رسم رب الجمال بأشجار الجاكرندا ولونها البنفسجي لوحة ربانية في مدينة الجمال أبها (سويسرا الشرق) ، حيث تسيدت صور لوحة أبها المشهد الاجتماعي وكافة وسائل التواصل ليتناقل الجميع الحديث عن الجمال تارة ، وعن تأمل الجمال تارة أخرى وعن كيفية الوصول للتنعم بهذا الجمال وخاصة أن طابعها لون البنفسج . لون البهجة والجمال حيث يُعدّ اللون البنفسجي من ألوان الروحانيات والعبادات واحترام الذات، كما أنّه يُحفّز الإنسان على الوصول إلى الأفكار العميقة والمُثل العليا، وهو اللون المُفضّل لدى الأشخاص الذين يمتلكون حساً إبداعياً، مثل الكُتّاب، والموسيقيين، والشعراء،كما يُعتبر لون الإنسانيّة كونه يجمع بين القوة والحكمة والتواضع والحساسيّة ،وله عدة معاني منها الهدوء، والرومنسيّة، والخيال، والروحانيّة، والإبداع، والشعور بالعظمة، وفي حالات التوتّر والعصبيّة ينصح علماء النفس باستخدام اللّون البنفسجي مع عدم الإكثار منه ، وللون البنفسجي الكثير من الدلالات المختلفة التي تتمثل في الجوانب التاريخية،فهو رمز للملوك والنبلاء في المجتمعات الأوروبية، وخصوصاً في فترة ما قبل الثورة، حيث لم يكن مسموحاً لأحد ارتداء اللون البنفسجي سوى أفراد العائلة المالكة، والمُقرَّبين منها. كما ارتبط بالكثير من الأساطير، حيث كان معروفاً منذ قديم الزمان بأنه لون الآلهة. في القديم كان اللون البنفسجي لوناً نادراً، حيث إنّ تكلفة شراء الصبغة الخاصة به كانت باهظة الثمن. وعلى المستوى الشخصي يتميز الشخص الذي يفضل البنفسجي الفاتح بأنّه رقيق وذو مشاعر مرهفة، أمّا الشخص المحب للون البنفسجي الغامق فهو شخص يميل إلى الحزن، أمّا بالنسبة للشخص المحب لكلا الدرجتين فهو شخص مُتأرجح ما بين الحزن والفرح. وعلى المستوى النفسي حيث أطلق الفرنسيون اسم البنفسج على إحدى الزهور، والذي يعني باللغة الفرنسية التفكير . كما أنه يساعد على الشعور بالرضا وتقبل الذات والشعور بالأمان ويساعد على مقاومة الانفعالات العصبية الشديدة لوحة أبها الجميلة البنفسجية دعوة للتأمل والتعايش مع الجمال ولو من خلال الصور، هي دعوة لعدم اليأٍس والثقة في رب غفور رحيم ،هي دعوة لتقبل التغيير ومراجعة الذات وتأمل الحياة . والتأمل من وسائل تغذية المشاعر والوجدان ، وهي مكونات رئيسة للإنسان مثل الروح والعقل والبدن، وهذه الأحاسيس النفسية مكمن لطاقة هائلة يحملها الإنسان في جوانحه وأعماقه, تستطيع أن تؤثر على دوائر عدّة من حوله تتجاوز محيطه الذاتي وعصره الآني. ولا نعجب حينئذ أن يتناول القرآن خطاباً خاصاً للوجدان البشري مثل خطاباته للعقل أن ينظر ويتفكر، أو للروح أن تسمو وتتطلع الى حب الله ورجائه، والغرائز أن تشبع وتهذّب, وهناك في كل سورة بل كل آية ما يحرك الوجدان لعظمة الله أو المشاعر لتحقيق العبودية للحق سبحانه، فإسلوب القرآن البليغ وتراكيبه العذبة وفواصله المعجزة وقصصه الرائعة وجمالياته الباهرة، أثارت وجدان العرب في الجاهلية وهزتهم بقوة فكانت سبباً في إسلامهم . فما هو التأمل؟؟ .. إنه إعادة النظر في كل ماحولنا بغرض الاتعاظ والتذكر والتفكر، وقد عرف على أنه تصرف القلب في معاني الأشياء لإدراك المطلوب، فحين ندخل إلى منازل أرواحنا عبر باب العقل الباطن من خلال التأمل العميق والإيحاء الذاتي؛ فإننا نتعلم فن الاسترخاء والنظر إلى الحياة من منظور آخر جديد ،وفي التأمل نحن لا نتلهف لأفكار جديدة ولا نحاول تجنب الأفكار السيئة فقط ،نحن ببساطة نتجاوز الأفكار السلبية وننتقل إلى فضاء الصمت الداخلي الجميل القائم على تأمل الكون وخالقه ليفضي بنا إلى دخول فسحة عظيمة من الطمأنينة والسكون. كلنا نسعى من خلال التأمل للوصول إلى مرحلة السلام والهدوء الداخلي والخارجي، نطمع من خلاله الوصول إلى مرحلة التنسك والتصالح مع الحياة ونسعى إلى التخلي عن كل متع الحياة الدنيا وتغيير مسارنا الروحي .. إن التأمل ليس مجرد رياضة ذهنية تجلب الهدوء والاسترخاء للعقل ولا يعني العزوف المطلق عن الحياة؛ إنه يساعدنا على التفكير بوضوح أكثر واتخاذ قررات عقلانية بشكل مريح تجعل من العالم فضاء واسعا مليئا بالمحبة والسعادة والامتنان. هي دعوة لتأمل منظومة القيم ، وفرصة لتغيير التصرفات والقناعات والأفكار والاهتمامات والعلاقات الاجتماعية ومفاهيم الترفيه والنظرة لبيئة المنزل و الأسرة، وما نحب وما نرغب، وكيف نقضي أعمالنا ،وكيف نقضي وقت فراغنا، وغيرها من المعطيات الحياتية اليومية التي تستدعي التأمل والتغيير في ظروفنا الراهنة. . ولعل تزامن هذه اللوحة الجماليه المهداة من رب الجمال في هذه الظروف والعزلة الإجتماعية من أجمل الفرص وأعظمها للتأمل، الذي يشعر بالروحانية والسكينة ، وأجواء تستدعي اللإنزواء وإستغلال لحظات الصمت للتأمل في هذا الكون وخالقه بشفافية مطلقة لنتأمل ….. لنستمتع …لنتغير … وكل موسم بنفسج وجاكرندا ونحن بتأمل وسكينة واطمئنان أكثر
مشاركة :