ردود فعل متباينة إزاء المسلسل العراقي "بنج عام"

  • 5/16/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لا يزال المسلسل التلفزيوني العراقي “بنج عام”، الذي يتناول في كل حلقة موضوعا مستقلا، يُثير ردود فعل شعبية ورسمية متباينة، منها المعجبة بالقضايا الاجتماعية والسياسية التي يعالجها بجرأة، والحرفية الفنية التي يتّسم بها أداء وإخراجا، ومنها المستنكرة لأسلوب بعض حلقاته التي تناولت موضوعات حسّاسة. وثمة شخص يحمل لقبا مضللا هو حاج سهيل يمارس العنف والقتل، يعجبه شاي عبد المسكين، فيطلب منه أن يعمل عنده في المكتب، إلاّ أن عبد يرفض طلبه لأنه سمع في السوق إشاعة مفادها أنه قتل أحد الشبان، وبسبب رفضه تهاجمه جماعة الحاج ويضربونه ضربا قاسيا، ويحطمون أدواته، فيضطر إلى اعتزال العمل والمكوث في البيت، فيتعاطف معه أحد أصحاب المحلات ويساعده بمبلغ من المال ليشتري “ترمس” (إناء عازل يحفظ حرارة الشاي) واستكانات (أقداح شاي) ويعود إلى العمل في السوق، لكنه مع عودته ينتهي به المطاف إلى الاغتيال. وفي المشهد الأخير تصوّر الحلقة ابنه وقد ترك المدرسة وأصبح يمتهن مهنة أبيه. دعاوى قضائية أثارت الحلقة الخامسة من مسلسل “بنج عام” لغطا وضجة أكثر من غيرها، فهي الحلقة التي تناولت موضوع سبي تنظيم داعش للنساء الإيزيديات، واغتصابهنّ، وبيعهنّ في سوق النخاسة. فقد هدّد ناشطون إيزيديون بمقاضاة طاقم المسلسل بسبب ما عدّوه “تشويها للقضية الإيزيدية”، على خلفية استخدام الممثل، الذي يلعب دور عنصر في داعش، ألفاظا جارحة ضد الإيزيديين. وأصدرت النائبة السابقة عن المكون الإيزيدي في مجلس النواب العراقي فيان دخيل بيانا شديد اللهجة قالت فيه “اطلعنا بذهول وصدمة، يمتزج معهما ألم المأساة وجروحها التي لم تندمل بعد، على مشاهد الحلقة الخاصة بسبي الإيزيديات من مسلسل ‘بنج عام’.. وكيف أساءت للقضية، وتجاوزت بشكل غير مبرّر على ديانة أصيلة ومكّن أساس من مكونات الشعب العراقي، وكيف استخدمت المأساة بكل استهتار واستخفاف وعدم شعور بالمسؤولية”. وأضافت دخيل أنه تمّت المباشرة باتخاذ الإجراءات القانونية بحقّ القناة وإدارتها، والقائمين على العمل بشكل مباشر، وهيئة الإعلام والاتصالات العراقية. وكتب الباحث المختصّ في الشأن الإيزيدي خلدون سالم في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر “كيف يتم طرح قضية حسّاسة تخصّ مجتمعا كاملا تعرّض إلى أبشع إبادة في العصر الحديث بهذه الطريقة الفكاهية؟”. وأضاف سالم “انتهاك حقوق المرأة الإيزيدية والتقليل من حجم الألم والوجع الذي وقع عليها، وتلميع صورة إرهابيي داعش.. كل هذا شاهدناه في مسلسل ‘بنج عام"”. وتدخّلت وزارة الثقافة العراقية في الموضوع بإصدار بيان قالت فيه “إنها تتابع باهتمام بالغ ما أثير من ضجة بشأن المسلسل” وتستنكر “المس بالمكون الإيزيدي الكريم، وتتعاطف أشد التعاطف مع مأساته”، ودعت صناع الدراما في البلاد إلى “وجوب توخّي الدقة في تناول الموضوعات الحساسة، والالتزام بالضوابط والمعايير الفنية والأخلاقية التي تنسجم مع تقاليد مجتمعنا وأعرافه، بما يُسهم في تدعيم الوشائج الاجتماعية، وهو أنبل دور تؤدّيه الدراما في هذا الوقت”. كما أعربت في الوقت نفسه عن ترحيبها بأي عمل درامي يتناول الحياة الاجتماعية في العراق “من دون إسفاف أو استهانة بأي مكوّن تحت أي ذريعة”. وفي المقابل، رأى الكثير من العراقيين أن مسلسل “بنج عام” أفضل إنتاجات رمضان لهذا العام مقارنة بغيره من المسلسلات العراقية، فهو “جريء وعقلاني غير مبالغ فيه”. ووصفت إحدى المشاهدات بأنه “عمل مذهل.. يحمل فكرة عبر كل حلقة تسلّط الضوء على قضايا لم تُطرح سابقا”. وقالت مشاهدة أخرى إن عنوانه يدل على أن العقل العراقي كان مخدّرا ومخدوعا ببعض الشخصيات التي انتشرت في البلد. وحيّا أحد المشاهدين مؤلف المسلسل ومخرجيه وطاقمه، مؤكدا أنه “أول مرة منذ زمن بعيد ينتابه شعور بالفخر والسعادة وهو يتابع هذا العمل الدرامي الناجح”. وتعقيبا على الاعتراضات والانتقادات الفنية التي واجهت بعض حلقات المسلسل، قال مؤلفه أحمد وحيد إنه وفريق العمل طرحوا فيها المسكوت عنه في المجتمع العراقي، وربما توجد قضايا أخرى مهمة وثقيلة، لكنها مطروحة. وأكّد أن بعض القصص التي كتبها للمسلسل سمعها بنفسه من أصحابها، منها قصة الإيزيدية التي تعرّضت للاغتصاب أكثر من مرة في معاقل داعش حتى نجت بعد أن دفع والدها “فدية” للتنظيم واسترجعها. وأوضح أنه وفريق العمل ارتأوا حذف بعض الأحداث والعبارات من الحلقة لأنها يمكن أن تكون ذات جرأة عالية جدا، وتُفهم على أنها استهداف لشريحة أو مكوّن بعينه.

مشاركة :