لقد استمعنا كثيرا إلى نقاشات وحوارات مطولة حول المؤثرات الفكرية والثقافية والأخلاقية السلبية التي تحيط بشبابنا من مختلف الجهات، وفي المقابل نرى غفلة من قبل الأسرة أولا، ومن المؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية ثانيا، ومن الجهات الإعلامية الرسمية والخاصة المقروءة والمسموعة والمرئية ثالثا. لا ننفي بأن هناك محاولات فردية تمارس هنا وهناك من أجل صيانة عقول الشباب من أية اختراقات فكرية وثقافية وأخلاقية غير سوية، لم يكن شباب الأمس البعيد والقريب قد تعرضوا إلى هجمات فكرية وثقافية قاسية، كالذي يتعرض إليه شباب اليوم، هناك من يقول لابد من دراسة هذا الموضوع بشكل جدي، ووضع برامج فكرية ثقافية أخلاقية عملية، للحد من تأثيراتها السلبية على الشباب.ولا أحد يختلف من العقلاء الواعين أن التغافل عن هذه المسألة، له انعكاسات خطيرة على أخلاقيات وسلوكيات وتقاليد وعادات ومعتقدات الشباب، بالتأكيد أن معالجة هذا الأمر تحتاج إلى تضافر جهود المؤسسات الرسمية والأهلية والأسر والمجتمع بكل فئاته، والعمل بجد في تحصين الشباب من الأفكار الهدامة، فالآباء الذين يسهرون في المقاهي والمجالس الاجتماعية إلى ساعات متأخرة من الليل، عليهم أن يرجعوا إلى بيوتهم ويتحملوا مسؤولية الحفاظ على أبنائهم من الانزلاق في متاهات الثقافات والأفكار غير الرشيدة، فكثير من الأبناء الشباب، تبرز في أذهانهم علامات استفهام كبيرة، ولديهم استفسارات حائرة، لم يجدوا من يجيب عليها بشكل واضح.إن الآباء الذين لا يجلسون مع أبنائهم ويستنطقون ما يدور في عقولهم، ويفككون لهم كل الطلاسم التي يغيب فهمها واستيعابها عن أذهانهم، فأنهم يتحملون كامل المسؤولية إذا ما تلوثت عقولهم وأفكارهم بالثقافات المنحرفة، فحوار الأباء مع الأبناء ضرورة حتمية في عصرنا الحاضر، لوقايتهم وتحصينهم من سوء تلك الثقافات غير العاقلة، الكثير من شباب أمتنا العربية والإسلامية خسروا أعمارهم وتركوا لوعة في قلوب أبائهم وأمهاتهم، بإستغراقهم في دهاليز وأنفاق العالم الإفتراضي، الذي يحولهم إلى آلات من غير عقل، تتحرك بهم إلى اتجاهات مهلكة من دون إرادة ذاتية.في عالم الإنترنت والشبكات العنكبوتية، لا مكان للذين يعيشون الغفلة واللامبالاة، شبابنا في أعناقنا جميعا، لا نسلمهم لشياطين العالم الافتراضي وإلى الأفكار والثقافات الفاسدة، ليلعب بعقولهم كيف ما يشاؤون، لابد أن نشعرهم بقيمتهم الإنسانية، بالقول والعمل، وأن لا يرونا عاجزين عن حل معضلاتهم الفكرية والعقائدية التي تتكدس في عقولهم، الدوائر التي تعمل ليلا ونهارا لتضليل الشباب وتشتيت أفكارهم وتلويث ثقافاتهم وتخريب سلوكياتهم، وتدمير كيانهم الإنساني، وإضعاف معنوياتهم، وتحطيم نفسياتهم، كثيرة ومتعددة التوجهات والأهداف، ولديها إمكانات مادية ولوجستية ضخمة جدا، وجميعها تستهدف عقول هذا الجيل، لجعله من غير هوية معتبرة لدى العقلاء. لابد أن يكون جميع الأباء والأمهات على قدر كافٍ من الوعي والتعقل وحسن التصرف مع أبنائهم وبناتهم، لكي يتمكنوا من إيجاد تحصين قوي ووقاية محكمة لهم، وعليهم أن يعلموا أنه لا مجال للتراخي والتأخير في هذا الشأن المهم.سلمان عبدالله
مشاركة :