فيما تراجع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاماً إلى أدنى مستوى على الإطلاق خلال تعاملات أمس الخميس، شهد منحنى العوائد انقلاباً خطيراً حين انعكس منحنى العائد بين السندات إلى مستوى قياسي منخفض دون 2% في حين انخفضت عوائد السندات القياسية لأجل عشرة أعوام إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات مع استمرار القلق بشأن التوترات التجارية العالمية وتباطؤ الاقتصاد العالمي. وتراجعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى أدنى مستوى في حوالي عامين. وفي تعاملات بعد الظهر في سوق نيويورك، سجل العائد على سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل عشرة أعوام أدنى مستوى في ثلاث سنوات عند 1.475%، غير بعيد عن مستواه القياسي المنخفض البالغ 1.321% الذي لامسه في أوائل يوليو 2016. وهبط العائد على سندات الخزانة لأجل 30 عاماً إلى مستوى قياسي منخفض عند 1.916%. وتراجع العائد على سندات الخزانة لأجل عامين إلى 1.467% وهو أدنى مستوى في حوالي عامين. ويُعرف منحنى العائد بأنه خط يحدد الفائدة على السندات في وقت بعينه تمتلك فيها جدارة ائتمانية متوازنة، لكنها مختلفة في الاستحقاق، بمعنى فارق الفائدة بين السندات لأجل عامين ولأجل عشر سنوات، ويجري الاحتفاظ بالسند لفترات أطول في مواجهة مخاطر التضخم أو عدم اليقين. ويتخذ منحنى العائد عادة اتجاهاً صعودياً، ولكن عندما ينقلب بأن يكون العائد على السندات الأقصر أجلاً أعلى من العائد على نظيراتها الأطول أجلاً، يسود القلق الأسواق لعدة أسباب. من بين الأسباب أن العائد على السندات القصيرة الأجل يرتفع لأن السياسة النقدية تتسبب في إبطاء نمو الاقتصاد أو لوجود مخاوف لدى المستثمرين بشأن مستقبل النمو أو لاندفاع المستثمرين نحو السندات الطويلة الأجل مما يدفع العائد عليها نحو الانخفاض. وقالت رئيسة الفدرالي جانيت يلين إن التاريخ يشير إلى أنه عندما ينقلب منحنى العائد، فإن ذلك إشارة قوية على ركود اقتصادي قريب، ولكن هذه المرة ربما تكون هذه الإشارة خاطئة، لأن الاقتصاد الأميركي قوي بما يكفي لدرء الركود. انقلابات سابقة خلال كل فترة من الفترات السبع التي تعرض فيها الاقتصاد الأميركي للركود، انقلب منحنى العائد على السندات لأجل عامين ولأجل عشرة أعوام، وكان آخرها في فترة الركود بين 2007 و2009. انقلبت منحنيات العوائد على سندات أخرى مثل المنحنى بين أذون الخزانة لأجل ثلاثة أشهر والسندات العشرية، وهو المعيار المفضل للفدرالي للتنبؤ بالركود. رغم عدم إمكانية التنبؤ بمدى استمرار انقلاب منحنى العائد على السندات لأجل عامين ولأجل عشرة أعوام، فإن وقوع الحدث نفسه أسفر عن تشاؤم كبير في الأسواق حيال نمو الاقتصاد الأميركي. ركود وشيك وقال محمد علي ياسين، الرئيس التنفيذي للاستراتيجيات والعملاء في الظبي كابيتال المحدودة خلال لقاء له مع "العربية" "أن منحنى عائد السندات الذي حصل أمس يشير إلى أن هناك ضعفاً وخوفاً من مرحلة ركود، لكن الكساد الاقتصادي لا يأتي بمجرد حدوث المنحنى على السندات، بل يمكن أن يستمر هذا التوقع لمدة سنة ونصف لحين حدوث الركود الفعلي، لكن ما يضر القطاع البنكي على وجه التحديد هو عندما تكون الفائدة على الإقراض قصير الأجل أقل من الإقراض طويل الأجل". وقال: "سنواجه مشكلة ما لم تعد الأسواق لتعكس واقع ما يحصل. أصبح اليوم ما يفيد الاقتصاد يضر الأسواق وبالعكس، وأصبحنا جميعاً نرغب بإفادة الأسواق على حساب الاقتصاد". ويقول آخرون إن انقلاب منحنى العائد يعكس توقعات المستثمرين بسوق السندات بأن البنك المركزي الأميركي يستعد لفترة تيسير نقدي بتخفيف معدل الفائدة، ولكن حال خفض الفدرالي للفائدة بوتيرة أسرع لدرء مخاطر الركود، ربما يكون انقلاب منحنى العائد إشارة خاطئة مثلما ترى يلين. من الناحية التاريخية وبداية من عام 1956، بدأت فترات الركود الاقتصادي في أميركا بعد نحو خمسة عشر شهراً من انقلاب العائد على السندات لأجل عامين ولأجل عشرة أعوام.
مشاركة :