زيادة الكفاءة الصحية ضرورة ملحة «1من 3»

  • 3/8/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحسنت مستويات الصحة تحسنا كبيرا على مستوى العالم على مدار العقود الخمسة الماضية. فعلى سبيل المثال، ازداد متوسط العمر المتوقع عند الولادة بنحو 11 عاما في الدول المرتفعة الدخل، وعامين في الدول في الشريحة الأعلى من فئة الدخل المتوسط، و21 عاما في الدول في الشريحة الأدنى من فئة الدخل المتوسط، و20 عاما في الدول ذات الدخل المنخفض. وبينما تعكس هذه التحسينات مجموعة كبيرة من العوامل -بما فيها الدخول المتزايدة والتكنولوجيا الطبية المتقدمة- كانت زيادة الإنفاق العام على الصحة من العوامل المهمة أيضا. فارتفع متوسط الإنفاق العام في الاقتصادات المتقدمة من 3.75 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 1970 إلى 7 في المائة تقريبا في عام 2012. وزاد الإنفاق في اقتصادات السوق الصاعدة من 2.75 في المائة في عام 1995 إلى 3.25 في المائة في عام 2012 ، كما ارتفع الإنفاق خلال الفترة نفسها من 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي إلى 3.75 في المائة في الاقتصادات النامية. ورغم المنافع الكبيرة المحققة من زيادة الإنفاق العام على الصحة، تتسبب زيادة هذه النفقات في مشکلات مالية على جانب الموازنات الحكومية. إذ يشكل الإنفاق العام على الصحة نسبة كبيرة بالفعل من الموازنات العامة ويتوقع ازدياده مجددا، وفي الاقتصادات المتقدمة التي يجب عليها بالفعل تخفيض العجز للتصدي لارتفاع الدين العام، ستفرض زيادة الإنفاق مزيدا من الأعباء على المالية العامة. وفي اقتصادات السوق الصاعدة والاقتصادات النامية، يجب أن يتم الإنفاق بالتوازي على الصحة والأولويات الإنمائية الأخرى، كالتعليم والبنية التحتية. وترى دول عديدة أن زيادة كفاءة الإنفاق العام على الصحة هي السبيل الأساسي، لضمان التحسن المستمر في مستويات الصحة دون فرض أعباء إضافية على المالية العامة فضلا على أن احتواء زيادة الإنفاق من خلال تحسين الكفاءة سيكون مقبولا بدرجة أكبر من الناحية السياسية على الأرجح مقارنة بالعزوف عن تحسين مستوى الصحة أو خفض الإنفاق في المجالات الأخرى غير أن فاعلية هذه الاستراتيجية تتوقف على حجم أوجه عدم الكفاءة في نظام الصحة العامة وقدرة الحكومات على الحد منها. من الصعب تحديد حجم أوجه عدم الكفاءة التي تشوب آليات الإنفاق. فأولا، يصعب تعریف عدم الكفاءة نظرا لأن الإنفاق العام على الصحة له أكثر من هدف واحد. فوفقا لمنظمة الصحة العالمية، تنقسم الأهداف الرئيسة إلى تحسين صحة السكان، وحماية الأسر من المخاطر المالية، وتلبية توقعات الناس. ولكن معظم الدراسات التي تتناول عدم كفاءة الإنفاق تركز على مستوى الصحة، مثل قياس متوسط العمر المتوقع. ورغم أن تلك الدراسات قد ترصد بوضوح هدف تحسين الصحة، فإنها لا تعكس سوى صورة جزئية ــ نظرا لأن متوسط العمر المتوقع يرتبط ارتباطا كبيرا بمؤشرات الصحة الأخرى ذات الصلة. وثانيا، عادة ما يتم قياس أوجه عدم الكفاءة بمقارنة نظام صحة ما بآخر يتسم بالكفاءة، ونظرا لأن مستوى الصحة يتأثر بعوامل عديدة بخلاف الإنفاق تتفاوت من بلد إلى آخر، فمن الصعب تحديد الحد الأدنى للإنفاق اللازم لتحقيق مستوى الصحة المستهدف. ولا تزال الدراسات تكشف عن قدر كبير من عدم الكفاءة في استخدام الموارد العامة في قطاع الصحة. فيشير تقرير الصحة العالمية، الذي يستند إلى دراسات عن نظم الرعاية الصحية حول العالم، إلى أن نسبة تراوح من 20 في المائة إلى 40 في المائة من مجموع الإنفاق العام والخاص على الصحة في الدول مرتفعة ومتوسطة ومنخفضة الدخل ليس لها تأثير يذكر في تحسين الصحة البشرية. وتوصلت دراسة عن دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إلى أن أوجه عدم الكفاءة في تلك الدول تؤدي إلى انخفاض العمر المتوقع بنحو عامين في المتوسط، وتشير دراسة أحدث تتضمن تعديل العمر المتوقع حسب جودة نظام الصحة إلى أن أوجه عدم الكفاءة تتسبب في تراجع العمر المتوقع المعدل حسب مستوى الصحة بأكثر من عامين في المتوسط، وهو تراجع حاد أخذا في الاعتبار أن زيادة الإنفاق على الصحة بنسبة 50 في المائة لن تطيل العمر المتوقع المعدل حسب مستوى الصحة سوى بعام واحد في المتوسط، ما يشير إلى وجود فرصة كبيرة لزيادة الكفاءة في جميع الدول. وتنشأ أوجه عدم الكفاءة تلك عن مصادر عديدة، ويوجد عدد من التدابير التصحيحية المحتملة لمواجهتها... يتبع.

مشاركة :