لو تأملنا طريقة بناء المستشفيات قديمًا للاحظنا اتساع غرفها وتهويتها الجيدة ويمكن الاستشهاد بمستشفى حميات العباسية ومستشفى حميات الإسكندرية التى بنيت على دور واحد وعلى مساحة 23 فدانا وسقف الغرف عالى والشبابيك واسعة والغرف جيدة التهوية، وقد بنيت فى بدايات القرن العشرين، وكانت معظم المستشفيات تصمم على دخول الشمس كل غرف المرضى وتمتاز بالتهوبة الممتازة لكل غرف المستشفى والمسافة الكبيرة بين كل مبنى والآخر، وقد اكتست هذه المسافة الكبيرة بالخضرة والزهور وازينت بعضها بالنافورات.أما المستشفيات الحديثة والتى تعتمد فى تهوبتها على التكييفات ذات المضار العديدة نذكر منها: (التعب والإرهاق والصداع...مشاكل التنفس والالتهاب الرئوى... وآلام الظهر والرقبة.. جفاف الجلد..التهابات الجفن وحساسية العين..وتأثير تغير درجات الحرارة)، وفقدت كثيرا من المميزات التى تمتعت بها المستشفيات القديمة فزادت أدوارها وانخفضت أسقفها وضاقت شبابيكها وحرمت كثير من غرفها من الشمس.أما المستشفيات الأكثر حداثة بتصميمها المصمت حيت اختفت الشبابيك تماما منها وقد صممت وفق أحدث المعايير العالمية ذات التكيفات المركزية ورغم نظامها المعقد المعتمد على ضغوط ايجابية فى بعض مناطق التكييف المركزى وعلى ضغوط سلبية فى بعضها الآخر ورغم نظام بناء المستشفى المعقد والآمن من الناحية النظرية ولكن من الناحية العملية أثبت فشله الذريع أمام عدة ظواهر منها حدوث عدوى مكتسبة بعد الدخول للمستشفيات بنسب عالية عن المستشفيات القديمة ومنها انتشار الكورونا من المرضى للأطباء الذين يحرصون على اتباع الخطوات الوقائية الصارمة أثناء مخالطتهم بالمرضى المصابين ولكنهم قد يصابون بعيدًا عن المرضى وداخل المستشفيات عن طريق التكييفات المركزية والنظام المصمت فى بناء المتشفيات الحديثة...ويمكن أن تكشف الدراسة العلمية الدقيقة لاصابة عدد من الأطباء فى مستشفى مجدى يعقوب بالكورونا رغم التزامهم بقواعد الحماية والوقاية الطبية كاملة أثناء مخالطتهم للمرضى أما عن الأمثلة العالمية عن اصابة الأطباء بالكورونا أثناء تواجدهم فى المستشفيات الحديثة مصمتة البناء والتى تعتمد فى تهويتها على التكييفات المركزية فهى عديدة ومتنوعة.ويمكن بسهولة التأكد من تلك الملاحظات وغيرها بمقارنة نتائج المستشفيات القديمة جيدة التهوية مثل مستشفى حميات الاسكندرية بالمستشفيات مثل المنيل الجامعى ودار الشفاء ومستشفى العجوزة (فيما يخص العدوى المكتسبة من دخول المستشفيات سواء للمرضى وللمرافقين وللأطباء والطاقم الطبى المعالج) ونتائج المستشفيات الحديثة المصمتة تمامًا مثل القصر العينى الجديد والمئات من المستشفيات الخاصة حديثة البناء.طريقة بناء المستشفيات الحديثة تعتمد على تهويتها على التكيفات العادية (المنفصلة) أما المستشفيات الأكثر حداثة تعتمد على التكيفات المركزية وكذلك كل المنشأت الخدمية والفندقية الجديدة.. التكيفات المنفصلة تحتقظ بالميكروبات من أنفاس المرضى لمدد تطول أو تقصر حسب نوع الميكروبات ثم تنقلها للمرضى الآخرين بعد انصراف شاغلى الغرف قبلهم ومثال ذلك الالتهابات الفطرية الرئوية صعبة العلاج..أما التكيفات المركزية التى تعيد تدوير الهواء البارد توفيرًا للتكاليف وبالتالى تنقل الميكروبات كل أرجاء المستشفى عندما نتذكر المباني الرائعة التى اخترعها العالم المصرى الفذ المهندس حسن فتحى على هيئة قباب جيدة التهوية ولطيفة الجو فى صيف أسوان الحار دون أى تكييفات...أحس بالألم والخجل من تواجد مستشفى حميات أسوان المبنية حديثًا ذات الأدوار الستة والغرف الضيقة سيئة التهوية والمكيفة حتى لو قارناها بمستشفى حميات الاسكندرية ذات الدور الواحد والمبنية عام 1932 على مساحة شاسعة على 23 فدان وتهويتها الجيدة ودخول الشمس إلى كل غرفها مما يغنى عن استخدام التكييفات معظم أيام السنة . وبعد أن نهاوت المعايير العالمية الحديثة فى بناء المستشفيات أمام اختبار الكورونا... أدعو جميع مهندسى مصر شبابهم وكهولهم- زملاء وتلاميذ المعمارى المصرى الفذ سابق عصره البروفسير حسن فتحى- ودراسة الإعجاز المعماري فى البيوت المصرية القديمة مثل بيت السحيمي من تواجد قاعة شتوية وقاعة صيفية وروعة التهوية ومثاليتها وجو البيت الرائع صيفًا وشتاءً دون أى تكييفات وكذلك الأطباء بدراساتهم الطبية على تأثير نظام بناء المستشفيات ونهويتها على النتائج الطبية ..وتضافر جهودهم مهندسين وأطباء فى معايير بناء مصرية جديدة لا تعطى أى قدسية للمعايير الطبية الحديثة الجالية فى بناء المستشفيات من حيث اتساع غرفها وتهويتها الجيدة الخ.وإذا تدبرنا الاختلاف بين ظروف مصر وظروف أمريكا والبلاد الأوروبية التى خرجت منها المعايير العالمية الحديثة والمعقدة والباهظة فى بناء المستشفيات لأدركنا وجود فارق ضخم بين مناخ الدول الأوروبية والأمريكية ومناخنا المعتدل الذى لا يحتاج تكييف معظم أيام السنة فما بالنا لو أجدنا فى تحسين نظام بناء المستشفبات فى مصر.. بالاضافة إلى ارتفاع التكلفة المادية من تكلفة التكيفات المركزية وتكلفة تجهيزاته فضلا على فاتورة استهلاك الكهرباء والتعقيم المستمر الوقائى والعلاجى مقارنة بمنة الله علينا بالمناخ اللطيف لمصر ومقارنة بأعظم جهاز تعقيم خلقه الله لنا مجانا ًوهى الشمس.آن الأوان نراجع مراجعة شاملة وموضوعية لتصميم وطرق تشغيل المنشأت الطبية ويمتد ذلك أيضًا للمنشأت الخدمية والفندقية حتى تتوقف على توزيع الأوبئة على الناس.. حفظ الله مصرنا الغالية ووقانا شر الأوبئة والفتن والشرور .. وبارك الله لنا جميعًا فى شباب مصر كنزنا الرئيسى وأدام دعم الخبرات المصرية الراقية والمتميزة لهم.
مشاركة :