عندَما دَاهمتني السّمنَة، اجتَهدتُ في البَحث عَن وَسَائِل وأدوَات لتَخفيف الوَزن، فوَجدتُها كَثيرة، بَعضها يَتعلَّق بالرِّيَاضَة، وبَعضها يَتعلَّق بنَوعيّة الأطعِمَة، وبَعضها يَتعلَّق بطَريقة الأَكل، وإسترَاتيجيّة الالتقَام..! لَن أكتُب هُنَا عَن الرّيَاضَة، ولَا عَن السُّعرَات الحَرَاريّة في الأطعِمَة، لأنَّ هَذه مَوضوعات؛ إمَّا أنْ تَكون فَوائِدها مَعروفة للجَميع، مِثل المَشي، وإمَّا أنْ تَكون قَضَايا مِن شَأن أَهْل الاختصَاص، فلا يَتحدَّث فِيهَا إلَّا خُبرَاء الأَغذية، وفَلاسفة الأطعمَة، لذَلك لَم يَبقَ لِي إلَّا الكِتَابَة عَن إسترَاتيجيّة الأَكل، وطَرائِق الالتقَام، وأسَاليب الالتهَام..! لقَد مَكثتُ شَهراً كَاملاًَ؛ وأنَا أَقرَأ وأبحَث وأسأل كُلّ مَن لَه شَأن، فوَجدتُ أنَّ إسترَاتيجيّة الطّعام وَردت في أَحَاديث نَبويّة، سأُجملها هُنَا، وعَليكم تَفصيلها واستقصَاؤها، وتَطبيقها: أوّلاً: قَالوا إنَّ مِن إسترَاتيجيّات الطّعام أنْ تَقوم عَن المَائِدَة؛ وأنتَ مَازلت تَشعر برَغبة في تَنَاول الطّعام، أي لَا تَصل إلَى مَرحلة الامتلَاء والشّبع، وفي ذَلك يَقول الرَّسول الكَريم -صلّى الله عَليه وسلّم-: (نَحْنُ قَوْمٌ لاَ نَأْكل حَتَّى نَجُوعَ، وَإِذَا أَكَلْنَا لاَ نَشْبع)..! ثَانياً: التَّعَامُل مَع المَعدة؛ وكَأنَّها قِطعة أَرض، أي تَقسيمها إلَى ثَلاثة أجزَاء، جُزء للطّعام، وجُزء للشّراب، وجُزء للهوَاء، وفي ذَلك يَقول نَبي الرَّحمة -عَليه الصّلاة والسّلام-: (مَا مَلأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شراًّ مِنْ بَطْنِهِ، حَسْبُ ابن آدم لُقَيْمَاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً، فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ)..! ثَالثاً: تَصغير مِقدَار اللُّقمَة، بحَيثُ لَا تُؤذي الفَم بحَجمها، وتُتعب الأسنَان والحلْق بالمَضغ والبَلْع، وفي ذَلك يُقال: إنَّ النَّبي -صلّى الله عَليه وسَلّم- كَان يَأكل بثَلاثة أَصَابع، وهَذه الثَّلاثة لَا تَحمل إلَّا مِقدَاراً قَليلاً مِن الطَّعَام، بحَجم مَا تَحمله المَلعقة، وقَد ثَبَت بُطلان البيت الشِّعري؛ الذي كُنَّا نُردّده بافتخَارٍ كَبير -أيَّام الصّحوة وأيَّام عَافية الشّحوم-، حِين كُنَّا نَقول: اضْرِبْ بِخَمْسٍ وَلاَ تَأْكُل بِمِلْعَقَةٍ إِنَّ المَلاَعِقَ لِلرَّحْمنِ كُفْرَانُ حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ أَهْمس في أُذن كُلّ مُحبٍّ للدِّين، وكُلّ عَاشقٍ للرَّسول، قَائلاً لَه: لمَاذا لَا يَتطوّر هَذا العِشق إلَى تَطبيق سُنّة النَّبي -صَلّى الله عَليه وسَلّم- في الطَّعَام والشَّرَاب وطَريقة الأَكْل؟ لمَاذا نَقتدي بالرَّسول الكَريم في جَانِب، ونُهمل جَوانِب أُخرَى، مِثل الطَّعام والشَّراب، وطَريقة الأَكل؟ وقَبل ذَلك -كُلّه وبَعده- حُسن الأخلَاق وطِيب المُعَامَلَة..؟!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :