تبدو حروب الجيل الرابع واضحة في المنطقة العربية خاصة بعد ثورات الربيع العربي في أواخر عام ٢٠١٠م، حيث قامت انتفاضات وثورات في عدد من الدول العربية ضد النظم الاستبدادية الحاكمة فبدأت في تونس ثم انتشرت إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا، ونتج عن تلك الثورات الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية في بعض الدول مثل تونس ومصر وهناك دول تحولت فيها الثورة إلى صراعات مسلحة وحروب أهلية مثل سوريا، كما انتشرت التنظيمات والجماعات الإرهابية التى استغلت حالة عدم الاستقرار والفوضى في المنطقة والتى تعتبر مثال لحروب الجيل الرابع، ومن أشهر تلك التنظيمات: تنظيم الدولة الإسلامية ”داعش” الذي يعتبر من أخطر التنظيمات الإرهابية الموجودة في المنطقة فيعود جذوره إلى جماعة التوحيد والجهاد الذي أسسها أبو مصعب الزرقاوى في العراق في عام 2004 م وتتمثل خطورة هذا التنظيم في أنه استطاع في سنوات قليلة أن يحتل أقاليم عراقية كاملة دون مقاومة تذكر وذلك بسبب انتشار حالة الفوضى في العراق الناتجة عن سياسات و قرارات الاحتلال الامريكى للعراق واستغلالهم للصراعات الأهلية في عامي 2005م و2007م كما توسع في مساحات واسعة من الأراضي السورية مستغلًا غياب الحكومة المركزية والحرب الأهلية ، وشهد هذا التنظيم المساندة من العديد من الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة في دول الخليج وحركة طالبان في باكستان ويعتبر تنظيم الدولة الإسلامية تطور نوعي في أجيال الحركات الإرهابية بشكل عام حيث ينضم إليه مقاتلين من مختلف الدول العربية والأجنبية، ويستخدم هذا التنظيم كافة أنواع الجرائم المادية مثل القتل والمعنوية مثل نشر الأفكار التكفيرية، بالإضافة إلى اعتماده على التكنولوجيا بشكل هائل، فنجد التقارير المصورة والتسجيلات المرئية عالية الجودة لما يقومون به من عمليات إرهابية.ولقد استخدم تنظيم “الدولة الإسلامية” طرق اتصالية أكثر احترافيًا من تنظيم “القاعدة” وظهر بخطاب اتصالي متقدم يعتمد على الصورة بكل أنواعها ويتخذ من التكنولوجيا ركيزة للترويج، وساعده في ذلك الطفرة في الشبكات الاجتماعية. وهذا ما يفسر بوضوح سرعة انتشار التنظيم ووصوله للمستهدفين – من مجندين أو ضحايا – بشكل أدق، كما أن إعلام هذا التنظيم يعمل وفقًا لاستراتيجية ممنهجة وإطار مؤسسي. ويقوم تنظيم “الدولة الإسلامية” بمخاطبة المتلقي الأجنبي وخاصة المواطن الأوروبي ولم يرتكز على خطاب الشباب العربي كما فعلت “القاعدة”، وهو الأمر الذي مكنه من استقطاب عدد كبير من المتعاطفين من الأجانب وذلك من خلال استخدام وسائل اعلامية باللغة الانجليزية والفرنسية سواء كانت مجلة دابق أو أفلام وثائقية أو محطات إذاعية يعتمد تنظيم داعش على استخدام أساليب متطورة لتجنيدهم ، واستغلال كل مشاكلهم من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية لاستقطابهم ، بتقديم منحة لكل من يرغب من عناصر التنظيم بالزواج ، كما أنهم استغلوا حالة الاغتراب التي يشعر بها الشباب، وتتمثل آليات داعش لجذب الشباب فى استخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة مثل مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع تبادل الفيديوهات وغيرها عن طريق نشر متواصل ليس فقط للبيانات الصادرة عن التنظيم والتي تتسم بإنها شديدة اللهجة وحاسمة ، وإنما أيضا مقاطع الفيديو التى تتسم بقدر كبير من الوحشية فى محاولة لتوجيه رسالة للمشاهدين بمن فيهم الشباب بتضاعف إمكانات التنظيم وقدرته على مواجهة بعض الجيوش التقليدية النظامية فى المنطقة العربية.لذلك لابد من تبني استراتيجية للمواجهة الالكترونية لتنظيم داعش والأفكار الشاذة من خلال تدشين مواقع إلكترونية لمواجهة فكر التنظيم وإطلاق الدعاة الشباب المستنيرين لمواجهة “كتائب الباطل” الداعشية وعلى شبكات التواصل الاجتماعى، بإشراف الأزهر الشريف رمز الوسطية والاعتدال ولا يكتفي بنشر الوعي والاعتدال والوسطية فقط داخل المنصات الإلكترونية ولكن لابد من إنشاء قنوات فضائية ومحطات إذاعية إسلامية بلغات مختلفة موجهة إلى أوروبا لنشر الفكر الاسلامى ورفع الوعي الثقافي الديني في المجتمع ومراقبة الإعلام المسموع ومواجهته بحزم حفاظا على وحدة الوطن.وللحديث بقية
مشاركة :