ودعت مكة المكرمة قلمها النابض حبا وصدقا واعتدالا الكاتب فوزي خياط الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى، وشيعته جموع غفيرة بعد صلاة ظهر أمس في المسجد الحرام، ودفن جثمانه في مقبرة المعلاة وسط حزن شديد ارتسم على ملامح كل من في مجلس العزاء، لما عرف عن الفقيد من دماثة خلق وحب للناس وعدالة في الطرح وجرأة في قول الحق وحب وانتماء لأرض الوطن بعيدا عن التعصب الممقوت، خصوصا في المجال الرياضي. وفقد الوسط الإعلامي برحيل الخياط واحدا من أبرز عمالقته الذين عاصروا انتصارات الرياضة، وبرحيل خياط خسرت الساحة الرياضية في مكة أحد المدافعين عن حقوقها والمنتقدين لسلبية القائمين عليها. وعبر عدد من الإعلاميين الذين رافقوا الفقيد عن عميق حزنهم على فقده، سائلين الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته. وأبدى وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة حزنه العميق لوفاة الكاتب فوزي خياط، سائلا الله أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته. وقال خوجة «رحل الفقيد عن دنيانا تاركا إنجازات تحسب له، وللثقافة والرياضة السعودية، وكان من الملفت إصراره على المواصلة رغم المرض الذي عانى منه طويلا، وأعجبني فيه اهتمامه بالإنجاز، حتى في ظروفه العصيبة، إذ جاءني منه كتابان مؤخرا، مساهمة منه في تسيير حركة النشر واشترتها منه الوزارة». إلى ذلك، دعا سليمان الزايدي عضو مجلس الشورى سابقا ورئيس الاتحاد العربي لألعاب القوى ومدير مكتب حقوق الإنسان في مكة المكرمة الله أن ينزل شآبيب الرحمات على الصديق الفقيد فوزي خياط.. صاحب القلم النظيف والعبارة الرقيقة والفكر المنظم والوطنية والمواقف الثابتة. وبين أن الفقيد ظل يشعل قناديل الفرح فيما يكتب حتى في آخر لحظة من حياته رغم شدة الألم وطول المعاناة. من جهته، اعتبر عضو شرف الوحدة ومدير عام صحيفة الندوة سابقا حاتم عبدالسلام الفقيد واحدا من أبرز الرموز الصحفية التي تعامل معها في ذلك الوقت، مشيرا إلى أنه كان يتابع مقالاته اليومية. وقال «حين زاملته في الصحيفة وجدته رجلا متفاهما إلى أقصى درجة خصوصا فيما يتعلق بالمهنة، وكان دائما حريصا على سياسة تطوير الجريدة تحريريا فبكل تأكيد رحيل قامة مثل فوزي خياط يمثل خسارة للشارع الرياضي في المملكة بشكل عام لأنه كان كاتبا لرياضة الوطن وليس لفريق بعينه». من جهته، رأى عضو شرف نادي الوحدة والرئيس السابق للنادي جمال تونسي أن رحيل خياط تمثل ضربة لصحافة الاعتدال، لأنه كان متوازنا في مقالاته الرياضية، وطرحه كان هادفا وبناء ونقده في محله لا يغضب هذا الطرف أو ذاك. وبين أنه اجتمع معه أكثر من مرة من أجل الاستماع إلى آرائه تجاه رياضة مكة، وكان متعاونا ومتجاوبا معهم، مشيرا إلى أنهم سبق أن كرموه نظير ما قدمه لرياضة مكة المكرمة. في السياق ذاته، روى المعلق والكاتب الرياضي الكبير محمد رمضان قصة تعلق فوزي خياط بالصحافة، موضحا أن الفقيد بدأ رحلته مع الصحافة بالقراءة منذ أن كان في المرحلة المتوسطة حيث كان يشتري الكتب والصحف بشكل دائم ويطلعه عليها وكان يثقف نفسه بنفسه. وأشار إلى أن أبا نواف التحق بجريدة الندوة حينما كان في المرحلة المتوسطة، وكانت الصحيفة آنذاك لها ثقل إعلامي رياضي، ملمحا إلى أنه أشرف على القسم الرياضي وتخرج على يده أجيال وعلى رأسهم الإعلامي محمد القدادي والمرحوم محمد صالح باربيق. وأكد رمضان أن الفقيد رحمه الله كان يصبر لمدة ستة أشهر دون أن يتقاضى راتبا من صحيفة الندوة، وكان يردد أن هذه صحيفتي التي علمتني مهنة