مقاربات بين وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة التقليدية

  • 2/17/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الدوحة - قنا : أكد المشاركون في مجموعة العمل الرابعة، التي ناقشت إمكانية استمرار المنصات الإعلامية في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي، أن الصحافة التقليدية لن تموت وأنها ستستمر في أداء رسالتها بالرغم من المنافسة التي تواجهها من جانب وسائل التواصل الاجتماعي. وقدم المتحدثون مقاربات لما تتضمنه مواقع التواصل والصحافة التقليدية من معلومات ومزايا كل منها وتأثيراتها على المتلقين. وأكدت السيدة زولينا لانيز نائبة رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين ورئيسة اتحاد الصحفيين الأمريكيين اللاتينيين، في كلمة لها خلال الجلسة، أن مواقع التواصل الاجتماعي لن تحل محل الصحافة التقليدية، ولكنها ستجعل الصحفيين أكثر حرصا على تقديم محتوى جيد للتفوق على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت إنه يتعين على الصحفيين ممارسة النقد الذاتي والتدقيق في عملهم والتأكد من صحة المعلومات والاخبار التي ينشرونها حتى يستعيدوا ثقة القراء في الصحافة التقليدية، مشددة على أن دور الصحفي ليس هو نقل المعلومات كما هي، ولكن يتعين عليه في المقام الأول أن يتأكد من صحتها، حيث إن الذين قاموا بالكشف عن الكثير من حالات الفساد الكبرى في العديد من دول العالم هم الصحفيون المحترفون. وأضافت لانيز أن الصحفيين يعانون من مشكلة واضحة تتمثل في أن مواقع التواصل أصبحت مصادر لمعلوماتهم، مبينة أن القراء فقدوا الثقة في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب الأكاذيب الكثيرة التي يتم ترديدها وترويجها عبرها، لذلك بدؤوا في العودة الى الصحافة التقليدية لانهم يرغبون في الحصول على معلومات حقيقية، لا يوفرها سوى الصحفيين فقط. وتابعت نائبة رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين قولها "إنه يجب علينا أن نعمل من أجل استعادة الصحفيين كرامتهم، والمهنة مكانتها التي تستحقها، والالحاح في الدفاع عن هذه المهنة بشدة". من ناحيته تحدث السيد بول مورفي الرئيس التنفيذي لتحالف وسائل الإعلام والترفيه والفنون، عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمنصات لنشر الشائعات والأكاذيب، لاسيما من جانب الطبقة السياسية والأحزاب على وجه الخصوص، في الوقت الذي يجد فيه الصحفيون أنفسهم في مواجهة مثل هذه الاخبار المضللة والخاطئة. وأكد وجود تناقض بين ما تقوم به مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الصحافة، ضاربا المثال بنماذج لبعض الاخبار والاكاذيب التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بأسباب حرائق الغابات التي اندلعت في أستراليا، لافتا إلى "التنمر السيبراني" الذي يجسده تعرض الكثير من الصحفيين لهذا النوع من التنمر، حيث يجلس الكثير من الاشخاص خلف الشاشات مستخدمين مواقع التواصل المختلفة كمنصات ليكيلوا من خلالها الاتهامات جزافا للصحفيين في الوقت الذي لم تتخذ فيه هذه المواقع أي وسائل لحمايتهم من هذا التنمر. وأكد مورفي مسؤولية مواقع التواصل الاجتماعي عما يشعر به الصحفيون من إحساس بعدم الأمان بسبب "التمييز السيبراني" الواقع عليهم. بدورها، تحدثت السيدة إيلينا بيروتي المديرة التنفيذية لقسم السياسة الاعلامية والشؤون العامة في الرابطة العالمية للصحف وناشري الأخبار مقرها فرنسا، عن الاعلام القديم والتقليدي