رغم وجود وعي كبير لدورهم، لا يزال لدى عديد من القياديين الناجحين شعور كبير بالقلق وانعدام الأمن. ولا يدرك عديد منهم تأثير أفعالهم في الآخرين. وفي الأساس، لم تكن لديهم فكرة واضحة عن أهمية دورهم، فهم غرباء عن أنفسهم، وقد يلجأون إلى التصرف على نحو مريب لعدم شعورهم بالأمان. إضافة إلى كون عديد منهم يتساءلون باستمرار عما إذا كانوا يقومون بدورهم على نحو جيد بما فيه الكفاية؟، أو إن كانوا مناسبين لتولي هذا المنصب، أو هل سيدرك الآخرون أنه ليس كفؤا لتوليه المنصب في المقام الأول؟ هذا ما يعرف باسم متلازمة المحتال. يعوض البعض ذلك بأن يصبحوا أكثر نرجسية في سلوكهم لإقناع أنفسهم والآخرين بأنهم متميزون. وقد يعانون بسبب الغطرسة التي تؤدي إلى قيامهم بأعمال غير مسؤولة. كما يلجأ بعضهم إلى أسلوب الذكر المسيطر. بينما كان يجب على القياديين أن يكونوا متمرسين على مدى العقود الثلاثة الماضية بتطوير أسلوب تواصلهم مع نظرائهم لإنجاز الأمور، إلا أنهم سرعان ما يعودون إلى سلوكهم الاستبدادي عند الضغوط كنمط سلوكي فطري. نستقطب في برنامج تحديات القيادة، الذي تبلغ مدته أربعة أسابيع، تنفيذيين كبارا لمشاركة خبراتهم، ومساعدة بعضهم بعضا على أن يكونوا أكثر واقعية في العمل عن طريق سؤال أنفسهم، عما يقومون به؟ وكيفية القيام بذلك قبل البدء بالتنفيذ. فيصبحوا أكثر دراية بأفعالهم ودوافعهم من خلال دراسة حالة كل على حدة. كما يتبع برنامج تحديات القيادة الحكمة القديمة "اعرف نفسك". فعندما يتعلم القياديون التركيز على السلوك الواعي وغير الواعي، والفعل العقلاني وغير المنطقي، يضمنون سير العمل على أكمل وجه. في نهاية المطاف، أسهمت المنهجية المستفادة من برنامج تحديات القيادة في إنشاء مركز إنسياد للقيادة العالمية، الذي جعل إنسياد كلية إدارة الأعمال الرائدة في العالم في مجال التدريب؛ وأوجد الأساس لماجستير التنفيذيين في التدريب والاستشارات من أجل التغيير، وهو برنامج ناجح يدرس الآن في قارتين. فتغيير السمات الشخصية للأشخاص يعد أحد الركائز الأساسية الخمسة التي تميز إنسياد عن غيرها من كليات إدارة الأعمال. يمر عالم الأعمال اليوم بتحول كبير غير مسبوق منذ الثورة الصناعية الثانية. حيث أدت الإمكانات المتطورة والقدرة على تحمل تكاليف التكنولوجيا الناجمة عن الابتكار الرقمي إلى تغييرات جذرية في كيفية إدارة الأعمال والشركات وسلوك المستهلك. وبما أن العالم يتغير، لم تعد القيادة تعرف خلال ما يقوم به قيادي واحد "نظريات الرجل العظيم" لكن من خلال القدرة على التعاون والتحفيز وطريقة إدارة شبكة العلاقات. أصبحت القيادة لعبة جماعية. يحتاج السلوك القيادي إلى الانتشار في أرجاء المؤسسة كافة. نجاح القيادة اليوم متعلق بطريقة تفكير الأشخاص، والطريقة التي يشعرون بها، وتصرفهم بطريقة مسؤولة. فهي أكثر من كونها كاريزما أو شيئا يمكن تعلمه بثلاث خطوات سهلة، أو من خلال أحد البرامج. تتطلب القيادة القوية للتطوير باستمرار. فليس بالضرورة أن يتمتع الأشخاص الأذكياء بالحكمة. لكن بإمكانهم أن يتعلموا كيفية إيجاد سبل للتعامل مع التجارب الصعبة من خلال معرفة أنفسهم. ومن الجيد أن نضع في حسباننا أن القادة أشبه بالعنب. بعضه يتحول إلى عصير وقد يصبح بعضه الآخر خلا.
مشاركة :