الأخلاق هي الدرجة الأولى في سلم تكامل الانسان مع ذاته والآخر، هي الدرع الواقية من فيروسات الأمراض الاجتماعية، ومن دونها تفقد الانسانية كينونتها وتتحول كحصان جامح، كما هو حاصل في كثير من المشاهد حول العالم. الإرهاب المنتشر في انحاء العالم العربي الملوث بوباء الطائفية، و«إيبولا» العنصرية وفصام الهوية، هذه الأمراض هي انعكاس لأزمة خلقية في المقام الأول، وفكرية في المقام الثاني، فليس كل متعصب مصاص دماء، ولكن المتعصب الذي يفقد حاكمية الأخلاق على سلوكه هو الذي ينتج كل تلك الأزمات والفظائع التي نراها تتكرر بصورة يومية. وهناك عنف آخر يمارس علينا في كل يوم، ولكنه عنف ناعم لا يريق دماء الجسد لكن يريق دماء الحقيقة، عنفٌ يتمثل في النفاق الاجتماعي الذي تصطبغ فيه علاقاتنا، نعم إنه عنف لأنه سلوك يمنعنا من إظهار حقيقتنا وآرائنا، ويدفعنا إلى تبني سلوكيات ومقولات لا تؤمن بها عقولنا ولا تعتنقها نفوسنا ولا ترضى بها أرواحنا، وهو عنف لا يستنكره أحد، بل يستنكرون السلام الذي يعيشه الإنسان الصادق مع نفسه. وبعد تكرار تعرضنا لعنف النفاق، تمسخ أروحانا التي كانت تتطلع إلى التفرد، لكنها بعد ذلك العنف صارت تطمح إلى الاندماج في بحر من الزيف والخداع كي تحظى بالقبول في محيطها الاجتماعي، وبهذا تموت بذور الإبداع المغروسة في نفس الإنسان، ويعود خليفة الله حيواناً من الحيوانات السائرة في قطيعها لا هم لها سوى المأكل والمشرب وإشباع غرائزها الحيوانية الدنيا. أنقذوا الإنسان المضطهد، وخلصوا أرواحكم من النفاق كي تفرد جناحها وتحلق في سماء الإنسانية.
مشاركة :