بات مشهد الأرفف الخالية في المتاجر الكبيرة والصيدليات مألوفا الآن حيث اعتدنا على وجود الأقنعة وأجهزة التنفس والقفازات. فالخوف والاكتناز يضخمان مشكلة شح الموارد. وتجري الديناميكيات نفسها لكن على نحو أقل وضوحا على المستوى العالمي مع قيام بعض الدول بادخار إمداداتها لمواطنيها فحسب. لكن عواقب تلك التحركات ذات مدى بعيد وتشكل تهديدا للحياة. حتي في أوجها واجهت منظمة التجارة العالمية صعوبات لمنع ذلك السلوك، ويعد وجود مبادرات جديدة أمرا ضروريا. فانتشار فيروس كورونا يقود أسعار الإمدادات الطبية إلى الارتفاع في ظل صعوبات يواجهها الإنتاج لتلبية الطلب. وتشير تقارير لوسائل الإعلام إلى، أن أسعار أقنعة الوجه وأجهزة التنفس على موقع أمازون زادت إلى خمسة أمثالها منذ كانون الثاني (يناير). ومن أجل الحفاظ على إنتاج الإمدادات الضرورية للمستهلكين المحليين، فرض عديد من الدول قيودا على صادراتها من المنتجات الطبية. وتأمل تلك الدول، أن تتفادى حدوث نقص محلي والإبقاء على الأسعار مستقرة خلال أزمة فيروس كورونا. ومع تفاقم الفيروس من المرجح أن يصاب مزيد من الدول بعدوى نزعة الحماية التجارية للصادرات. ويفيد علم الاقتصاد والخبرة في الآونة الأخيرة، أن تلك الإجراءات ستلحق في نهاية المطاف الضرر بجميع الدول، على الأخص تلك الأكثر هشاشة. فالإجراءات المقيدة من جانب المصدرين تقلص الإمدادات العالمية، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. ويثير هذا فرض قيود جديدة على الصادرات لعزل الأسواق المحلية، ما يؤدي إلى "تأثير مضاعف" في الأسعار العالمية. مثل هذا التسلسل، هو الأرجح في الأسواق المركزة فيما يتعلق بمنتجات طبية محددة. دعونا هنا نضرب مثالا، حيث تصدر سبع دول 70 في المائة من أجهزة التنفس الصناعي على مستوى العالم، وهي ذات دور حيوي في علاج مصابي فيروس كورونا. وإذا حظرت دولة واحدة الصادرات، فإن الأسعار قد ترتفع 10 في المائة في الأمد القصير، وقد تصعد أكثر بكثير من ذلك إذا قامت بقية الدول بالرد. وسيعاني قطاع الرعاية الصحية في الدول المستوردة فورا بسبب حالة الشح الناتجة وارتفاع الأسعار. وفي الدول الأفقر خصوصا، ومع محدودية الطاقة الإنتاجية المحلية، فإن فرض قيود على صادرات الأدوية والمعدات قد يكون مميتا. لكن المصدرين ربما يتكبدون خسارة في نهاية الأمر أيضا حين ترتفع الأسعار العالمية. وكما هو الحال في مدرج الملعب، إذا وقف جميع الحاضرين كي يروا على نحو أفضل، فإن الجميع سيشعرون بالانزعاج كما أن لا أحد منهم سيحصل على رؤية أفضل. فالأسعار سترتفع أعلى من المطلوب، ولن توزع الإمدادات على نحو يتسم بالكفاءة والإنصاف. كان ينبغي علينا أن نتعلم من التجارب الحديثة بشأن تلك الآثار العكسية. فحين ارتفعت الأسعار العالمية في 2008 - 2011، فرضت الحكومات في أنحاء العالم؛ 85 قيدا جديدا على تصدير منتجات الأغذية. ويظهر بحث، أن تلك التحركات دفعت أسعار الأغذية العالمية إلى الارتفاع بنسبة 13 في المائة في المتوسط، وبالنسبة للأرز فقد ارتفع 45 في المائة...يتبع.
مشاركة :