ماذا يعني استقرار منحنى العائد على السندات؟

  • 5/10/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

برايان شاباتا * ستصدر الولايات المتحدة سندات ب 32 مليار دولار من فئة 10 سنوات، ما يفوق توقعات عند 29 ملياراً، و 22 ملياراً من فئة 30 عاماً، مقابل توقعات لم تزد على 21 ملياراً نادراً ما تفاجئ وزارة الخزانة الأمريكية متداولي السندات عندما تعلن عن خططها الخاصة بالاقتراض للربع القادم. ولكن كما هي الحال في العديد من المتغيرات التي فرضها كوفيد-19، لم تعد رسائل الخزانة ولا رسائل مجلس الاحتياطي الفيدرالي المسبقة تعني شيئاً. وفي خطوة تجاهلت عجزاً في الميزانية يقترب من 4 تريليونات دولار، كشف وزير الخزانة ستيفن منوشين، عن خطة جديدة مؤخراً لزيادة جرعات الإصدار الإجمالية من الديون طويلة الأجل. وسوف تصدر الولايات المتحدة سندات بقيمة 32 مليار دولار من فئة السنوات العشر، ما يفوق أكثر التوقعات تفاؤلاً عند 29 مليار دولار، و22 مليار دولار من فئة 30 عاماً، مقابل توقعات لم تزد على 21 مليار دولار. والخطوة الأكثر إثارة على الإطلاق، إحياء الخزانة سندات فئة 20 عاماً لأول مرة بدءاً من 20 مايو /أيار، بطرح أولي بقيمة 20 مليار دولار، وهكذا تتجاوز كمية السندات المعروضة حجم الطلب في وول ستريت ما بين 12 و14 مليار دولار. ويعارض كثير من المحللين هذا التوجه باعتباره عبئاً يضاف إلى أعباء الديون الأمريكية أولاً، وباعتباره يزيد من حالة عدم اليقين في سوق الأوراق المالية غير المستقر ثانياً. وكما هو متوقع، سارع متداولو سندات الخزانة إلى التخلص من سندات الخزانة طويلة الأجل. فقد ارتفعت معدلات العائد على فئة السنوات العشر7 نقاط أساس لتصل إلى 0.73٪، وهو أعلى مستوى منذ منتصف إبريل، بينما قفزت معدلات العائد على فئة الثلاثين عاماً 10 نقاط أساس إلى 1.43٪ في أكبر تحرك صعودي منذ 7 إبريل. وهكذا تعمق الفارق بين فئات السندات 5 و30 عاماً ليتجاوز 100 نقطة أساس. وبصرف النظر عن اليوم الذي توقفت فيه تداولات سندات الخزانة خلال أسوأ تذبذبات شهدها السوق، كان هذا هو الفارق الأكثر حدة منذ سبتمبر 2017. كما أن الفارق بين معدلات عائد فئة السنتين وفئة عشر سنوات هو الأكبر منذ أوائل 2018. ومن البديهي أن يبدو هذا التحول الجذري منطقياً. فالمستثمرون بحاجة لاستيعاب كمية أكبر من السندات طويلة الأجل تفوق توقعاتهم، وبالتالي فهم يتوقعون بطبيعة الحال عائدات أعلى حتى يقدموا على شراء تلك السندات. لكن في نهاية المطاف، لا تنطبق ديناميات العرض والطلب النموذجية على سندات الخزانة. فالحكومة الأمريكية تتحكم في عملة الاحتياطي العالمية، ويلتزم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشراء كل ما هو ضروري لضمان سوق سندات يعمل بشكل سلس. وبضع مليارات إضافية من الدولارات هنا أو هناك لن تكون كافية ببساطة، لتحريك البوصلة بشكل دائم عندما يرتفع حجم ديون البلاد القابلة للتداول إلى 17.2 تريليون دولار. وبعبارة أخرى، يتطلب الأمر زيادة أكبر بكثير في كم المزادات لتعديل الهبوط في منحنى العائد. وعلى وجه التحديد، يحتاج متداولو السندات إلى رؤية دليل على أن الاقتصاد الأمريكي على وشك التعافي من الركود غير المسبوق في النشاط والزيادة القياسية في معدلات البطالة. ويحتاجون أيضاً إلى دلائل تدعم انتعاش التضخم الذي قد لا يشكل حالياً مصدر قلق، لكن عندما تتغير المعطيات الاقتصادية يصبح محل تركيز كبير. وإلى أن تتحقق كل تلك العوامل، قد يبقى الانتعاش الأخير في معدلات العائد على السندات الأمريكية حدثاً منفرداً لا يتكرر وليس بداية لمسار ثابت. فمعدلات العائد تعكس على المدى الطويل، توقعات أسعار الفائدة قصيرة الأجل على مدى عدد من السنوات، والعلاقة بين الطريقة التي تنتهجها الولايات المتحدة في تمويل عجزها وبين تغير الانطباعات حول مسار السياسة النقدية الفيدرالية. وقد أوضح جيروم باول أن البنك المركزي سيحافظ على أسعار الفائدة بالقرب من الصفر لفترة طويلة بعد انحسار جائحة الفيروس. ومن الجدير الذكر أيضاً أنه على الرغم من كل التركيز على معدلات العائد على سندات الخزانة طويلة الأجل لمدة عامين، تراجعت يوم الأربعاء إلى ما يقرب من أدنى مستوى لها منذ عام 2011، ولم تتزحزح معدلات العائد على فئة السنوات الخمس. ويضاف ذلك إلى ارتفاع الطلب على مزادات الأسبوعين الماضيين لأعلى مستوى له في سنوات، رغم أن معدلات العائد كانت بالقرب من أدنى مستوياتها وحجم الإصدار كان قياسياً. قد يستغل المتشائمون هذا الإعلان عن زيادة حادة في إصدارات الديون الأمريكية طويلة الأجل، لوصف المزادات بالفاشلة. لكن الفشل مستبعد لعدة أسباب أولها الحضور الدائم والقوي للاحتياطي الفيدرالي في السوق الذي يعني مسارعته لسحب الفئة الأطول أجلاً إذا لزم الأمر. ثانياً، بدد المجلس في مارس المخاوف الناتجة عن ضعف القدرة الشرائية لكبار المشترين في وول ستريت بسبب تراكم حيازاتهم من السندات، حيث تدخل بقوة في تعديل قواعد الرافعة المالية التكميلية بحيث طمأن حاملي السندات طويلة الأجل بعدم الحاجة للتخلص منها سريعاً وبأي ثمن. في ظل كل تلك المعطيات لن يكون تركيز الخزانة على الإصدارات طويلة الأجل مرهقاً لأي طرف. ومنحنى العائد لن يتراجع على فئة دون أخرى من الإصدارات. وننصح المستثمرين الذين يفكرون في التخارج من أكبر سوق سندات في العالم، بالتركيز على مؤشرات خروج الاقتصاد الأمريكي من أزمة كوفيد-19 عند تحديد خياراتهم الاستثمارية. * بلومبيرج

مشاركة :