الجامعة العربية والتوهُّم البريطاني | محسن علي السُّهيمي

  • 7/24/2013
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

تشكَّلت الخطوات الأولى لجامعة الدول العربية سنة (1945م) بسبع دول، ثم توالى انضمام بقية الدول العربية حتى وصلت حاليًّا إلى (22) دولة عربية. قيام مثل هذه التكتلات الإقليمية يأتي نتيجة دوافع (ذاتية) مُلحَّة تستوجب قيامها؛ نظرًا لما يترتب على هذه التكتلات من منافع سياسية وأمنية واقتصادية وغيرها. واليوم توشك الجامعة على إتمام عقدها السابع وهي لا تزال مثقلة بقضايا عديدة متكدسة في أدراجها لم تأخذ طريقها للحل، ويأتي على رأس هذه القضايا القضية الفلسطينية. ومع هذا فمُضيُّ سبعة عقود هي عمر جامعة الدول العربية لم يُكسبها الرضا عند الشعوب العربية التي كانت تتطلع لقيام الجامعة بأدوار ريادية تخلد في صفحات التاريخ، خصوصًا والبيئة العربية حُبلى بالقلاقل والنزاعات التي لا تكاد تنقطع بين الدول العربية نفسها ومع جاراتها، وهذا بدوره يجعل فرص النجاح وفيرة ومتعددة أمام الجامعة. غير أنَّ ما يعكِّر صفو تلك التطلعات المشروعة للشعوب العربية ما هو مدوَّن في الموقع الرسمي للجامعة على الشبكة العنكبوتية؛ فَلِوَقتٍ قريب كنتُ وغيري نظنُّ أن قيام جامعة الدول العربية جاء برغبة (ذاتية) دون (تحريض) خارجي، ثم اتضح غير ذلك! القصة تبدأ -بحسب موقع الجامعة- بـ"إلقاء (أنتوني إيدن) وزير خارجية بريطانيا خطابًا في (29/5/1941م) ذكر فيه: إن العالم العربي قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الماضية، ويرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به الآن". ويضيف الموقع "وبعد أقل من عامين من هذا التاريخ وتحديدًا في (24/2/1943م) عاد (إيدن) يصرح في مجلس العموم البريطاني بأن الحكومة البريطانية تنظر بعين العطف إلى كل حركة بين العرب ترمي إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية". العجيب في تصريحات (إيدن) أنها لم تكن مجرد مشاركة شعورية للدول العربية؛ بل كانت (تحريضًا) لها لقيام وحدة بينها تتحقق لبريطانيا عن طريقها مصالح إستراتيجية. فباعتراف موقع الجامعة نفسه فقد "وجدت بريطانيا في الأربعينيات من القرن العشرين أن وجود أحد الأشكال المؤسسية التي تنتظم فيها الدول العربية المستقلة في حينه (يخدم مصالحها) من عدة وجوه أساسية". وذكر الموقع من هذه المصالح "حل قضية اليهود في فلسطين، توهمًا منها أن تأسيس دولة يهودية لا يمكن أن يتم إلا من خلال إطار عربي عام قادر على (إعطاء التنازلات) للصهاينة وموحد لكلمة العرب ومنسقها في هذا الشأن". وبناء على التحريض البريطاني لقيام الوحدة العربية من خلال تصريحات (إيدن) التي كانت (تضمر) أهدفًا تصب في مصلحة بريطانيا قامت جامعة الدول العربية؛ وذلك عندما أخذ رئيس الوزراء المصري "مصطفى النحاس" بزمام المبادرة لقيام الجامعة. موقف الحكومة البريطانية المحرض بقوة على قيام وحدة عربية يجعلنا نفقد الثقة في الدوافع التي قامت لأجلها الجامعة، ولو ركَّزنا في المصلحة البريطانية المذكورة آنفًا التي أوردها الموقع بصيغة (السخرية) لوجدناها متحققة، ولم تظل (توهمًا) كما يظن مسؤولو الجامعة؛ فالتكتل العربي ممثلًا في الجامعة العربية لم يدفع بالقضية الفلسطينية للأمام منذ أن أصبحت الجامعة في حكم الوصي عليها. لذا وفي ظل التفكك العربي الحالي، والإخفاقات المتكررة للجامعة في حل كثير من الصراعات العربية العربية، والعربية الدولية، وإخفاقها في تحقيق طموحات الشعوب العربية، يغدو من الضرورة بمكان حلُّ الجامعة؛ حتى تنعتق القضية الفلسطينية من وصايتها التي ساهمت –من حيث تدري أو لا تدري- في جعل التوهُّم البريطاني حقيقة ماثلة، ولتبحث الشعوب العربية عن وحدة عربية حقيقية فاعلة، ولتزيح بعض الدول العربية عن كاهلها التزاماتها المالية (المرهقة) تجاه الجامعة. Mashr-26@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :