وهج الكتابة: أزمة الكِتَاب والكَاتب البحريني والكورونا

  • 5/16/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يحتاجُ الكاتبُ البحريني ربما إلى ظهرٍ من فولاذٍ واكتافٍ من أسمنتٍ وقلبٍ من حديدٍ لا يّحسُّ ولا يرتعش، لا يكلُّ ولا يملُّ، وهو أصبحَ مثل الكرة الكل يركلها، الحاسدون والماكرون والمنتفعون والفاسدون والمارقون، يحملونَ السلاسل كي يغلقوا أمام الكتّاب الأبواب. أين يُيَمّمُ الكاتب وجهه في هذه الأجواءِ العاتية. الكاتب يُفني أجمل وأعزّ ساعات عمرهِ في الكتابة والإبداع وتقديم النتاج المختلف كي يُمتع ويُفيد ويبتكر ويُبدع، لكنه يبدو ان الكاتب ملعونٌ ومُحارب من مختلف الجهات. يَعشقُ الحرفَ والفكرَ والحريةَ ثم يجد نفسه ليس حرًا عندما يُصبح وحيدًا، يلهثُ خلف لقمة العيشِ، لا يستطيع ان يُسمع صوته ولا كلمته لمن كتب لهم من القراء. مشكلة الكثير من الكتّاب الشباب هو النشر، وهي أحيانًا تشكّل نوعًا من الأزمة. المشكلةُ في الحقيقة لا تنتهي عندما يصدر الكاتب نتاجه، ربما تبدأ بعد نشره، حيث يحتار في كيفية توزيعه وضمان انتشاره، وخاصة إذا كان قد طبعه على حسابه الخاص او قامت هيئة الثقافة والآثار  او المطبعة الحكومية مشكورتين بطباعة نتاجه او بادرت أسرة الأدباء والكتّاب مشكورة أيضا بطباعة أعماله. المشكلة الكبرى التي بدأت تتفاقم على مر الأيام هي جشع المكتبات المختلفة، التي من واجبها كبادرة وطنية وواجب وطني دعم وتشجيع الكتّاب المحليين في المقام الأول، إلا أنها مع الأسف تستغل أوضاعهم وتفرض عليهم تحمّل عمولة قدرها 50% من سعر الكتاب بعد أن كانت في السابق 40 و30%. ماذا يحصل الكاتب إذا تنازل عن نصف قيمة كتابه للمكتبات وبكم المفترض ان يبيع كتابه لكي لا يثقل كاهل القراء ويشجعهم على قراءة كتابه، معادلة صعبة وقاسية فعلًا!!  يقضي الكاتبُ سنواتٍ من عمره في كتابة رواية او ديوان شعر، ويحلم أن يصل الى القرّاء والجمهور لكي يتفاعلوا معهُ، ويحصل أيضَا على مقابلٍ معقول يساعده نسبيًا في التغلب على ضنك الحياة وصعوبتها، لكن مع الأسف لا الكتاب يصل ولا يحصل على الدعم الذي يتمناه.  روايتي الجديدة «طريق العنكبوت»، وهي روايتي الثانية، صدرت نهاية عام 2019 بدعم مشكور من هيئة الثقافة والآثار وكان من المفترض تدشينها في معرض الكتاب الدولي الذي كان مقررًا تنظيمه في مارس 2020، ولكن بسبب جائحة كورونا الحقيرة تأجّل كل شيء الى أجلٍ غير مسمى وظلت الرواية تنتظر الفرج وقررت توزيعها على المكتبات، لتصل الى الجمهور كي يقرأها الناس وهم «محْجورون» اختياريا او إجباريا ، وتأملوا مدى الإذلال أن تطلب إحدى المكتبات ترك نسخة من الرواية ونسخة من كتبي الأخرى كي يطلعوا عليها أولًا ثم اتخاذ قرار بعرضها ام عدم عرضها في مكتبتهم طبعًا مقابل عمولة 50%، هذا وأنا كاتب معروف نسبيا، فماذا يحدث للكتّاب الشباب الجدد!!  هناك مشكلة أخرى مؤلمة أيضًا، وهي مزاجية إدارة المكتبات العامة، فقد دأبت قبل سنوات على شراء أربعين نسخة من كل كتاب يصدره أي كاتب بحريني كدعمٍ بسيطٍ لهم. في عام 2015 اعتذروا عن اقتناء ديواني «ما عاد شيءٌ يهم» وعندما استفسرت عن السبب قالوا لي «ان هناك إيحاءات جنسية في القصائد». وفي عام 2016 أصدرت أولى رواياتي وهي «وللعشق رماد» وفي عام 2019 رواية «طريق العنكبوت»، وعلى الرغم من تزويدهم بخمس نسخ من كل كتاب وتعبئة الاستمارة المخصصة لاقتناء الكتاب للمكتبات العامة، إلا أنهم تجاهلوا طلبي ولم يتصل بي أحد. فهل هناك أيضًا «إيحاءات جنسية» أم أنه موقف شخصي مثلا أم ماذا؟؟إذا كانت المسألة كذلك، فماذا عن الروايات والدواوين الشعرية العربية والأجنبية الأخرى الموجودة على رفوف المكتبة العامة والتي ليس بها «إيحاءات جنسية» فحسب بل تتطرق إلى «أبعد من ذلك». فلماذا الكاتب البحريني المسكين هو الوحيد الذي يُحاسب على الرغم من المبلغ الزهيد الذي يحصل عليه الكاتب من اقتناء المكتبة العامة للكتاب البحريني (40 كتابًا عادةً) ، وأين حرية التعبير وأين احترام حرية الكاتب عندما يتطرق الى مواضيع تُفسّر – على هوى المقيّم - بأن بها إيحاءات «جنسية!!»  السؤال: هل الإيحاءات الجنسية –كما يدّعون– أتت بصورة متعمدة للترويج للكتاب مثلًا أم أنها جاءت في سياق ورتم الأحداث، وهل وضعت كديكور او حشر إضافي مثلًا. بصراحة أنا محتار في هذا الموضوع، هل هي المكتبات العامة هي الملامة بهذا الخصوص ام من تكلّفهم لتقييم الكتب من أشخاصٍ ذوي مستويات مشكوك في ثقافتها وفي مستواها الفكري سامحهم الله! فعلًا الكاتب البحريني مسكين!!!!Alqaed2@gmail.com

مشاركة :