شجاعة العقلاء في مواجهة الأخطاء | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 6/26/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لَم أَرَ في حيَاتي أَعْجَب مِن البَشَر، وهَذا العَجَب كَبير إذَا نَظَرْتَ إلَى الخَارِطَة العَالميّة، ولَكنَّه يَكون أكبَر إذَا وَجّهنا النَّظر إلَى خَارِطَة العَالَم العَربي، وأَخيرًا يَكون أكبَر وأكبَر إذَا يَمّمنا أَعيننا شَطر شَعبنا العَريق..! وهَذه المُقدّمة -التي كُتبت أعلَاه- لَيست رَجماً بالغَيب، ولَا اتهامًا بالبَاطِل، وإنَّما هي قَاعدة عَرفجيّة، قَررتُها بَعد مُعَاشرة النَّاس ومُصاحبتهم، والتَّعامُل مَعهم لأكثَر مِن 40 سَنَة، ولَن أكتُب هُنَا عَن جَوانِب العَجَب الكَثيرة، إنَّما سأُخصِّص جُزئيّة بَسيطة لهَذه الكِتَابَة، وفي كِتَابَاتٍ أُخرَى سنُكمل بَقيّة الجُزئيّات..! خُذ مَثلاً: جُزئية الإنسَان الذي يَرتكب الأخطَاء، ولَا يَتحمّل النَّتَائِج، وهَذه مِن أكثَر الأشيَاء المُزعجة في التَّعامُل مَع النَّاس. إنَّ الله -عَزّ وجَلّ- أَعطَى للإنسَان حُريّة اختيَار تَصرُّفاته وأعمَاله، شَرط أنْ يَتحمَّل عَواقبها ونَتائجها، حَيثُ يَقول القُرآن الكَريم: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ)..! وهُنَا دَعوني أُوضِّح الفِكْرَة بشَكلٍ أكبَر: يُقال إنَّه كَان هُنَاك عَامِل «نَادِل» في مَطعم، وكَان كُلّما أحضَر المَشروبَات للزَّبَائِن، يَملأ الأقدَاح والكؤوس، حتَّى تَتنَاثر ذَات اليَمين وذَات الشِّمَال، فطَلَب مِنه مُدير المَطعم بأنْ يَكفّ عَن ذَلك، فلَم يَستجب، وأَوقَعَه في إحرَاج مَع الزَّبَائِن، ونَبّهه مَرَّة أُخرَى، ثُمَّ أَنذَرَه في المَرّةِ الثَّالِثَة، فمَا كَان مِن مُدير المَطعم إلَّا أنْ حَذّره بلَهجَة صَارِمَة، قَائلاً: «إذَا فَعلتَ ذَلك مَرَّة أُخرَى سأحسَم مِن رَاتبك»، وذَلك مَا حَدَثَ بالضَّبط..! مَا الذي يَهمُّنا في هَذه القصّة؟ يَهمّنا أنَّ ذَلك العَامِل ذَهَبَ إلَى أصدقَائه، واشتَكَى إليهم قَائلاً: «تَصوّروا أنَّ مُديري الظَّالِم حَسَم مِن رَاتبي؛ لأنَّني أَملأ أكوَاب العَصير للزَّبَائِن؟»، وكَم كَانت المُفاجأة حِين سَألوه قَائلين: «أَلَم يُحذّرك أولاً قَبل أنْ يُعاقبك»؟ فقَال: «نَعم، حَذّرني ولَكنَّني لَم أقتَنع بتَحذيره، لأنَّه بَخيل وأنَا كَريم بطَبعي، وأُحبّ أنْ أُكْرِم الزَّبَائِن..!» حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نُؤكِّد أنَّ هَذه القصّة بَسيطة، ومُبَاشرة، ولَكنَّها تُمثِّل سلُوك مَلايين البَشَر، أُولَئك الذين يَرتَكبون الأخطَاء، ولَا يَتحمّلون نَتائجها، ولا أَدري -يَا مَعشر القُرّاء والقَارئات- هَل أَنتُم ممَّن يَرتَكبون الأخطَاء ولَا يَتحمّلون عَواقبها؟ أم مِن الذين يَتحلّون بالشَّجَاعة لتَحمُّل عَواقِب أخطَائهم، ودَفْع الثَّمَن مَهْمَا كَان بَاهِظًا..؟!! T: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :