يتآزر العقلُ والمنطقُ فيصفانِ الإرهابَ بأنه شر كلُّه، ولا خير يُرجى من ورائه، فليس يأتي إلا بنتائج مرة تتمثل في إزهاق الأرواح وتدمير الممتلكات، وزرع الخوف والوجل في نفوس الآمنين، وزيادة طابورَي اليتامى والأرامل، ونشر الفساد في الأرض، وغير ذلك من النتائج الكوارثية المترتبة عليه أيًّا كان مصدره ومهما كانت بواعثه. ورغم تلك النتائج الكوارثية بحق الإنسانية فإن هناك مَن نجح في استثمار الإرهاب وتبِعاته؛ لبلوغ غايات بعيدة لم يتفطن لها كثير من المتابعِين والمهتمِّين بالإرهاب وجذوره وروافده ودوافعه والنتائج المترتبة عليه! ويمكن حصر المنتفعِين بالإرهاب في ثلاث فئات هي: (الأعداء وبعض التيارات وبعض النسوة). فأما الأعداء فانتفاعهم بتبعات الإرهاب يتمثل في بقاء الحجة التي يتحججون بها في كون الإسلام يمثل خطرًا محدقًا لابد من مقاومته والعمل على تحجيمه، ويرون أنه ما لم يُعمَل هذا بحق الإسلام والمنتسبِين له فإن زوالهم- أي الأعداء- أمر لا مفر منه، وعلى هذا فلا غرابة أن يُغذَّى (توهُّم الخطر) من قِبلهم لتبقى وسائل مقاومته حاضرة، وبالتالي فالنتيجة الحتمية- مهما غُيِّبتْ حقيقتُها- هي الحرب على الإسلام والعمل على تمزيقه وتقزيمه، وصد الراغبين فيه بكل وسيلة. وصدق الله إذ يقول: "ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا". وإن كان بعضنا- نحن المسلمين- يعجب من تصديقنا بـ(مؤامرة) الأعداء تجاهنا، فالأعداء هم أول مَن صدَّق بمؤامرتنا تجاههم، وإلا لِمَ كل هذه الحروب على الإسلام واحتلال ديار المسلمين وإذلالهم؟ إذن فالنفخ في إهاب الإرهاب من قِبل الأعداء يحقق استمرارية (الفوبيا) منه، وبالتالي تبقى حجة الحرب عليه قائمة، وهذا يعني حتميَّة (الاجتياح والضغط والمحاصرة للمسلمين وديارهم). وخلاصة القول أن بقاء الهيمنة الغربية على المسلمين وديارهم وهويتهم مرهون ببقاء الإرهاب، وبالتالي فاستمراره- بالنسبة لهم- أضحى ضرورة لتحقيق غاياتهم البعيدة. أما استفادة بعض التيارات من الإرهاب فتتمثل في تصفية حساباتها مع خصومها (الأبرياء من الإرهاب وفكره) وتأجيج الشارع ضدهم، واستعداء الحكومات عليهم، وكل ذلك لبلوغ الأهداف التي ترومها والتي وقف خصوم هذه التيارات ضدها كونها تخالف الشرع القويم والفطرة السوية. وهنا يجب أن نفرِّق بين وقوف هذه التيارات بوجه الإرهابيين أنفسِهم وفكرِهم المنحرف، ففي هذه الحالة (يصطفُّ) الجميع معها في خندق واحد؛ كون المستهدَف من الوضوح بما لا يدع مجالًا للشك أو التردد، وبين وقوفها بوجه خصومها الأبرياء في ثوب المحارب للإرهاب؛ فحين نتأمل في هجوم هذه التيارات على الإرهاب نجده لم يقتصر على من قام بفعل الإرهاب، إنما خلطت- عن قصد- المجرمِينَ الإرهابيين بالأبرياء الصادقِين الناصحِين، فشمل ذلك المؤسسات الدينية، والهيئات الشرعية، والمناهج الدراسية، ومحاضن التربية، ودُور العبادة، ومؤسسات العمل الخيري، حتى لتظن أن المجتمعات لا خير فيها، وأن الرضيع والشيخ الهرِم والمساجد وآيات الكتاب المقدس والسيرة النبوية كل أولئك كان عن الإرهاب مسؤولًا! بالتالي فاستمرارية الإرهاب تَهُمُّ هذه التيارات؛ لأنها تَعني بقاء مبررات هجومها (القصدي) على (الخصوم الأبرياء) بحجة مقاومة الإرهاب. أما انتفاع بعض النسوة بالإرهاب وتبعاته فإن تصريحات بعضهنَّ وتأكيداتهنَّ على أن المرأة نالت بعض حقوقها بعد هجمات (11/ سبتمبر) لهو دليلٌ كافٍ على أن الإرهاب وتبعاته حققا لهنَّ شيئًا مما يتوهمنَ أنه من حقوقهنَّ. فهؤلاء ينظرنَ لـ(11/ سبتمبر) على أنه فجر جديد جاء (مخلِّصًا) لهنَّ- حسب ظنهنَّ- من التبعية والأغلال التي رانت عليهنَّ زمنًا طويلًا على الرغم من كون الهجمات عملًا إرهابيًّا. وبعد.. فمعروف في الدراسات البحثية أن الحلول قد يتولد عنها مشكلات جديدة، لكنَّ الإرهاب جاء مخالفًا للقاعدة؛ فهو مشكلةٌ وَلَّدت حلولًا لبعض المنتفعِين به وبنتائجه! Mashr-26@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :