خواطر رمضانية / دفع الشبهات ورفع الشهوات | اسلاميات

  • 6/22/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هذه مجموعة متنوعة من الخواطر الرمضانية ذات القيمة الإيمانية والفائدة العلمية بقلم الأستاذ الدكتور وليد مُحمَّد عبدالله العَلِيّ أُستاذ الشَّريعة والدِّراسات الإسلاميَّة بجامعة الكويت وإمـام وخـطـيـب المـســجــد الكــــبــــيــــر بدولــــة الكويت. w-alali@hotmail.com إنَّ العبد لا يُمكنه دفع الشُّبهات بيقين القلب؛ ولا رفع الشَّهوات بصبر الجوارح؛ إلا بأحد أمريْن: الأمر الأوَّل: حُبُّ الرَّبِّ سُبحانه مع الرَّغبة في ثوابه. الأمر الثَّاني: خوف الله تعالى مع الرَّهبة من عقابه. فمن تمكَّن من قلبه هذان الأمران: أنتجا له إيثار ما ينبغي إيثاره؛ وتقديمه على ما سواه. وإنَّ خاصيَّة العقل: إيثار أعلى المحبوبيْن على أدناهما، واحتمال أدنى المكروهيْن ليتخلَّص به من أعلاهما، وبهذا الأصل تعرف عُقول النَّاس؛ فتُميِّز بين العاقل وغيره، وبذلك يظهر تفاوت النَّاس في عُقولهم. فأين عقل من آثر لذَّة عاجلة مُنغَّصة مُنكَّدة؛ إنَّما هي كأضغاث أحلامٍ؛ أو كطيفٍ زار في المنام؛ على لذَّة هي من أعظم اللَّذَّات؛ وفرحة ومسرَّة هي من أعظم المسرَّات، دائمة لا تزول ولا تفنى ولا تنقطع، فباعها بهذه اللَّذَّة الفانية المُضمحلَّة؛ التي حُشيْت بالآلام؛ وإنَّما حصلت بالآلام؛ وعاقبة أمرها الآلام؟! فلو قايس العاقل بين: لذَّتها وألمها؛ ومضرَّتها ومنفعتها: لاستحيا من نفسه وعقله، كيف يسعى في طلبها؛ ويُضيِّع زمانه في اشتغاله بها؟ فضلاً عن إيثارها على ما لا عينٌ رأت؛ ولا أذنٌ سمعت؛ ولا خطر على قلب بشرٍ. وقد اشترى الله سُبحانه من المُؤمنين أنفسهم، وجعل ثمنها: جنَّته، وأجرى هذا العقد على يد: رسوله وخليله وخيرته من خلقه صلَّى الله عليه وسلَّم، فهذه سلعةٌ؛ ربُّ السَّماوات والأرض: مُشتريها؛ والتَّمتُّع بالنَّظر إلى وجهه الكريم وسماع كلامه منه في داره: ثمنها؛ ومن جرى العقد على يده: رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. فكيف يليق بالعاقل أن يُضيِّع هذه السِّلعة ويُهملها ويبيعها بثمنٍ بخسٍ؛ في دار زائلة مُضمحلَّة فانية؟ وهل هذا إلا من أعظم الغَبْن؟ وإنَّما يظهر له هذا الغَبْن الفاحش: يوم التَّغابن، إذا ثقلت موازين المُتَّقين؛ وخفَّت موازين المُبطلين. ولا يعرف حقيقة إيثار ما أحبَّه الله تعالى على ما أبغضه: إلا من عرف الله تعالى ووحَّده؛ وأنس به واشتاق إلى لقائه؛ واجتمع قلبه وهمُّه عليه، وهذا بخلاف من قلبه مُشتَّتٌ؛ وهمُّه مُفرَّقٌ، فليس لقلبه مُستقرٌّ يستقرُّ عنده؛ ولا حبيبٌ يأوي إليه ويسكن. لذا قال بعض السَّلف: (مساكين أهل الدُّنيا، خرجوا منها؛ وما ذاقوا أطيب ما فيها. قيل له: وما أطيب ما فيها؟ قال: معرفة الله تعالى). فليس في الدُّنيا نعيمٌ يُشبه نعيم أهل الجنَّة: إلا هذا، ولذلك جُعلت قُرَّة عيْن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الصَّلاة. وإنَّ أعلى المحبوبات الذي يُحبُّ لذاته هُو الله تعالى الذي لا إله إلا هو، فكُلُّ ما سوى الله تعالى إنَّما يُحبُّ تبعاً لمحبَّته، فالله تعالى يُحبُّ لأجله؛ ولا يُحبُّ معه، فالحبُّ مع الله تعالى: شركٌ، والحبُّ لأجل الله تعالى: توحيدٌ، والمُوحِّد: إنَّما يُحبُّ لله تعالى؛ ويُبغض فيه؛ ويُعطي له؛ ويمنع له. اللَّهُمَّ إنَّا نسألك الجنَّة؛ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ، ونعوذ بك من النَّار؛ وما قرَّب إليها من قولٍ أو عملٍ.

مشاركة :