المتاعب وقدمت لي كل شيء فلابد أن أقدم لها كل ما أملك بعيدا عن الماديات. وبين أن الخياط رجل صاحب خلق رفيع ومحترم، وهذه جوانب من شخصيته العامة التي أكسبته احترام الشارع الرياضي بمختلف مكوناته فلم يكن يفكر يوما ما أن يعتزل الكتابة حتى هو يصارع المرض وبعد رحلة علاجية في أمريكا كان يكتب ويتواصل مع الجميع وحينما عاد من رحلته العلاجية واصل الكتابة عبر صحيفة «عكاظ» فلم يحرم المتذوقين لرصانة الكلمة وعذوبتها وأمانتها ونزاهتها من قراءة مقالاته. وبدأ طلعت تونسي حديثه قائلا «رحم الله الأستاذ الكبير فوزي خياط، لقد فقدنا بوفاته أستاذا كبيرا في الصحافة، كان معلما وحاضنا لكل الصحفيين المبتدئين في عالم الصحافة.. كان نعم الموجه والأستاذ الكبير.. تعلمت الكثير من أبي نواف.. هذا ا?سم الذي عشق أن ينادوه به الناس عامة». وأوضح تونسي أن الفقيد كان يطلب منهم المشاركة في وضع العناوين للمباريات الكبيرة التي تجمع النصر والهلال.. أو الأهلي والاتحاد.. من باب التحفيز وزرع الثقة في نفوسهم. في حين، كشف الزميل الإعلامي فريد مخلص أن فوزي خياط رحمه الله كان سببا في دخوله الحياة الإعلامية، عندما كان طالبا في الجامعة عام 1978 حين كتب أول فكرة رياضية، سائلا الله أن يغفر لأبي نواف ويسكنه فسيح جناته. وقال مخلص «قدمت فكرتي إلى الزميل الدكتور زكريا لال ليقدم العمل إلى فوزي خياط، وعدنان باديب الذي كان يرأس القسم الرياضي في الندوة آنذاك.. وبعد نشر هذه المشاركة التي أفرحتني وأعطتني الثقة لأكون كاتبا معترفا به»، مشيرا إلى أن لال قال له «إن المشاركة الأولى أعجبت كثيرا خياط وباديب وطلبا منه أن يقدم لي الدعوة حتى أكون كاتبا أسبوعيا لعمود في الندوة»، مبينا أن ذلك كان ذلك مصدر سعادته، خصوصا أن فوزي خياط دعمه، معتبرا تلك الخطوة بداية دخوله للحياة الإعلامية. وأفاد أن دخوله الصحافة عرفه على أبي نواف عن قرب ثم زامله في الكثير من رحلات المنتخب السعودي والرحلات الرياضية خارج المملكة، موضحا أنه جرى تكريمه قبل أيام قليلة من وفاته في المعرض السعودي الأول لكرة القدم. وذكر مخلص أنه اتصل بخياط لاستلام جائزته التي سعد بها كثيرا، إلا أنه اعتذر لظرف صحي وطلب منه استلامها نيابة عنه، ملمحا إلى أنه اتصل به الزميل أحمد حلبي منذ يومين ليدعوه للمشاركة في حفل تكريم مجموعة من الرواد الرياضيين في المملكة ومنهم الزميل فوزي خياط. من جهته، أكد مدير المطبوعات في مطار الملك عبدالعزيز ورئيس تحرير مجلة تالة عبدالخالق الزهراني أن الفقيد كان يعني له الكثير، مشيرا إلى أنه تدرب على يديه في الصفحة الرياضية في جريدة الندوة. وبين أنه تعلم من أبي نواف أن يكون جسورا في العمل الإعلامي وأن يعمل بحيادية تامة، لافتا إلى أنه تلقى منه أول تكليف بالعمل خارج المملكة لصالح الجريدة، لتغطية البطولة العربية لكرة القدم في القاهرة عام 1413هـ رحمه الله. وفي السياق ذاته، أعرب رئيس القسم الرياضي الأسبق في الندوة وتلميذ الفقيد الزميل حسن محني الشهري عن حزنه الشديد لوفاة خياط، معتبرا الفقيد أستاذهم في الصحافة الرياضية، وكان الأب والموجه لهم. بدوره، ذكر الكاتب عبدالرحمن أخضر أنه سعد بمزاملة الفقيد منذ الطفولة والدراسة، والعمل في صحيفة الندوة، مشيرا إلى أنه وجد فيه الإنسان الراقي في جميع تعاملاته، سائلا الله أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته. يذكر أن أسرة الفقيد بدأت في تلقي العزاء البارحة في منزل الفقيد بحي الرصيفة في الجزء الجنوبي بجوار ملاهي الحكير، أو على هاتف الفقيد (0505509305).