وفرص استمراره في ظل الاعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن الاعلام المستقل والحر هو الضمانة الوحيدة لحرية التعبير وجعل الصحافة مهنة مستدامة. ورأت أن الوضع ليس سهلا، خاصة في ظل تقلص الدخل الدعائي للإعلام التقليدي بشكل كبير وخسارة الصحافة المكتوبة خلال العشر سنوات الماضية لنسبة 20 بالمئة من الانفاق الدعائي، في وقت يكسب فيه الاعلام الحديث بالغرب مثل غوغل وفيس بوك أموالا طائلة من الدعايات والاعلانات الرقمية بما يتخطى ثلثي المتوفر منها في مثل هذا السوق، لافتة إلى أنه في ظل هذا الوضع فإن وسائل التواصل الاجتماعي باتت تمثل تهديدا حقيقيا لاستدامة الاعلام التقليدي. كما تطرقت بيروتي للنظم والملاذات الضريبية والقانونية والتشريعية ذات الصلة بالنسبة لوسائل التواصل الاجتماعي والصحافة المكتوبة، وكذا المصداقية والثقة في هذه المؤسسات الاعلامية والصحفية بشقيها الحديث والتقليدي وإدارة الجودة في العمل الصحفي. ونبهت أيضا إلى ما يتعرض له الصحفيون من اعتداءات واساءات من قبل السياسيين وما يثيرونه ضدهم بنشر معلومات خاطئة ومضللة، ما يحتم على المؤسسات الإعلامية التحقق من الوقائع وصحة المعلومة ومحتواها، مبينة أن مسألة إعادة الثقة ومعالجة أزمة المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة تشمل الاعلام الرقمي والتقليدي على حد سواء. وأكدت على أن كلفة الاخبار عالية وإن حرية الصحافة تعتمد على التعددية والربحية في ذات الوقت، ما يتعين معه إيجاد حلول ملائمة لكل ذلك. من جهته، تناول السيد لاري جولدبيتر رئيس الاتحاد الوطني للكتاب بالولايات المتحدة الامريكية، موضوع استغلال الاعلام وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية الأمريكية وتأثيراتها البالغة في استقطاب الناخبين وتوجيه الرأي العام، معتبرا أن السياسة الأمريكية حاضنة للإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي منذ سنوات، ومشيرا إلى أن الروايات والمعلومات الخاطئة التي تنشر لا سيما عبر هذه الوسائل تحظى بمساحة واسعة أضعاف الصحيح منها وتؤثر على المجتمع بشتى شرائحه وفئات أعماره. كما استعرض كيفية استغلال السياسيين والمرشحين الأمريكيين لوسائل التواصل الاجتماعي في جذب الناخبين عبر حملات إعلامية منظمة تغذيها اعتداءات الذباب الإلكتروني ونشر الخوف والذعر بطريقة هادفة، إلى جانب حديثه عن جانب من المسائل والمواضيع التي تركز عليها الحملات الانتخابية الامريكية على المستويين الداخلي والخارجي لاستقطاب الناخبين بجانب حملات دعائية مصممة بطريقة افضل لجلب التبرعات وحشد المؤيدين سياسيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وكانت رئيسة الجلسة السيدة دومنيك برادلي الأمين العام للاتحاد الوطني للصحفيين في فرنسا، قد قدمت في مستهل حديثها، مقاربة بين وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام التقليدي وضرورة أن تتسم المعلومات التي تبثها أي من الجهتين بالمصداقية والجودة. كما تطرقت للصعوبات الجمة التي تواجه الإعلاميين في وقت يطلب فيه منهم القيام بكل شيء، داعية الى ضمان حرية وتدفق المعلومة الصحيحة حتى في ظل سيطرة رأس المال، وطالبت الحكومات بسن المزيد من القوانين والتشريعات التي تحمي الصحفيين. وطرحت العديد من الأسئلة بشأن حماية الصحفيين، والاعلام القديم والحديث وكيفية التأكد من استقلاليتهما، والفرز بين الاخبار الصادقة الجيدة والكاذبة ودعت إلى حلول ومقترحات تصب في خدمة مهنة الصحافة.

مشاركة :