خواطر رمضانية / اليقين والصبر | اسلاميات

  • 6/20/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هذه مجموعة متنوعة من الخواطر الرمضانية ذات القيمة الإيمانية والفائدة العلمية بقلم الأستاذ الدكتور وليد مُحمَّد عبدالله العَلِيّ أُستاذ الشَّريعة والدِّراسات الإسلاميَّة بجامعة الكويت وإمـام وخـطـيـب المـســجــد الكــــبــــيــــر بدولــــة الكويت. w-alali@hotmail.com إنَّ القلب لمَّا كان مُعرَّضاً لطوارق الشُّبهات المُناقضة لخبر الله تعالى؛ كما أنَّ الجوارح مُعرَّضة لطوارق الشَّهوات المُخالفة لأمر الله تعالى: أُمر العبد باليقين والصَّبر، لأنَّ اليقين يمنع الشُّبهات، والصَّبر يدفع الشّهوات، فالشُّبهة: تُفسد القلب، والشَّهوة: تُفسد الجوارح. وإنَّ الله سُبحانه وتعالى قد أخبر عن حُبوط أعمال أرباب الشَّهوات؛ وأصحاب الشُّبهات، فقال تعالى: ﴿كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾. فما ذُكر في هذه الآية الكريمة من الاستمتاع بالخلاق: هو استمتاع أرباب الشَّهوات بنصيبهم منها، وما ذُكر بعدها من الخوض بالباطل في دين الله تعالى: هُو خوض أصحاب الشُّبهات فيها. فقول الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾: كما تضمَّن تعليق الإمامة في الدِّين بأمريْن -هُما الصَّبر واليقين-: فقد تضمَّن أيضاً أصليْن آخريْن هُما: الأصل الأوَّل: الدَّعوة إلى الله تعالى؛ وهداية خلقه. الأصل الثَّاني: أن يكون سبيل الدَّعوة وطريق الهداية بما أمر الله تعالى به على لسان رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لا بمُقتضى العُقول والآراء والأذواق التي هي على غير هُدى ولا بُرهانٍ من الله تعالى، فالدُّعاة مُكلَّفون بمُتابعة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الدَّعوة، فهي من جُملة ما سيُسأل عنه الدُّعاة يوم القيامة، كما قال الله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾. فبمجموع ما في هذه الآية الكريمة من الأمريْن والأصليْن: يُستفاد منها أربع قواعد من قواعد إصلاح القُلوب والجوارح: القاعدة الأولى: الصَّبر؛ وهُو الحبس، ويكون بحبس النَّفس عن ترك فرائض الله تعالى، وحبسها عن فعل محارم الله تعالى، وحبسها عن التَّسخُّط على قضاء وقدر الله تعالى، وهذه القاعدة مُتعلِّقة برُكن الإيمان السَّادس؛ وهُو ركن الإيمان بالقضاء والقدر؛ خيره وشرِّه؛ حُلوه ومُرِّه. القاعدة الثَّانية: اليقين، وهو الإيمان الجازم الثَّابت الذي لا ريب فيه ولا تردُّد ولا شكَّ ولا شُبهة، وهذه القاعدة مُتعلِّقة بأركان الإيمان الخمسة التي جمعها قول الله سُبحانه: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾. القاعدة الثَّالثة: هداية الخلق؛ ودعوتهم إلى كتاب الله تعالى وسُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، كما قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾. القاعدة الرَّابعة: دعوة الخلق إلى الله تعالى بما يتوافق مع أمره، وهذا يتضمَّن اتِّباع شرعه الذي أنزله على رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، فهداية الخلق إنَّما تكون بشرع الله وحده؛ دُون غيره من الأقوال والآراء والنِّحل والمذاهب، فأَتْبَاع سبيل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: لا يهدون إلا بأمره خاصَّة، كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.

مشاركة :