زيادة الكفاءة الصحية ضرورة ملحة «2 من 3»

  • 3/13/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تشير الشواهد في حالة دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إلى أن نوع نظام الصحة العامة لا يبدو من العوامل الرئيسة المؤثرة، فالحكومة في معظم الدول تضطلع بدور كبير في قطاع الصحة، ويمكن أن يأخذ هذا الدور أشكالا متنوعة، بما في ذلك توفير الخدمات الصحية بشكل مباشر، وتوفير التمويل اللازم من خلال النظام الضريبي، وتنظيم الخدمات المقدمة من القطاع الخاص، ولكن عند تصنيف نظم الرعاية الصحية حسب دور آليات السوق في توفير وتمويل تلك النظم نجد أن الفوارق في مستوى الكفاءة داخل المجموعات أكبر من الفوارق بين المجموعات. ويشير ذلك إلى توقف درجة الكفاءة على عوامل أكثر تحديدا مثل العناصر المكونة لمجموعة مزايا الرعاية الصحية، وكيفية سداد مستحقات مقدمي الخدمة من القطاع الخاص، وهيكل تقاسم التكلفة، وكيفية وضع وإنقاذ المبادئ التوجيهية التي تنظم عملية العلاج. ومن العوامل المهمة أيضا تكوين خدمات الرعاية الصحية والإنفاق على الصحة. فتشير الشواهد إلى أن خدمات الرعاية الصحية الأولية والوقائية أكثر كفاءة عموما من حيث التكلفة، مقارنة بخدمات الرعاية الصحية المقدمة في المستشفيات، ولكن يوجد تفاوت كبير بين العلاجات المختلفة من حيث درجة كفاءة التكاليف حتی داخل كل نوع من أنواع خدمات الرعاية الصحية. فعلى سبيل المثال، نجد أن الأدوية البديلة فعالة مثلها مثل الأدوية الأصلية ذات العلامة التجارية ولكن تكلفتها أقل بكثير. لذلك ينبغي أن تتضمن مجموعة المنافع العامة أو تشجع استخدام العلاجات الأكثر كفاءة من حيث التكلفة دون غيرها. وأحد العوامل المهمة أيضا تكوين المنتفعين من الإنفاق العام على الصحة وخصائصهم. ففي حالة عدم الإنفاق على خدمات الرعاية الصحية، تكون احتمالات حصول الفقراء والفئات المحرومة على خدمات الرعاية الصحية بطرق بديلة ضئيلة للغاية، وبالتالي فإن الإنفاق على الفقراء أكثر جدوى من الإنفاق على الأثرياء. وكلما تحسنت صحة السكان في الدول، يقل عادة التفاوت في مستوى الصحة بين مختلف الفئات السكانية. وقد صنف تقرير منظمة الصحة العالمية المصادر الرئيسة لعدم الكفاءة إلى خمس فئات عامة: الموارد البشرية في قطاع الصحة، التي تشمل استخدام عمالة غير مؤهلة للعمل في هذا المجال أو عمالة عالية التكلفة وتقاعس العاملين؛ والدواء، ويشمل عدم استخدام الأدوية البديلة بالقدر الكافي، والارتفاع المفرط في أسعار الأدوية، واستخدام أدوية دون المستوى والمقلدة، وعدم استخدام الأدوية بطريقة ملائمة وفعالة والمستشفيات، وتشمل فرط استخدام التقنيات العلاجية مرتفعة التكلفة "كالتصوير بالرنين المغناطيسي" وحجم المستشفيات غير الملائم، والأخطاء الطبية، وتدني جودة خدمات الرعاية الصحية عن المستوى الأمثل، وإهدار الموارد والفساد والاحتيال، وعدم كفاءة وملاءمة مزيج العلاجات المقدم. وبالتصدي الأوجه لعدم الكفاءة تلك يمكن تخفيض مجموع الإنفاق على الصحة بأكثر من 40 في المائة في المتوسط. حدد الباحثون عددا من مجالات الإصلاح التي من شأنها الحد من أوجه عدم الكفاءة في نظام الصحة. ومن الضروري إعادة توزيع الإنفاق على الصحة وتوجيهه نحو استخدام الخدمات والعلاجات الأكثر كفاءة من حيث التكلفة وتقديم الحوافز لمكافأة السلوكيات التي تحقق الكفاءة. فعلى سبيل المثال، غالبا ما يكون المقدم والمستخدم من خدمات الرعاية الصحية الأولية والوقائية أقل من اللازم ــ وتراوح هذه الخدمات ما بين الزيارات المعتادة للأطباء، والتحصين، والوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية ومن التدخين والسمنة. ويتضح من ذلك أهمية دور الحكومة في دعم إعداد الأبحاث والتطوير وتقديم خدمات الرعاية الصحية العامة، ووضع القواعد التنظيمية والمبادئ التوجيهية المنظمة لعملية العلاج والتدابير الضريبية. فضلا عن ذلك، يمكن تصميم هيكل تقاسم التكلفة على نحو يشجع استخدام خدمات رعاية صحية أكثر كفاءة من حيث التكلفة، ولا سيما في دول السوق الصاعدة والدول ذات الدخل المنخفض التي لا توفر تغطية تأمينية صحية شاملة. وينبغي لهذه الدول أن تسعى إلى توفير التغطية الشاملة من خلال تقديم مجموعة من المنافع التي لا تغطي سوى الخدمات الأساسية والأكثر فاعلية من حيث التكلفة، وذلك لحين ازدیاد قدرة تلك الدول على توفير التمويل اللازم لزيادة الإنفاق العام على الصحة. وهذا من شأنه أن يساعد ليس على الحد من أوجه عدم المساواة فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى تحسن صحة السكان ككل... يتبع.

مشاركة :