فورة التكنولوجيا وتنبؤات النمو «1من 3»

  • 3/11/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مع فورة التغير التكنولوجي الجاري، لماذا يزداد التشاؤم في تنبؤات النمو طويل الأجل؟ على مدار العقد الماضي، أصبحت انعكاسات الابتكارات التكنولوجية الحديثة على النمو المستقبلي موضع نقاش كبير. فالبعض يرى أن الاقتصاد العالمي سيتمتع بطفرة نمو في العقود المقبلة مدفوعا بتحسن الإنتاجية بفضل التكنولوجيات الجديدة. ويحذر آخرون من أن النمو المستقبلي يمكن أن يتوقف أو حتى يتراجع، لأن التكنولوجيات الجديدة من المرجح أن يكون لها تأثير حاد متناقص في الإنتاجية كما أن التحديات الهيكلية المرتبطة بالشيخوخة وتباطؤ نمو الاستثمار ستلقي بظلالها على الآفاق المستقبلية ومن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إجراء تحليل کمي موثوق لمجمل تأثير التكنولوجيات الجديدة في آفاق النمو. غير أن تنبؤات النمو على المدى الطويل يمكن أن تلقي بعض الضوء على هذا النقاش. ويتوقع أن تتحسن هذه التنبؤات بمضي الوقت مع انتشار التقنيات الجديدة، مثل تعلم الآلة والحوسبة السحابية وعلم الروبوتات والهواتف الذكية. لكن هل هناك بيانات مؤيدة لذلك نتناول في دراستنا هذه كيف تطورت التنبؤات بعيدة المدى خلال فترة التغير التكنولوجي السريع بغية قياس ما قد يعنيه ذلك بالنسبة للنمو المستقبلي . ويستند تحليلنا إلى التنبؤات التي نشرتها Consensus Economics، وهي مؤسسة تجري مسوحا عدة مرات سنويا للتعرف على واضعي التنبؤات المحترفين بهدف إعداد توقعاتها للنمو السنوي طويل الأجل -متوسط التوقعات يغطي فترة تمتد من ستة إلى عشرة أعوام. وتعكس تنبؤات مؤسسة Consensus Economics آراء عديد من المؤسسات التي تستخدم طائفة واسعة من المنهجيات، وبالتالي فهي غالبا ما تصمد أمام عدم اليقين المحتمل أكثر مما تصمد التوقعات التي يعدها كيانا واحدا. وتشمل عينتنا تنبؤات طويلة الأجل للفترة 1998-2018 لـ20 اقتصادا متقدما و18 اقتصادا صاعدا وناميا تسهم بنحو 90 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي. في أعقاب الأزمة المالية العالمية، استمر التخفيض المطرد للتنبؤات طويلة الأجل. فقد أشارت التوقعات في 2010 إلى أن الاقتصاد العالمي سينمو بمقدار 3.3 في المائة عام 2020. وبحلول عام 2018 خفضت توقعات النمو طويل الأجل إلى 2.5 في المائة. إضافة إلى ذلك، خفضت التنبؤات طويلة الأجل لكل الدول بمقدار 1.4 نقطة مئوية في المتوسط بين عامي 2007 و2018 ومن التفسيرات السريعة لهذه التوقعات التي تزداد تشاؤما هو أن واضعي التنبؤات لديهم نظرة قاتمة تجاه الفرص التي توفرها التكنولوجيات الجديدة في العقد المقبل. وكانت الأزمة المالية العالمية نقطة تحول في توقعات النمو العالمي طويل الأجل. فبين عامي 1998 و2007 ارتفع متوسط التنبؤات طويلة الأجل من 3 إلى 3.4 في المائة وزاد في نحو نصف الاقتصادات محل الدراسة. وتمتعت اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية خصوصا، بتحسن في آفاق النمو قبل الأزمة، لكن التنبؤات يجري تخفيضها بالفعل للاقتصادات المتقدمة في أوائل التسعينيات. وبعد فترة وجيزة من تحسن التنبؤات في أواخر التسعينيات، عاد التراجع التدريجي للتنبؤات طويلة الأجل في الاقتصادات المتقدمة في مطلع الألفينيات. ومنذ أزمة 2008-2009، تدهورت هذه التنبؤات بشكل ملموس لكلتا المجموعتين من الدول. كذلك يتبين ضعف توقعات النمو طويل الأجل بعد الأزمة من خلال مقاييس النشاط المختلفة، بما في ذلك معدلات نمو نصيب الفرد من الدخل والاستثمار والاستهلاك، وإن تفاوتت السرعات ودرجات الحدة. ويشترك عديد من الاقتصادات الكبرى عموما في نمط زيادة التنبؤات طويلة الأجل قبل الأزمة وخفضها بعد وقوعها. فعلى سبيل المثال، كان من المتوقع عام 1998 أن يبلغ النمو في الولايات المتحدة نحو 2.4 في المائة عام 2008. لكن بحلول عام 2008، رفعت توقعات النمو طويل الأجل بمقدار 0.3 نقطة مئوية. وبالمثل، كان من المتوقع عام 1998 أن يبلغ النمو في الصين 7.5 في المائة على مدار العقد التالي، وبحلول عام 2008 رفعت توقعات المدى الطويل بمقدار 0.2 نقطة مئوية بعد الأداء القوي للاقتصاد في العقد السابق. وعلى الرغم من رفع التنبؤات طويلة الأجل للبرازيل والهند عام 2008 مقارنة بتوقعات عقد سابق، فإن هذه التعديلات الرافعة لم تستمر. وبحلول عام 2018 كانت كل تنبؤات النمو طويل الأجل لهذين الاقتصادين قد انخفضت بمقدار 0.3 إلى 2.4 نقطة مئوية عن مستويات عام 1998... يتبع.

مشاركة :