النائب اللبناني آلان عون لـ «الراي»: رئاسة «التيار الحر» ليست محسومة ... ووارد أن أترشّح | حوارات

  • 6/29/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يشكّل النائب آلان عون علامة فارقة في «التيار الوطني الحر». فهو رغم كونه ابن شقيقة زعيم «التيار» العماد ميشال عون، إلا انه شقّ طريقه السياسية بعيداً من منطق «القربى» وصعد «السلّم» وصولاً الى النيابة «درجة درجة». وغالباً ما يتم التعاطي مع آلان عون، الشاب والديناميكي، على انه الوجه المنفتح في التيار الذي تكثر معاركه. فمهندس الاتصالات لا يقطع اتصالاته بأحد، وهو «حلقة الوصْل» مع خصومٍ لم يحرق الجسور معهم، ولا مع بيئاتهم الشعبية. وهذا النائب (مواليد 1971) الحائز ايضاً على شهادة دراسات عليا في إدارة الأعمال، تُرشِّحه «قماشته» وشخصيّته وتجربته التراكمية لأدوار أكبر في شارعه كما في الحياة السياسية التي يقاربها انطلاقاً من ثوابت تياره والحرص على احترام قواعد العيش المشترك في لبنان. وفي لحظة اتهام «التيار الحرّ» بتعطيل الاستحقاق الرئاسي على قاعدة «عون او لا أحد»، وإدخال الحكومة في «إجازة» حتى تعيين صهر «الجنرال» (العميد شامل روكز) قائداً للجيش، وتلويح العماد عون بالفيديرالية، وتزايُد «القيل والقال» حول الانتخابات الداخلية في «التيار» ورئاسته، التقت «الراي» النائب آلان عون في حوارٍ تَناول هذه العناوين وسواها. وفي ما يأتي نص الحوار: ● باستباقكم نداء 25 يونيو الذي أطلقته الهيئات الاقتصادية رفضاً للانتحار وفي اطار الضغط لانتخاب رئيس جديد بدا «التيار الحر» والعماد ميشال عون وكأنه وضع نفسه طوعاً في مقدّم السياسيين الذين تستهدفهم «الصرخة»، وثمة مَن سأل أليس في الأمر مراكمة لنقطة سلبية إضافية ضدّكم ولماذا الإصرار على سياسة «انا وبعدي الطوفان»؟ - هذه اتهامات سياسية و«التيار الحر» يقارب الواقع اللبناني من زاوية حقوق تتعلق بالمسيحيين، وقد يقال ان هذه الحقوق تنطبق لناحية التمثيل على هذا او ذاك، وهذا امر يتحدد وفق إرادة الناس وليس بحسب مزاجيتنا. واذا كنا اليوم نمثّل فئة من اللبنانيين، فلأن هذه الفئة اختارتنا، وإلا لنجرِ استفتاء او تُنظم انتخابات نيابية جديدة لنرى اذا كانت الفئة التي نمثلها بدّلت خيارها. اما ان يقال ان الأمور مطروحة على طريقة «أنا او لا أحد» فهذا غير صحيح، لأن المعادلة هي على قاعدة «من يمثّل المسيحيين او لا أحد». ومشكلتنا اليوم انه لا يوجد احترام لإرادة المسيحيين، وهو ما نعترض عليه من خلال الضغط السياسي والديموقراطي. وليس صحيحاً اننا لا نقبل بأحد غير الجنرال عون، فمعيارنا واضح وهو مَن يمثّل المسيحيين. وطرحنا آليات، وبعضها ما زال قيد البحث، لحسم هذا الموضوع، وعلى أساسها نذهب الى انتخابات (رئاسية) تحترم هذا المعيار. ولكن الفريق الآخر يرفض حتى الفكرة، علماً ان هذا كان جوهر المبادرة التي أطلقناها وقمنا بجولة على كل الكتل النيابية لإطلاعهم على خلفياتها وجوهرها. وبأي حال هناك عمل على آلية بين المسيحيين، على اساس انه اذا جرى تفاهم حولها سنعاود طرحها على المستوى الوطني، فالجميع يقولون سنحترم إرادة المسيحيين، وتالياً اذا اتفق المسيحيون ليس على شخص، بل على آلية تفضي الى نتيجة معينة، فستكون هذه إرادة المسيحيين وعلى الآخرين ان يحترموها. ● تتحدث عن الاستطلاع الرئاسي لدى المسيحيين حول المرشحين الأكثر تمثيلاً الذي يجري بحثه مع «القوات اللبنانية» وآخرين؟ - صحيح. نحن نعمل على مسألة الاستطلاع، باعتبار ان الاستفتاء كما يقول البعض غير منصوص عنه في الدستور وان تنظيمه ربما يحتاج تقنياً الى جهة تتبناه وتكون قادرة على تنفيذه على مستوى كل لبنان، في حين ان استطلاع الرأي بالإمكان تنفيذه عبر شركات معينة. بالنسبة إلينا، كل الموضوع هو من اجل الوصول الى مؤشر يؤكد للجميع الإرادة المسيحية، ونطلب من الجميع احترام هذه الإرادة أياً كانت، اي انه اذا أنتجت هذه الإرادة اي شخص، فينبغي احترامها. وهذا مبدأ لا يصح فقط على العماد عون اليوم أوبقية المرشحين بل يصحّ كل مرة، أي أننا نريد ان يصبح عرفاً بالتعاطي مع المسيحيين في الاستحقاق الرئاسي. وهنا جوهر المشكلة، وليس للأمر علاقة بالاتهامات السياسية حول «انا او لا احد». ● ولكن ما الذي سيقدمه هذا الاستطلاع ولا يعرفه الناس، لجهة ان الجنرال عون والدكتور سمير جعجع هما الأكثر تمثيلاً عند المسيحيين؟ - (مقاطعاً) على الأقل قد يغيّر في مواقف الكتل المسيحية. فإذا اتفقتْ بين بعضها البعض على مرشح واحد وفق تلك الآلية، تكون مشكلة كبيرة قد حُلّت. و«القوات اللبنانية» بلسان النائب فادي كرم قالت انها مستعدة لتأييد العماد عون بحال فاز في الاستطلاع. ● ولكن الدكتور سمير جعجع قال مراراً وبوضوح ان ما يقرّب «القوات» من العماد عون رئاسياً هو التقارب السياسي اي ردم هوة خلاف الـ 180 درجة؟ - ولكن هناك تصريحاً جديداً صدر اليوم (عن النائب كرم). اي ان هناك تطوراً في موقف «القوات اللبنانية»، وإذا توصلنا الى توحيد موقف المسيحيين حول مرشح واحد، وهو الأقوى في الاستطلاع، عندها نكون حققنا تقدماً كبيراً ووضعنا ورقة جديدة على الطاولة يمكنها ان تفتح ثغرة في الأزمة، ولا سيما ان كل المسلمين قالوا انهم جاهزون لتأييد ما يتوافق عليه المسيحيون. فإذا اتفق هؤلاء على مرشح، لا أعتقد ان اي طرف مسلم، مهما كانت أسبابه، سيكون قادراً على الرفض. ● وهل انت مقتنع ان مشكلة الرئاسة في لبنان هي عند المسيحيين ام انها جزء من صراع المحاور في المنطقة؟ - هذا جانب من المشكلة، ونريد ان نعالجه ونحاول إحداث خرق عبر سدّ ثغرة يتذرّع بها الآخرون. ونعلم ان هناك تعقيدات اخرى مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي، ولكن هذا جانب أساسي في البُعد الداخلي للاستحقاق، وإذا توصلنا الى حلّ له نكون قطعنا شوطاً كبيراً يمكن البناء عليه لحلحلة العقد الأخرى. ● ولكن النائب وليد جنبلاط يكرر ان لا حظوظ للمسيحييْن القوييْن بالوصول للرئاسة، وثمة من يرى ان اعلان العماد عون عن التكامل الوجودي مع «حزب الله» وتبنيه الأجندة الإقليمية للحزب بالكامل جعل اي وصول له لسدة الرئاسة، بمعزل عن بُعده المسيحي، سيعني انتصاراً لمحور إقليمي على آخر، وتالياً هل الساحة اللبنانية تحتمل مثل هذا الأمر في ظل الاشتباك الكبير في المنطقة؟ - يجب إخراج الرئاسة في لبنان من كونها تَنازُعاً بين محورين. نحن نقارب هذا الاستحقاق من باب أن يصل الى الرئاسة مَن يستحقّ وفق تمثيله المسيحي، ولو كان يُعتبر أقرب او أبعد الى هذا الطرف او ذاك. طبعاً على ان يستكمل صاحب التمثيل هذه الصفة بتفاهم وتَوافُق مع الآخرين. واليوم يتولى رئيس الحكومة منصبه لأنه يمثل السنّة في لبنان، والأمر نفسه ينطبق على رئيس البرلمان كونه يمثل الشيعة، وهذا واقع لا يمكن ان أغيّره ولكنني أتفاهم مع كل منهما على اي اساس يصل الى موقعه. ومن هنا يجب ان تُعمم هذه القاعدة عند المسيحيين اي ان يصل رئيس جمهورية يكون ممثلاً للمسيحيين ولإرادتهم بمعزل عن اعتباراته السياسية، ولكن على اساس تفاهماتٍ مع الآخرين وضوابط لموقعه الجديد. فالرئاسة ليست موقع اصطفاف بل جمْع، وهذا المعيار ينطبق على اي شخص يتولى سدة الرئاسة حتى لو كان اقرب الى فريق او آخر. فرئيس البرلمان اليوم (نبيه بري) مثلاً يُعتبر طرفاً على المستوى السياسي، ولكنه يتصرف من موقعه كرئيس لمجلس النواب على انه على مسافة واحدة من كل المكوّنات. ومن واجبات رئيس الحكومة ايضاً ان يتعاطى داخل مجلس الوزراء على هذا الأساس ولو كان طرفاً. ومن هنا، لو سلّمنا جدلاً انك تعتبرين رئيس الجمهورية طرفاً، الا انه يعبّر عن إرادة تمثيلية وسيأتي على اساس التعاون والتعاطي مع الجميع من موقعه الجامع كرئيس وليس كزعيم سياسي ذات اصطفاف معين، اي تماماً كما هو حال الرئاسات الأخرى. ● ولكن العام 2011 عمدتم وتحديداً من الرابية الى قلب الطاولة على الأكثر تمثيلاً عند السنّة اي الرئيس سعد الحريري وقمتم بالإطاحة بحكومته وقطعتم له «one way ticket»... - تيار «المستقبل» في هذا الموضوع دفع ثمن ما قام به في الـ 2005 عندما استثنى مَن يمثل 75 في المئة من المسيحيين من الحكومة والحكم. وأعتقد ان هذا كان درساً، ومن الآن وصاعداً على الجميع احترام إرادة الجميع في الاستحقاقات. ● اي ثنائية سعد الحريري ميشال عون؟ - نعم. وإذا أردنا ان نتحدث بالمنطق، فإننا في هذه المرحلة بالذات بحاجة الى تسوية تخرج البلد من الأزمة التي يعيشها على ان تكون هذه التسوية متينة وبين الأقوياء اي مَن يمثلون المكوّنات الطائفية اللبنانية. وإذا حصلت التسوية بين الأقوياء تكون محمية وقابلة للإستمرار ولا تنهار لاحقاً، ويمكن ان تقي لبنان تداعيات كل ما يحصل في المنطقة. أما اذا عدنا الى منطق التسويات العابرة والتي تشبه ما حصل في الإتفاق الرباعي (2005) او إتفاق الدوحة (2008)، فقد ثبت ان هذه التسويات لا تدوم، وسرعان ما تنهار لنعود الى التجاذبات بين مختلف المكونات اللبنانية. ● ولكن البعض يرى على العكس ان هذه المرحلة التي يحكمها صراع خارجي كبير ينعكس اصطفافاً داخلياً حاداً تحتاج الى «تمام سلام ماروني» في رئاسة الجمهورية... - اي توجه بهذا المعنى يجب ان يكون خيار المسيحيين، لا ان يقرر