تعكس أحدث المؤشرات حول تسارع تبخر احتياطات مصر من العملة الصعبة حجم التحديات أمام السلطات نتيجة تأثر الأنشطة الاقتصادية بأزمة الوباء خاصة بعد أن قطعت الحكومة شوطا كبيرا في طريق تنفيذ برنامج الإصلاح المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي. أظهرت بيانات حديثة نشرها البنك المركزي المصري أن احتياطات البلاد من النقد الأجنبي تراجعت بنهاية الشهر الماضي مع استمرار تداعيات أزمة فايروس كورونا. وذكر المركزي في بيان أن رصيد الاحتياطي النقدي بلغ حوالي 37 مليار دولار في أبريل، مقابل نحو 40.12 مليار دولار قبل شهر. وأوضح أنه استخدم نحو 3.1 مليار دولار في تغطية احتياجات السوق من النقد الأجنبي لضمان استيراد السلع الإستراتيجية وسداد الالتزامات الخاصة بالدين الخارجي للدولة، وكذلك خروج بعض المستثمرين من خلال آلية المركزي لتحويل أموال المستثمرين الأجانب. وهذا هو التراجع الثاني على التوالي في الاحتياطي المصري، الذي انخفض بـ5.4 مليار دولار في مارس الماضي. وكان الاحتياطي النقدي في مصر يتخذ اتجاها تصاعديا منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في العام 2014، حتى وصل إلى أعلى رصيد في تاريخه خلال فبراير الماضي، عندى مستوى 45.5 مليار دولار. واعتبر الخبير الاقتصادي وليد جاب الله، أن انخفاض الاحتياطي النقدي مؤشر صعب جدا، لكنه أشار إلى أن هذا الانخفاض لا يحدث في مصر فقط وإنما على مستوى العالم كله. ونسبت وكالة شينخوا الصينية لجاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، قوله إن “هذا الانخفاض حدث بسبب تباطؤ حركة العمل والإنتاج بفعل أزمة فايروس كورونا”. ولفت إلى أن الحكومة تحاول أن تخفف الضغط على الاحتياطي النقدي عبر طلب الحصول على خط ائتمان من صندوق النقد. ويجمع محللون على أن ارتفاع الاحتياطات النقدية رهين بعودة القطاعات إلى النشاط مجددا لأن الاقتصاد المصري لن يتحمل لفترة أطول خاصة بعد أن تبخرت خلال شهري مارس وأبريل قرابة 8.5 مليار دولار. وأشاروا إلى أنه في حال استمر هذا النزيف للأشهر المقبلة فإن القاهرة ستجد نفسها مضطرة إلى القيام بتدابير عاجلة ربما تكون أقسى من السابق. ومن المقرر أن يجتمع مجلس مديري صندوق النقد الاثنين المقبل للنظر في طلب مصر الحصول على القرض بموجب برنامج أداة التمويل السريع. وسرعت تداعيات الوباء للشهر الثاني على التوالي من عمليات التخارج لاستثمارات الصناديق المالية الأجنبية من السوق المحلية خلال أبريل الماضي، وإن كانت بوتيرة أقل من مارس، الذي شهد ذروة تخارج المحافظ الاستثمارية. وأظهرت البيانات أن المستثمرين الأجانب باعوا خلال مارس الماضي، ما يعادل 149.3 مليار جنيه (9.5 مليار دولار) من أذون الخزانة، بما يزيد على نصف حيازاتهم. وتأثرت تدفقات النقد الأجنبي سلبا جراء التوقف شبه التام للنشاط السياحي منذ منتصف مارس. ووفقا لأرقام المركزي، درت السياحة 13 مليار دولار على مصر خلال العام الماضي، فضلا عن تحويلات المغتربين بنحو 26.8 مليار دولار.
مشاركة :