تختزل أحدث المؤشرات حول تسارع تآكل احتياطات العملة الصعبة لدى تركيا، حجم التحديات أمام الحكومة التي تحاول يائسة لمعالجة الاختلال في التوازنات المالية التي تسببت فيها الارتدادات الخارجية جراء الحرب في شرق أوروبا. وتظهر تصريحات المصرفيين مدى القلق من أن الاقتصاد قد يواصل الانزلاق إلى قاع حفرة يصعب التكهن بمدى عمقها مع استمرار الأزمات الخانقة التي تحاصر كافة الأنشطة التجارية والمصرفية والاستثمارية ما لم يتم حل تراكم المشاكل على نحو سريع. ووفقا لحسابات أربعة اقتصاديين استنادا إلى بيانات أولية، انخفض صافي احتياطيات البنك المركزي من العملة الصعبة إلى أدنى مستوياته في عشرين عاما، ليبلغ سبعة مليارات دولار بنهاية العام الماضي. وقال متعامل في سوق الصرف بأحد البنوك لرويترز إن “احتياج الاقتصاد للعملات الأجنبية مستمر”. 57.74 مليار دولار قيمة الموازنة الإضافية للتصدي لهبوط الليرة وزيادات حادة في أسعار الطاقة وتضخم جامح وأوضح أن “المؤشرات الأولية تُظهر أن احتياطيات المركزي من العملات الأجنبية سينخفض بنحو مليار إلى سبعة مليارات دولار. وسيكون هذا أضعف مستوى منذ 20 عاما”. وأظهرت بيانات رسمية الأسبوع الماضي أن صافي الاحتياطيات بالعملات الأجنبية انخفض بنحو 2.37 مليار دولار إلى 8.15 مليار دولار في العاشر من يونيو. ومن المتوقع أن يعلن البنك المركزي الخميس المقبل عن أحدث بيانات رسمية تتعلق بالاحتياطات النقدية. ويأتي ذلك بعدما قالت وكالة الأناضول الاثنين إن الحكومة التركية قدمت مقترحا إلى البرلمان لموازنة تكميلية قيمتها حوالي تريليون ليرة (57.74 مليار دولار) لتغطية زيادة في التكاليف والتصدي لهبوط العملة المحلية وزيادات حادة في أسعار الطاقة وتضخم جامح. وأبلغت مصادر رويترز في وقت سابق من هذا الشهر أن أنقرة تدرس تمرير موازنة تكميلية في البرلمان قبل عطلته الصيفية وسط ارتفاع غير مسبوق في أسعار الطاقة وصعود منحنى التضخم في السوق المحلية إلى مستويات قياسية. وتزايد عبء الميزانية بسبب زيادات في تكاليف الطاقة وأجور القطاع العام ومعاشات التقاعد وهبوط حاد لليرة والتكلفة المتزايدة المرتبطة بخطة لحماية الودائع تم إطلاقها في أواخر 2021 لتخفيف آثار أزمة العملة. وأوردت الأناضول الرقم نقلا عن نص لمقترح الموازنة وقعه الرئيس رجب طيب أردوغان. ونقلت عن أردوغان قوله إن “زيادات كبيرة في الأسعار بشكل عام حدثت نتيجة للتطورات الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم وفي بلدنا، وبالتالي ظهرت حاجة أيضا لإحداث زيادات في مدفوعات الموازنة.” واستنادا إلى سعر الليرة الحالي، تظهر حسابات المصرفيين أن عبء ميزانية الخطة سيكون 8 مليارات ليرة (470 مليون دولار) في يونيو و5 مليارات ليرة (290 مليون دولار) في يوليو، مع تحويل معظم التكلفة إلى المركزي اعتبارا من أغسطس. Thumbnail وأدت الليرة الضعيفة والازدهار، في أسعار السلع العالمية في أعقاب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في أواخر فبراير الماضي، إلى زيادة التضخم في أسعار المستهلك التركي إلى أكثر من 73 في المئة الشهر الماضي، وهي أعلى قراءة منذ عام 1998. وسيتعين أن توافق لجنة برلمانية على المقترح ثم يقره البرلمان بكامل هيئته. ويأخذ البرلمان في العادة عطلة صيفية من أوائل يوليو/تموز إلى أوائل أكتوبر/تشرين الأول. ولمساعدة الأسر في مواجهة التكاليف المتزايدة، استحدثت أنقرة في عام 2021 دعما للوقود والكهرباء والغاز بقيمة 200 مليار ليرة (11.6 مليار دولار). ومن المتوقع أن يبلغ الدعم 300 مليار ليرة (17.3 مليار دولار) هذا العام، لكن تكاليف الطاقة ارتفعت بوتيرة أسرع كثيرا مما كان متوقعا. وتتوقَع الموازنة المقترحة ارتفاع الإيرادات العامة بمقدار يتجاوز المليار ليرة، أي أكثر مما سيكون ضرورياً لتمويل الإنفاق الجديد. ووفقا للبيانات الرسمية فقد ارتفعت إيرادات الحكومة خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام بواقع الضعف على أساس سنوي، في حين ارتفع الإنفاق بنحو 74.5 في المئة. وأجبر أردوغان، الذي يواجه الانتخابات في غضون عام، البنك المركزي على إبقاء أسعار الفائدة ثابتة عند 14 في المئة بعد خفضها بمقدار تراكمي قدره 500 نقطة أساس خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2021. ويعتقد الرئيس التركي أن أسعار الفائدة المرتفعة تؤدي إلى تضخم أسرع في أسعار المستهلكين، وهو أمر يتعارض مع الافتراضات الأساسية التي يتبناها محافظو البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم.
مشاركة :