آلهة مصر القديمة|| «مين».. رب المواكب وإله الأعمدة العالية

  • 5/10/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تعددت المظاهر المعبرة عن الحضارة المصرية فى أوج مجدها، وكان على رأس هذه المظاهر الآلهة المصرية القديمة التى عبرت عن وجودها الاجتماعى والطبيعى، والتى كانت من ضمن جوانب هذه الحياة بكل ما بها من زخم وتناغم وازدهار. وقد تخطى عدد المعبودات فى الحضارة المصرية القديمة الألف معبود التى كانت تمثل جوانب الحياة المختلفة، كالنمو، والشمس، والخصوبة، والفنون، والحياة والموت، وغيرها، إضافة إلى أن العديد من النصوص المصرية القديمة ذكرت أسماء بعض الآلهة دون الإشارة إلى طابعها أو دورها. «البوابة» تصطحبكم خلال أيام الشهر الفضيل فى جولة لتاريخ مصر القديم، فحينما كانت أغلب دول العالم تنام فى العراء، وتقتات من الترحال فى دروب الصحارى، وتلتحف السماء غطاء لها، كانت مصر قوة ضاربة على كل المستويات، فمصر أول بلدان الأرض التى عرفت الإله ووحدته وعبدته، بل وجعلت لكل قوة كامنة فى الطبيعة أو فى الحياة المصرية «رمز» يعبّر عنها، أُطلق عليه لقب «إله»، لم يكن هذا الإله يعبد لدى المصريين، ولكنهم كانوا يجلونه ويقدسونه، لاعتقادهم أن روحه تحوى القوة الخارقة المسيطرة على هذا الجانب من جوانب الحياة، وفى حلقة اليوم سنتحدث عن الإله «مين».عُرف هذا الإله منذ عصر ما قبل الأسرات، ومن ثم فهو يعد من أقدم الآلهة المصرية، ففى العصور التاريخية القديمة ظهر على هيئة رجل منتصب يلبس رداء ضيقًا ويرفع إحدى ذراعيه إلى أعلى لتحمل السوط بينما تختفى اليد الأخرى تحت ردائه، ويحمل فوق رأسه تاجين ذوى ريشتين، وكان الهيكل البدائى للإله «مين»، عبارة عن كوخ مخروطى لا يبعد كثيرًا عن شكل الأكواخ المربعة، والتى ما زال يوجد العديد منها عند القبائل الأفريقية، وكل الأشكال الثلاثة للمبانى تحتوى على غرف يحيا فيها صاحبها سواء الإنسان الحى أو الإله أو الميت وأجزاء من المبنى يحفظ فيها أثاثه وممتلكاته، ويُكلف الخدم بتقديم الراحة للأحياء، ويقوم الكهنة بخدمة الآلهة، فى حين أن طبقة خاصة من الكهنة الجنزيين كانوا خدمة القرين التى تعنى براحة الميت ومتطلباته.كان رمز الإله «مين» المقدس عبارة عن عمود أو الُنصب الذى كان يظهر على أحد صاريات حضارة «نقادة» قرب نهاية عصور ما قبل التاريخ، وإن كان طبيعة هذا العمود ما زالت غامضة، بل وأحيانا تختلف صورة بعضها عن البعض، وإن كان ظهوره فى عصر «نقادة» أخذ شكل نصب منحوت من حجر أو خشب قد يكون سهما أو حربة ذات رأسين، وكانت تقام الأعياد للإله «مين» فى موسم الحصاد، وكانت أعياده مرتبطة بموسم وتاريخ فى السنة الدينية التى لا تنطوى عامة على أى علاقة بالمواسم، وذلك طبقًا لطبيعة الإله صاحب العيد، فهناك عيد «تجلى مين» إله الخصوبة، والذى كان يحتفل به فى كل معابده بالقطر مع بداية موسم المحصول. كان الكهنة يحملون تمثال «مين» على أعمدة وكل منهم ملتف فى جلباب مزدان بأسماء الملك، وبالشكل الذى لا تظهر فقط فيه إلا رءوسهم وأقدامهم من أعلى وأسفل الجلباب، وتتبعهم مجموعة أخرى صغيرة من الكهنة حاملة معها لفائف الخس، وهو النبات المقدس للإله «مين».كانت عبادته الأقوى فى قفط وأخميم «بانوبوليس»؛ حيث تكريما له تم عقد مهرجانات كبيرة للاحتفال بقدومه إليها مع موكب عام وتقديم للقرابين، وتشمل التجمعات الأخرى الخاصة بعبادته الصحراء الشرقية مع صلات بالإله حورس، نمت أهميته فى عصر الدولة الوسطى عندما أصبح أكثر ارتباطا مع حورس فى صورة الإله مين- حورس، وبحلول عصر الدولة الحديثة كان ينصهر أيضًا مع آمون فى صورة الإله مين- آمون- كاموتف «مين آمون ثور والدته»، وقد توج ضريح مين بزوج من قرون الثور.تم تكريمه خلال طقوس تتويج الفراعنة فى المملكة الجديدة، عندما كان من المتوقع أن الفرعون «يزرع زرعه»، وفى بداية موسم الحصاد كان يؤخذ تمثاله من الهيكل ويقدم إلى الحقول فى مهرجان رحيل مين، عندما يبارك الحصاد، وتلعب الألعاب بلاعبين عاريى الجسد تكريما له، والأكثر أهمية من تلك هو إجراء مسابقة فى تسلق عمود أو خيمة ضخمة.وقد تم تصوير بعض آلهة الحرب فى جسد مين، وكان من أشهر الترانيم التى تليت فى الصلوات له: «مين، رب المواكب، وإله الأعمدة العالية، ابن إيزيس وأوزوريس».

مشاركة :