن دونهم، ومصيرما يصنعون مصير أسلافهم. وما بدر من هؤلاء وأولئك أحداث مُحَبَّرة على صفحات التاريخ، وإن كنا نود ألا نستعيدها، لأنها قد تسيء إلى الأحياء. والرسول صلى الله عليه وسلم أدرك ذلك بعد [الفتح]، إذ لم يكن حفياً باستعادة ما لقيه من أذى. ولعل من أقرب الأمثلة مافعله مع رأس المنافقين [عبدالله بن أبي بن سلول] تقديراً لابنه المؤمن الصادق الإيمان، ومحاولة لتأليف القلوب، وحفظ السمعة. الشي الذي نحمد الله عليه أن العاقبة كانت لنا، ولم تكن علينا، ولكن الثمن كان باهضاً، ومؤثراً على خططنا التنموية، ومشاريعنا المستقبلية. والأحداث التي نواجهها، والمكائد التي تدبر ضدَّنا مآلها إلى الفشل، متى استطاع الشعب السعودي تفهم الموافق، ومتى صَعَّد تلاحمه، وتماسكه، كلما صَعَّد الأعداء حقدهم، وضغائنهم. الشعب السعودي بكل مكوناته وحده الذي يجهض التآمر، وهو وحده صخرة الوادي إذا مازوحمت. ومتى فشل الأعداء في اختراقه، فإنهم سيفقدون كل مقترفاتهم في الوطن العربي. رهان الأعداء على تزعزع الجبهة الداخلية، ورهاننا على تماسكها، فلنحفظ الساقة، والمقدمة، ولنخيب آمالهم. حادثة [الدالوه ] و[ القديح] و [ مسجد العنود ] طُعْم مسموم، لجر قدم الطائفية، و إغراؤها بالنهوض عنهم بمهمة تدمير الذات. إخواننا الشيعة، يدركون قذارة اللعبة، ويتقرون أهدافها الأقذر وفلتات الألسن من ذهول الصدمة، ثم إن لكل نحلة سفهاءها، لقد تبادلنا معهم واجبات العزاء، والمواساة، واعتبرنا الحادث وطنياً، وليس طائفياً. وسنظل مَعاً، نُفَوِّتُ الفرص على الأعداء المتربصين. لأن المواطن العاقل الرشيد لن يرضى أن يكون وطنه كـ [العراق] و[الشام] و[اليمن] وسائر الدول التي تعرضت للفراغات الدستورية. إن مقاربة الحدث المستقذر بكل المقاييس، تتشعب فيه الرؤى، والتصورات، وبقدر فداحته، تتنوع القراءات. وما على المقاربين من بأس، حين تتنوع لقطاتهم، ثم لا تمس الثوابت المتمثلة باللحمة الوطنية. إن وراء الأحداث ما وراءها، والمواطن حين لا يختصر نفسه بحدث معين، يكون استعداده شمولياً، ورده كلياً، ولربما يكون الآتي أدق، وأوسع. وعلى المواطن أن يكون مستعداً لمواجهات متعددة الأشكال، والألوان. نحن في حالة حرب، وللذبيح رفسة موجعة، فالنحذرها، بعدما وجبت جُنُوب عملائه، العمليات الإرهابية التي تعرضت لها المملكة، في بقاع كثيرة، وعبر سنوات متلاحقة إن هي إلاجس نبض، ومجسات تسبق ما هو أشد وأنكى، فلنكن في مستوى المرحلة، يقظة، واسعداداً واهتماماً بالقوة المعنوية، لأنها عضد القوة الحسية. إياك إياك أيها المواطن أن تخور قواك، أو أن تصنع بك الشائعات ما يوده مرجودها. إن حرب الشائعات، والحرب النفسية تسبق المكر السَّيء، فلنضع في أذاننا طينا، وفي الأخرى عجينا. حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.
مشاركة :