من الواضح أن ثمة «حوسة» احتاسها الحوثيون قبل الذهاب إلى جنيف «إن هم ذهبوا». والحق عندي أن «الحوسة» الكبرى للحوثيين بدأت صبيحة انقلابهم على الرئيس الشرعي، وركلهم للشرعية بأقدامهم من فرط الصلف والغرور النابعين -بالتأكيد- من دعم خارجي لم يعد مخفيًّا على أحد! بحثتُ في معاجم اللغة عن معنى «الحوسة»، فوجدتُ في «لسان العرب» حاسه حوسًا.. و»الحوس» انتشار الغارة، والقتل، والتحرك في ذلك! وقد حدث ذلك في صنعاء أولاً قبل الإغارة والقتل والتحرك نحو عدن! وحاس القوم حوسًا داسهم.. وحاس القوم حوسًا خالطهم وواطأهم.. وقد حدث في كل بقعة من بقاع اليمن! وفي الصحاح: الذئب يحوس الغنم، أي يتخللها ويفرّقها.. والمعنى في الحالة اليمنية لا يقتصر فقط على الحوثيين، وإنما يمتد ليشمل الرئيس المخلوع الذي راوغ، وتسلل، وتخلل، وتحلل من كل القيم، بما فيها قيمة الصناديق وأصوات الشعب. و»الحوس» في «تاج العروس» سحب الذيل.. وقد حاست المرأة ذيلها حوسًا، أي إذا سحبته! وقد حدث ذلك أكثر، في أكثر من موقف كان فيه الحوثيون ذيلاً أو ذيولاً مكشوفة لمؤامرة كبرى لا تقتصر على اليمن، وإنما تتجاوز ذلك للوطن العربي كله.. بالمناسبة هل تذكرونه؟! وزاد الزمخشري فقال: هم يحوسون ثيابهم إذا كانوا يفسدونها بالابتذال.. وقد حدث ويحدث كل صباح ومساء.. ابتذال لمعاني المروءة العربية، والشهامة العربية، والأصالة العربية، والأمانة العربية.. وتمسك بمعانٍ أخرى أبرزها خيانة العهد! أعود فأقول إن ثمة «حوسة كبرى» بالمعنى العاميّ الدارج سبقت سفر الحوثيين وممثلي صالح إلى جنيف.. بدءًا من سلّم الطائرة، وصولاً إلى سويسرا! ومن الواضح كذلك أن الحوسة لم تكن فقط حول مَن يسافر، ومَن ينتظر، ومَن يتحدّث، ومَن يستمع، وإنما حول مَن استمع أكثر، وسيلتزم أكثر وأكثر بما سمعه قبل أن يسافر!! «الحوسة الكبرى» كانت -ومازالت- حول هذا الكم الهائل من الطلبات والاشتراطات التي تلقّاها الحوثيون المحتاسون قبل السفر، والتي من شأن عدم الالتزام بها وترديدها في جنيف الخروج من دائرة الحماية والدعم والرعاية! «الحوسة الكبرى» لن تقتصر على ما حدث في جنيف، وإنّما ما سيحدث بعد العودة منها! «الحوسة الكبرى» كانت -ومازالت، وستظل- في كيفية مواجهة العالم بسلطة مسروقة، وأسلحة مهرّبة، وأرض محروقة! إحدى «الحوسات» المتفرعة من «الحوسة الكبرى» قبل السفر كانت تهديدًا مباشرًا من صالح باحتلال صعدة، والقبض على كل القيادات الحوثية في غضون 48 ساعة وسحقهم.. لأنهم لم ينسقوا مع حزبه قبل السفر! وأبرز الحوسات ستبرز بالتأكيد بعد السفر والعودة، حيث سيتولّى المستشارون الإيرانيون تقييم أداء كل حوثي لمعرفة ومعاقبة كل من سعى لإنجاح المؤتمر!! * وقفة: منذ أشهر نشرت صحيفة «اليوم السابع» خبراً عنونته بـ«تورط شريف قنديل في نشر محاولة اغتيال السيسي».. وأجدني اليوم في معسكر المتضامنين مع رئيس تحريرها خالد صلاح الذي اتُّهم بنشر خبر «محاولة الاعتداء على موكب الرئيس السيسي».. المبادئ لا تتجزأ. sherif.kandil@al-madina.com
مشاركة :