تداول الناس طرفة نقل تهنئة من قبل شخص عبر "الواتسآب" إلى أصدقائه بعد أن أعجبه أسلوب التهنئة دون أن يفطن أنها مذيلة باسم قريبته، بمعنى أنه لو قرأ التهنئة كاملة لانتبه للاسم وحذفه وعممه بعد ذلك، المشكلة ليست هنا، المشكلة بنسق التواصل الحديث، والذي سهل إرسال التهنئات والتبريكات من خلال النسخ واللصق، هي جيدة من جهة لأن فيها شيء من الذكرى لصديق أو قريب بقي اسمه في دليل الهاتف فقط، ولكن أصبح التواصل من خلال كلام الآخرين، بمعنى أصبح كل شخص -مع بالغ الاحترام- يردد كالببغاء ما يقوله الناس، أتفق أن للمناسبات كلمات محددة مثل "كل عام وأنتم بخير" أو "شهر مبارك"، ولكن مع إضافة كلمة أو كلمتين من إنشاء الشخص الذي يرسل التهنئة ربما يكون لها وقع أجمل وأكبر، أنتقل إلى أمر آخر، يرتبط بالنسخ واللصق، ربما انتشر كثيراً في الوقت الراهن بالذات في استخدام الواتسآب، حيث يتناقل كثير من الناس أدعية وأحاديث وصور ومقاطع فيديو، وأعتقد أن هذا الأمر طبيعي، المشكلة أن بعضها يشتمل على أخطاء لغوية وإملائية، أو معلومات مغلوطة، وهذا للأسف يعمم الخطأ، لقد انعدم لدى كثير من الناس ملكة الفرز والتصحيح، وأصبحوا يتقبلون ما يرد إليهم من قنوات التواصل الحديثة، وهذه من السلبيات، وقد تكون بسيطة مقابل استخدام النسخ واللصق عبر النت لمقالات بهدف سرقتها ونشرها بعد تعديل بسيط في الصحف أو في مواقع إلكترونية، قد يقول البعض إن ذلك غير منتشر، وأقول بمساعدة "قوقل" يتم اكتشاف كثير من الكتاب الذين يستسهلون أمر القص واللصق لنقل موضوع كامل أو مقاطع من مواضيع مختلفة، الأمر لا يتعلق بالمعلومة المحددة، ولكن بصيغ إنشائية أبدعها كتاب مغمورون في أزمان سابقة ونشرت في النت، ليلتقفها كما هي كاتب يريد أن يكون حاضراً في مناسبة ما، أو ليكون متواجداً في الإعلام المقروء، والمشكلة الأكبر عندما يعتمد الكاتب وقد يكون حاصلاً على شهادة علمية كبيرة أقول يعتمد على سكرتير يهيئ له المقال أو البحث، لينشره باسمه، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، بعض هؤلاء يفتضحون مثل صاحبنا الذي أرسل التهنئة لأصدقائه مذيلة باسم قريبته، ولكن ثمة أسماء كثيرة يعجبها أمر النسخ واللصق دون الإحساس بأن ذلك سرقة لفكر وإبداع الآخرين، ونحن هنا نصل إلى جدلية التناص والنسخ أو السرقة، قد يكون هنالك اقتباس أو تضمين من نصوص سابقة، أو إعادة صياغة ولكن الاختلاف هنا هو أن الأمر يدخل ضمن الإبداع، فالوقوف على الأطلال في الشعر الجاهلي وإن تشابه من جهة ولكن يحمل كل شاعر نسقاً مختلفاً، لكن أن يأخذ شخص ما مقال أو كتاب وينسبه له، فهذا أمر مختلف، ويعد بكل صراحة سرقة، أنا لا أحب أن أدخل في جدلية السرقة والتناص، فالمساحة لا تساعد على ذلك، لكن لنعرف أن الله هيأ لنا ما يساعد على الكشف والمقارنة لنعرف من هو المبدع من السارق أو المنتحل.
مشاركة :