تحقيق: محمد إبراهيم تركز خطط واتجاهات واستراتيجيات وزارة التربية والتعليم، على تفعيل دور ولي الأمر، وتأكيد أهمية مشاركته في مسيرة بناء أجيال قادرة على مواكبة المتغيرات، ومجابهة تحديات المستقبل، وتعزيز مهاراتهم ومعارفهم وسلوكياتهم وفق ممارسات عالمية. ولكن على الرغم من وضوح تلك الرؤية في النظام التعليمي في الدولة منذ سنوات، إلا أن هناك بعض المدارس الخاصة التي ما زالت تغرد خارج السرب، بوضع ضوابط وسياسات داخلية لا تحاكي توجهات التعليم، بل ابتعدت عن أهدافه ومسارات تطويره.في وقت عبر عدد من أولياء الأمور عن استيائهم، لوجود لوائح وضوابط داخلية مبهمة وغير مبررة، وضعتها مدارس أبنائهم، إذ حجبت أرقام هواتف كوادرها، وبات التواصل معهم شبه مستحيل، لاسيما أن أبواب مديرها مغلقة ولا يسمح لهم باللقاء، فضلاً عن منعهم من الزيارة، للتعرف على مستويات أبنائهم العلمية والمعرفية والسلوكية، والمساهمة في تطويرها أو علاجها، وجعلت «البريد الإلكتروني والهاتف الأرضي» وسائل معتمدة للتواصل معها. ويرى خبراء وتربويون أن «بيروقراطية» بعض المدارس الخاصة، تخرج في معظم الأحيان عن المألوف، وتضع حواجز غير مبررة بين البيت والمدرسة، ولا تستند في مضمونها إلى سياسات تربوية، مما يهمش دور أولياء الأمور في التعليم، موضحين أنه لا يجوز تعارض اللوائح الداخلية للمدارس مع اتجاهات التعليم وأهدافه.«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي، آليات وضع اللوائح الداخلية في المدارس الخاصة، ومدى ارتباطها بالتعليم، وإلى أي مدى تعزز مشاركة أولياء الأمور في العملية التعليمية، ودور الجهات المعنية في تعديل عديم الفائدة منها. اتجاهات المنظومة البداية كانت مع وقفة ل«الخليج»، للتعرف على اتجاهات الوزارة، لتعزيز دور ولي الأمر في العملية التعليمية، إذ ركزت استراتيجياتها وخططها التطويرية على جعل أولياء الأمور «شركاء حقيقيين، في مسيرة التعليم بالدولة، واستحدثت عدداً من المسارات التعليمية والتربوية المهمة التي تعزز إسهامات أولياء الأمور في تطور ونهضة التعليم بدولة الإمارات. وبلورت الوزارة رؤية جديدة وخططاً طموحة جادة، لتحقيق التواصل والتكامل مع جميع فئات وشرائح المجتمع المحلي وتبادل الأفكار والخبرات، التي تخدم العملية التعليمية، وتسهم في بناء منظومة أسرية ومجتمعية تحقق التكاملية بين أولياء الأمور والمدرسة فضلاً عن تجسيد مبدأ استدامة المشاركة المؤثرة والفعالة في تعليم الطلبة، تحسين نموهم أكاديمياً واجتماعياً وذهنياً ومعرفياً. أما الجهات القائمة على شأن التعليم الخاص، وإن كانت تتمتع بصلاحيات منفصلة، وقرارات متفردة، تعني مدارسها التي تعمل تحت مظلتها، إلا أن جميع خططها واستراتيجياتها منبثقة من توجهات الوزارة، حاضراً ومستقبلاً، وتؤكد جميعها أهمية دور ولي الأمر وتعزيز فاعليته في العملية التعليمية. التعليم المطور وفي لقائه يرى الخبير التربوي الدكتور وافي الحاج، أن منظومة التعليم المطورة في الإمارات، أفرزت أدواراً جديدة لأولياء الأمور، ينبغي أن تدركها إدارات المدارس الحكومية والخاصة، لا