تعهد وزراء مالية مجموعة السبع ومحافظو البنوك المركزية أخيرا باستخدام "جميع أدوات السياسة المناسبة" لاحتواء التهديد الاقتصادي الذي يمثله مرض فيروس كورونا المستجد 2019 "COVID-19". لكن السؤال الذي ترك دون إجابة هو: ما تلك الأدوات المناسبة؟ وأيها سينجح؟ جاءت الاستجابة الفورية في صورة تخفيضات في أسعار الفائدة من جانب البنوك المركزية، وسارع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى تنفيذ ذلك، وعلى الرغم من أن البنوك المركزية بإمكانها التحرك بسرعة، إلا أنه ليس من الواضح مقدار ما يمكنها فعله، نظرا إلى أن أسعار الفائدة تقبع بالفعل عند مستويات منخفضة للغاية، على أي حال، فقد أدى فشل بنك الاحتياطي الفيدرالي في تنسيق خفض أسعار الفائدة مع البنوك المركزية الرئيسة الأخرى إلى تقديم صورة سلبية حول مدى اتساق هذه الاستجابة. علاوة على ذلك ليس بإمكان السياسة النقدية إصلاح سلاسل التوريد المعطلة. في الحقيقة، حاول زميلي براد ديلونج إقناعي أن إجراء عملية ضخ سيولة من قبل البنك المركزي من شأنه أن يساعد على تشغيل حركة الحاويات العالمية مرة أخرى، كما حدث عام 2008. "أنت الآن تعرف نوع المحادثات التي نجريها في مصاعد جامعة كاليفورنيا، بيركلي". لكن المشكلة عام 2008 كانت متمثلة في اضطرابات تدفق التمويل التي يمكن إصلاحها عن طريق ضخ السيولة من جانب البنوك المركزية. بيد أن المشكلة اليوم تكمن في التوقف المفاجئ للإنتاج الذي لا يمكن للسياسة النقدية تقديم كثير لتعويضه. فلا يستطيع جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي إعادة فتح المصانع التي أغلقها الحجر الصحي بغض النظر عن رأي دونالد ترمب الرئيس الأمريكي وبالمثل، لن تعيد السياسة النقدية المتسوقين إلى مراكز التسوق أو المسافرين إلى الطائرات، ما دامت اهتماماتهم منصبة على السلامة وليست التكلفة. الحق: إن تخفيض أسعار الفائدة لن يضر، نظرا لأن التضخم الذي خفت حدته بالفعل يتجه نحو الانخفاض؛ لكن لا ينبغي أن نتوقع أن ينتج كثيرا من الحوافز الاقتصادية الحقيقية. مع الأسف، ينطبق الشيء ذاته على السياسة المالية. فلن تعيد الائتمانات الضريبية تشغيل الإنتاج في حين تنشغل الشركات بصحة عمالها وخطر انتشار الأمراض، ولن تؤدي تخفيضات الضرائب على الرواتب إلى زيادة الإنفاق الاختياري عندما يشعر المستهلكون بالقلق إزاء سلامة سلسلة الوجبات السريعة المفضلة لديهم. لذلك يجب أن تكون الأولوية هي الكشف، والاحتواء، والعلاج. تتطلب هذه المهام موارد مالية، لكن نجاحها سيتوقف في المقام الأول من الأهمية على الكفاءة الإدارية. حيث تتطلب استعادة ثقة الجمهور تحري الشفافية والدقة في الإبلاغ عن الإصابات والوفيات. كما تتطلب منح سلطات الصحة العامة نوعا من الحكم الذاتي مثل الذي تتمتع به البنوك المركزية المستقلة. "لسوء الحظ، مثل هذه القرارات لا تأتي بصورة طبيعية من قادة مثل ترمب". ومع ذلك، فإن السياسة المالية التوسعية لا تضر، كما هي الحال مع السياسة النقدية التوسعية. وفي هذا الصدد، أرشدتنا إيطاليا إلى الطريق من خلال تأجيل دفع الضرائب والرهن العقاري، وتوسيع نطاق الإعفاءات الضريبية للشركات الصغيرة، وزيادة النفقات الأخرى. لكن من ناحية أخرى أبدت الولايات المتحدة حتى الآن استعدادا أقل للتصرف، وفشلت في تشجيع المواطنين على الحرص على إجراء الفحوص من خلال مساعدتهم على دفع الفواتير الطبية. تتمثل إحدى عقبات التحفيز المالي في أن آثاره تتسرب إلى الخارج، لأن بعض النفقات الإضافية تكون على الواردات. ونتيجة لذلك، تتردد كل سلطة مالية في التحرك، ولا توفر الحكومات مجتمعة حوافز ترقى إلى الحد المطلوب. وهذا يبرر تنسيق المبادرات المالية، كما فعلت دول "مجموعة العشرين" عام 2009. لكن وفقا لمعايير ذلك العام، كان بيان مجموعة السبع الأخير الذي وعد بعمل "كل الإجراءات المناسبة" بلا قيمة، ولم يقدم سوى قليل لتعزيز الثقة في أن الحكومات ستتخذ الخطوات المنسقة التي دعا إليها تدهور الأوضاع العالمية... "يتبع". خاص بـ "الاقتصادية" حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2020.
مشاركة :