سيما أنها تركز على إبراز دور ولي الأمر الحيوي في العملية التعليمية والتربوية، وينبغي وضع تلك الاعتبارات في الحسبان عن وضع اللوائح الداخلية والضوابط التي تسير العملية التعليمية في المدارس. وأكد أن منظومة التعليم تحتاج إلى تكاتف الجهود وتعاضد الأفكار، لتحقيق رؤيتها الطموحة في تخريج جيل ريادي يحقق المراكز الأولى في التنافسية العالمية، فضلاً عن تحقيق مؤشرات الأجندة الوطنية فيما يختص بالجانب التعليمي والتوعية، بأهمية مساندة أولياء الأمور لخطط تطوير التعليم، والمساهمة في بناء منظومة أسرية ومجتمعية لتعزيز التشاركية بين البيت والمدرسة، موضحاً أنه لا يجوز أن تتعارض اللوائح والضوابط الداخلية للمدارس الخاصة مع اتجاهات التعليم.وأوضح أن أولياء الأمور شركاء مهمّون مع منظومة التعليم، في التعامل الفعال مع الطالب والسعي إلى فهم شخصيته ومعرفة أبعادها والتنبؤ بسلوكها، ولم تتوقف أدوارهم عند الحدود المادية، بل تمتد لتشمل الإحاطة الكاملة بالأهداف التعليمية والحياتية، لأبنائهم وبناتهم، وتحديد دورهم في تحقيق الأهداف المنشودة في التعليم، مقترحاً إنشاء شبكة تواصل موحدة للتعليم الخاص، لتعزز مشاركة الأهالي مع المدارس في تعليم الأبناء. تواصل غير فاعل وأجمعت آراء أولياء الأمور «جمال العامري، وثناء عبدالله، ومها عبدربه، ومحمد طه، سما محمد»، على وجود معاناة متجددة مع مدارس أبنائهم الخاصة، إذ وضعت قيوداً في عملية التواصل مع المعلمين والأخصائيين، لاسيما أنها حجبت أرقام هواتفهم، وفي حال ذهابهم لزيارة تلك المدارس، لم يتمكنوا من لقاء المديرين، أو من ينوب عنهم.وأضافوا أن مدارس أبنائهم فرضوا عليهم التواصل عن طريق البريد الإلكتروني أو الهاتف الأرضي، للوقوف على مستويات أبنائهم التعليمية أو السلوكية، معتبرين أن تلك الوسائل غير فاعلة، إذ إنها تفتقر إلى اللقاء المباشر، ومناقشة الأمور المتعلقة بالأبناء سواء كانت تعليمية أو تربوية أو سلوكية، مما يضعف مشاركتهم في مسيرة بناء وتعليم الأبناء، لا سيما أن هناك مدارس تمنع دخول ولي الأمور إليها من الأساس. غير كافية وفي لقاء معلمين ومعلمات في بعض المدارس الخاصة، أفاد «م. عادل، ن. صالح، خ. علي، د. حسين، ط. طاهر»، بأن إدارات مدارسهم تمنع التواصل مع ولي الأمر بشكل مباشر، إلا عن طريق المدرسة وفي الوقت الذي تحدده، وفرضت عدم الإفصاح عن أرقام هواتفهم، حتى لو كان ذلك بناء على رغبة ولي الأمر، موضحين أن هناك بريداً إلكترونياً مركزياً، وهاتفاً أرضياً لمدارسهم، للتواصل مع أولياء الأمور في حال وجود إشكالية متعلقه بأبنائهم، فضلاً عن لقاءين مع الأهالي في كل فصل دراسي، بواقع ست مرات على مدار العام الدراسي.وحول فاعلية تلك الوسائل لمشاركة ولي الأمر، أكدوا أنها غير كافية، لاسيما مع الطلبة أصحاب المستوى المتدني الذين يحتاجون إلى تنسيق ومتابعة دائمين من قبل المدرسة والبيت معاً، فضلاً عن السلوكيات السلبية لبعض الطلبة، التي تعد إشكالية أخرى تحتاج إلى خطط علاجية ومتابعة ومشاركة بين المدرسة وولي الأمر، ولا يجوز التعامل معها بشكل تقليدي يقتصر على استدعاء ولي الأمر للتوقيع على إقرار أو تعهد، بل ينبغي أن يكون هناك خطة علاجية ممنهجة تجمع أطراف العملية التعليمية. شريحتان من الميدان التقينا شريحتين من مديري المدارس في الميدان، الأولى ضمت «خلود فهمي، سارة عبدالمحسن، وديمو سان جان، وسلمى حامد، خلدون عوض»، إذ أكدوا أن ولي الأمر عنصر مهم في العملية التعليمية وبناء الأجيال، ولها إسهامات فاعلة في تكوين وجهات نظر دقيقة حول الطلبة أكاديمياً وسلوكياً، الأمر الذي يجعل من حضورها أهمية قصوى في التعليم.وقالوا إن هناك لوائح داخلية لمدارسهم، ولكنها تنظيمية أكثر من اعتبارها قيوداً، حيث يستطيع ولي الأمر زيارة المدرسة في أي وقت، ولكن بعيداً عن وقت الحصص، وهناك قائمة متكاملة بأرقام هواتف المعلمين والأخصائيين والفنيين، تمكن ولي الأمر من التواصل معهم في أي وقت للوقوف على مستوى أبنائه، أو مناقشة أي أمر أو قصور ملحوظ على الطالب في البيت. سيطرة مركزية أما الشريحة الثانية، ضمت مديري مدارس «فضلوا عدم ذكر أسمائهم» وحذروا من ذكر أسماء مدارسهم، إذ أكدوا أنهم ضد ظاهرة الدروس الخصوصية؛ لذا منعت أرقام هواتف المعلمين عن أولياء الأمور، فضلاً عن أن هناك إشكاليات قد تحدث بين ولي الأمر والمعلم، لا تعلم عنها إدارة المدرسة شيئاً ولكن تتورط فيها بلا ذنب، لذا كانت الوسيلة الأكثر أمناً للطالب وولي الأمر والمعلمين، تكمن في وجود بريد إلكتروني مركزي وهاتف ثابت، لتتمكن إدارة المدرسة من السيطرة على جميع الأمور. وحول حجب أرقام هواتف الاختصاصيين، أفادوا بأن كل ولي أمر له تفكير يختلف عن الآخر، ويرى أبناءه من وجهة نظر أبويّة خاصة، لذا فكل من لديه شك أو إشكالية سيذهب إلى الأخصائي للسؤال أو الاستفسار، وهذا سيؤثر سلباً في المهام المسندة للأخصائي في المدرسة، وفي كل الأحوال تركز الإدارات على تطبيق لائحة السلوك التي عممتها وزارة التربية والتعليم. وحول دور ولي الأمر في العملية التعليمية، قالوا إن هناك حدوداً لمشاركة الأهالي في التعليم، وتدخل ولي الأمر قد يفسد في بعض الأحيان، ما تحاول إدارات المدارس معالجته في مستويات الطلبة التعليمية والسلوكية. رصد الميدان «الخليج» رصدت الميدان التربوي، وزارت عدداً من المدارس الخاصة في مختلف إمارات الدولة، وتبين «عدم وجود سياسات داخلية موحدة تحكم عمل المدارس»، بل كان لكل إدارة لوائح وضوابط وقوانين داخلية خاصة، ترتكز على أهدافها، وما يخدم مصالحها، فضلاً عن تواضع وسائل مشاركة أولياء الأمور في العملية التعليمية، وهناك فاعلية في التواصل بين الإدارة المالية بكل مدرسة وولي الأمر، وفي بعض المدارس لايوجد دور لأولياء الأمور. رقابة حاسمة طالب أولياء أمور بضرورة تدخل الجهات المعنية، والنظر في السياسات الداخلية التي تضعها بعض المدارس، ولا تلامس واقع الاحتياجات، وترتكز على الحالة المزاجية للملاك وإدارات المدارس، موضحين أن تجاوزات بعض المدارس تتفاقم يوماً بعد الآخر، والميدان التربوي في حاجة إلى رقابة فاعلة وحاسمة، لهدم الحواجز غير المبررة التي تفرضها بعض المدارس على أولياء الأمور.
مشاركة :