احد ذلك عنهم. فإذا ارتأى المسيحيون ذلك، كان به. وإذا ارتأوا انهم يريدون الأقوى، يكون هذا خيارهم. ما أقصده انه اياً تكن إرادة المسيحيين يحب احترامها. واليوم ما يحصل ان هناك رفضاً للاعتراف بهذا المبدأ بمعزل عن المستفيد منه، وهذا هو جوهر المعركة التي تعبّر عنها الأزمة التي نعيشها حالياً. ● ولكن البعض يرى ان الهدف الرئيسي للمسيحيين في غمرة عملية الفرز والضم التي تبدو المنطقة مقبلة عليها يتمثل في سدّ ثغرة الفراغ الرئاسي لأن في ذلك ضمانة أساسية لحقوقهم ومستقبل دورهم في لبنان. هل يمكن ان تقبلوا بمبدأ النقاش في إمكان وصول شخص غير الجنرال عون؟ - نحن نسلّم بمبدأ القبول بأي شخص يعبّر عن إرادة المسيحيين وفق استطلاع رأي او استفتاء او غيره، وسنقبل بما سينتج عن مثل هذا الاستطلاع او الاستفتاء. ● إذاً عملياً أفرز الاستطلاع ان الجنرال عون والدكتور جعجع الأقوى عند المسيحيين ماذا يحصل؟ - عندها يجب ان تكون المعركة محصورة بينهما. ● اي تطلبون ضمانات من الأفرقاء الآخرين بألا ينتخبوا غير أحدهما في البرلمان؟ - نعم. لأنه بذلك تُترك للآخرين حرية الخيار في السياسة، ولكن في الوقت نفسه مع احترام إرادة المسيحيين التي نعتبرها معياراً أساسياً في الاستحقاق الرئاسي. ● ولكن الدستور لا ينص على ذلك ولا النظام البرلماني... وهناك أطراف كالنائب وليد جنبلاط ترفض ان يملى عليها خيارها الانتخابي... - (مقاطعاً) هذا ليس مخالفة للدستور بل احترام للميثاقية التي تربط بين اللبنانيين وتشكل جوهر ومرتكز عيشهم المشترك. والدستور ليس انتقائياً، إذ عندما يريدون ينتخبون رئيساً ولو خلافاً للدستور. في رأينا ان الميثاق اقوى من كل شيء، ويجب احترامه لأنه ضمانة العيش المشترك، وعندما يحصل خلل في الميثاق من خلال التعاطي بمكيالين ومعيارين، نكون بذلك نعرّض العيش المشترك للخطر، ولا يعود مستغرباً سماع أصوات تدعو الى الفيديرالية او صيغة أخرى للبنان لشعورها بأن شروط العيش المشترك غير متوافرة كما يجب. ● كيف يمكن هنا التوفيق بين طرح الفيديرالية الذي قدمه العماد عون وبين حقوق المسيحيين ما دام... - (مقاطِعاً) لأنه اذا أردتِ ان تكوني في دولة موحّدة مركزية يجب ان تكون هناك مساواة في الحقوق. وإذا كنتِ عاجزة عن التعاطي بمساواة مع كل المكوّنات اللبنانية، فبهذه الحال يصبح مفهوماً البحث عن صيغة أخرى حتى لو كان فيها تفاوُت بالحقوق داخل كل «كانتون»، ولكن على الأقل تكون نقطة الانطلاق من مبدأ ان هذه فيديرالية بين مكوّناتٍ يأخذ كل منها ضمن نطاقه ما يعود إليه. وهذا لا يلغي فكرة ان نبقى موحدين، إذ يمكن ان يبقى لبنان موحداً ولكن بصيغة فيديرالية، او صيغة لا مركزية موسّعة، إذا كانوا يحبون هذا التعبير اكثر. ولكن ان نبقى بدولة مركزية لا تسير بمعيار واحد ينطبق على كل اللبنانيين، فهذه مشكلة. ● ولكن لبنان اليوم يعيش فيديرالية طوائف ينقصها نطاق جغرافي؟ - عملياً نحن في فيديرالية طوائف ولا يجري احترامها. فحتى هذه الفيديرالية يسودها طغيان لطوائف على أخرى. وصحيح، نحن في فيديرالية طوائف لم تُترجم بعد جغرافياً، وليس ضرورياً ان نكرّسها جغرافياً اذا طبّقناها كما ينبغي، ولكن عندما يحصل تطبيق خاطىء وغير عادل ولا يقوم على المساواة، ستبرز أصوات وتتكوّن قناعات تدعو لفصل فيديرالية الطوائف في السياسة والذهاب الى فيديرالية واقعية على الأرض تؤدي الى فرز يحدّ من المشاكل. لأنه عملياً، في اي عقد زواج هناك شروط تحافظ على استمرار هذا الزواج، وإذا لم تعد هذه الشروط متوافرة يذهب الشريكان الى انفصال او طلاق، ويمكن ان يكون في صيغة جيرة ولكن لا يعيشان في المنزل نفسه. ● ولكن في اي نظام فيديرالي يبقى المشترك والموحّد هو السياسة الخارجية والمالية والجيش... وهذا عملياً هو لبّ الخلاف بين اللبنانيين اليوم اي جيش واحد او جيشان، ولبنان في اي محور خارجي واي منظومة اقتصادية؟ - تفيد الفيديرالية او اللامركزية الموسّعة، إذ ليس بالضرورة الذهاب الى حد الفيديرالية، لجهة انها تدفع الى الذهاب نحو منطق عادل في التمثيل والحقوق والانماء وغيرها، وعلى قاعدة لا مركزية. فالدولة المركزية عندما تقصّر في واجباتها او حين تتعاطى استنسابياً مع مواطنيها، فهذا يعني انها غير مؤهلة للاضطلاع بمسؤولياتها تجاههم، وساعتئذ تؤخذ منها كل هذه المهمات وتوضع على كاهل المناطق، فتقوم كل منها بواجباتها وفق إنتاجيتها. والدولة المركزية تبقى فقط داعماً للمناطق التي تعاني ضعفاً معيناً، وطبعاً لن تقوم كل منطقة بوضع سياسة أمنية وخارجية لنفسها، بل يبقى الشأنان الدفاعي والخارجي جزءاً من الدولة المركزية مع حد ادنى من رسم السياسة المالية للدولة. ● اي تقصد هنا اللا مركزية الإدارية؟ - نعم. لا مركزية إدارية موسّعة. ما المشكلة في ذلك؟ على الأقل يتم الانتهاء من ضغط المشاكل المتصلة بالانماء غير المتوازن والخدمات غير المتكافئة والجبايات غير المتوازنة... ● ولكن الجنرال عون ما الذي قصده؟ هو استخدم تعبير الفيديرالية؟ - قد نصل الى هذا الحد في السياسة. لأن الفيديرالية طرْحٌ يذهب أبعد من اللا مركزية الإدارية التي تجيب عن كثير من القضايا المتصلة بالانماء والخدمات، في حين ان الفيديرالية تصل الى عزل التمثيل السياسي وفصله عن بعضه في شكل انه يعود ويحصل التقاء على المستوى المركزي، ولكن على قاعدة ألا يتعاطى احد مع الآخر في ما خص الخيارات التمثيلية وغيرها، وذلك في ضوء عدم الاحترام الحاصل لإرادة المسيحيين ولمقوّمات الشراكة الحقيقية. ● البعض يسأل هل من الافضل للمسيحيين ان يكون عندهم حاكم ولاية او كانتون او رئيس لجمهورية الـ 10452 كلم2، والا يعزز مثل هذا الطرح الفيديرالي منطق الذين يتهمونكم بأنكم مستعدون لـ «حرق روما من اجل إشعال سيجارة»، اي تفتيت البلد من اجل الرئاسة؟ - طرح الموضوع بهذا الشكل ينطوي على افتراء كبير. المشكلة معقّدة ولا تتعلق فقط بموقع وشخص، بل هي تعبّر عن خطر يتهدد العيش المشترك في حال لم تتم احترام شروطه ومقوماته. ● وهل طرْح الفيديرالية هو في إطار رفع سقف التحدي والتفاوض لتصحيح الممارسة ضمن جمهورية الطائف ام ان الأمر يعبّر عن رؤية استراتيجية بأن النظام الفديرالي هو ضمانة المسيحيين في لبنان وقد يكون عامل خلاص للأقليات في الشرق؟ - هو ليس الخيار الأول. ولكن اذا استمر مسار التعاطي القائم مع المسيحيين فهذا سيوصل اكثر وأكثر الى قناعة متزايدة بهذا الخيار. ولكن ليس بالضرورة ان نصل الى ذلك، ويمكن ان يحصل تصحيح في الأداء وفي التعاطي مع المسيحيين لا يؤدي بهم الى هذا الحد. ولا يكون عيش مشترك بالإكراه، بل هو خيار يعتمده المسيحيون اليوم بكامل إرادتهم، ولكنهم يريدون ان يحترم الآخرون شروط هذا العيش المشترك وضمانته الأساسية اي الميثاقية، ويريدون ألا يتم التعاطي معهم بمنطق المكيالين الذي من شأنه دفعهم الى خيارات من هذا النوع. الا ان هذا لا يعني بالضرورة ان الفيديرالية هي خيارنا الأول، وهي ليست كذلك، فخيارنا الاول ما زال في النظام الحالي وحتى في ظل اتفاق الطائف، مع الإشارة الى انه يمكن تعديله في نواحٍ معينة. ذلك ان روحية الطائف كانت الذهاب الى ديموقراطية توافقية وإعادة توزيع الصلاحيات على اساس شراكة، وحصلت تنازلات على قاعدة ان تكون هناك شراكة حقيقية. ولكن هذه الشراكة لم تُمارس ابداً خلال الأعوام الـ 15 من الوصاية السورية كما لم تُمارس بعد الانسحاب السوري وما زلنا نبذل جهوداً ونخوض معارك في السياسة لتطبيقها. ● ثمة مَن يرى انكم تدفعون الامور لأزمة نظام يريدها «حزب الله» للوصول الى مؤتمر تأسيسي... - نحن لا ندفع في اتجاه أزمة نظام، لأن أزمة النظام موجودة. واليوم المأزق الذي أدى الى شلل في كل المؤسسات ناتج من مشكلة في النظام في ظل غياب آليات واضحة لتطبيقه. نحن في ديموقراطية توافقية ولكن من دون وجود ما يُلزِم الآخرين باحترام شروط هذه الديموقراطية التوافقية، وهناك ميثاقية مع غياب ما يُلزِم الآخرين باحترام مقوّماتها. نحن نتحدث عن مناصفة في البرلمان ولا يوجد ما يُلزِم الآخرين بإقرار قانون انتخاب يعكس هذه المناصفة عملياً بمعناها التمثيلي الصحيح. وعملياً الدستور والطائف هو مجموعة مبادئ ولكنها تفتقد الى آليات تطبيقية تحميها. ومن هنا كان الوقوع في أزمة النظام. ● ولكن في ظل الموازين الداخلية وكل التحولات في لبنان والمنطقة ثمة من يرى ان هذا أفضل ما يمكن للمسيحيين الحصول عليه وانهم «يلعبون بالنار» عندما يفكرون بخيارات اخرى على مستوى النظام؟ - فليطبّقوه كما يجب. وهذا المنطق أسمعه، ولكن بالنسبة لنا لم نصل بعد الى هذا الحد الاستسلامي. وما زلنا نخوض معركة شدّ حبال علّنا ننتزع حقوقنا، وإذا هُزمنا ستكون هزيمة لكل المسيحيين وليس لفريقنا لوحده. وأعتقد ان وجود المسيحيين سيكون في خطر في حال هزموا بمعركة استرداد حقوقهم. ● وماذا عمن يرى ان حزب الله هدفه مؤتمر تأسيسي للوصول الى المثالثة... ألا تخشون انكم يمكن ان تجروا الأمور الى هذه الخلاصة؟ - أعتقد ان حزب الله أجاب على هذا الأمر. ونحن لا نريد الدخول في عملية محاكمة للنيات. ● ولكن السيد حسن نصرالله تحدث عن مؤتمر تأسيسي؟ - ما نطلبه من تصحيح في تطبيق الطائف بما خص المسيحيين نعتبره امراً مشروعاً وحقاً لنا ولن نتراجع عنه، وهذا التهويل الذي يستخدمه البعض، بالكلام عن انكم ستأخذوننا الى مثالثة وغيرها، لن يثنينا عن المطالبة بحقوقنا. ● لكنكم تخوضون معركة على جبهتيْ الرئاسة لايصال العماد عون وقيادة الجيش لايصال صهره العميد شامل روكز وفي الحالتين تعطلون رئاسة الجمهورية والحكومة من دون اغفال البرلمان... كيف يمكن إقناع الناس بان ما تفعلونه هو دفاع عن «حقوق المسيحيين» وليس «حقوق عائلية»؟ - إذا اختار الناس العماد عون كممثل لهم، فيجب احترام خيارهم. بمعنى ان المسيحيين أعطوه وكالة لتمثيلهم في النظام. وخلال هذه المرحلة هو مؤتمن على هذا التمثيل، ويحقّ له ان يطالب بمراعاة حقوق مَن أوكلوا اليه تمثيلهم وان يكون المعبّر عن هذا التمثيل على مستوى المواقع التي تعود لهم سواء في الرئاسة او المناصب الأمنية وسواها. وعندما يختار المسيحيون شخصاً آخر، غير العماد عون، عندها يحق لكم ان تقولوا لنا اننا نعطل كل شيء من اجل أشخاص او سوى ذلك. ● ولكن البلد في لحظة خطر وجودي في ظل التحولات الهائلة في المنطقة ويقال «في لحظة تغيير الدول احفظ رأسك» وليس أبقِ رأس الجمهورية مقطوعاً؟ - هذا تقدير، وهناك آراء مختلفة في هذا الشأن. فهناك ناس يعتبرون ان ثمة مصلحة في خوض معركة سياسية لتكريس عرف مراعاة إرادة المسيحيين في الانتخابات الرئاسية مرة واحدة لكل المرات بما يحمي دور المسيحيين في النظام السياسي ولبنان، وثمة رأي آخر يقول بضرورة ملء الفراغ كيفما كان. ولكن جراء الحوارات التي تحصل بيننا وبين الافرقاء المسيحيين الآخرين، نصل أكثر فأكثر الى قناعة مشتركة بأنه يجب ان يأتي الرئيس بمواصفات معينة ولا سيما لجهة القوة التمثيلية. ● هناك مَن يستذكر دائماً مبادرة الاقوياء، كميل شمعون وبيار الجميل وريمون اده العام 1970، الذين دعموا ترشيح سليمان فرنجية بعدما ادركوا ان لا حظوظ لأي منهم فأنقذوا الرئاسة من فراغ... لماذا لا تكرّرون هذه التجربة؟ - الظروف كانت مختلفة. فالمسيحيون لم يكونوا في حال خطر وجودي حتى على المستوى السياسي. إذ في الجمهورية الأولى كانوا يملكون الصلاحيات الأقوى وكانوا الطرف الأقوى في النظام السياسي، اما اليوم فهم يجاهدون لاستعادة موقعهم كشريك فعلي في النظام، وهم يحتاجون الى كل عناصر القوة المتاحة ليس لتحصيل حقوقهم فقط بل لممارستها بما يراعي إرادتهم. ● لوّح العماد عون بأقدام 1988 التي ادت عملياً الى خسارة المسيحيين... هل انتم هواة تكرار معارك خاسرة؟ - إطلاقاً. ونحن لسنا الآن في وارد استعادة مرحلة لها اعتباراتها وسياقها المعروف. وما يمكن قوله ان ظروف اليوم مختلفة عن الأمس، وأعتقد ان المسيحيين هم في الأصل في وضع خسروا فيه الكثير، والمعركة التي تخاض سياسياً هي لمحاولة تحسين واقعهم، وهم لن يخسروا بنتيجتها اكثر مما خسروا. ● هناك اتجاه لأن يدعو الرئيس تمام سلام الى جلسة للحكومة... ماذا ستفعلون؟ - سنشارك في الجلسة ونناقش بند التعيينات الأمنية. ● وماذا لو طُرح ولم يحصل هذا البند على التوافق المطلوب؟ - لن ادخل في فرضيات. وساعتئذ نعبّر عن موقفنا. ● ولكن هل انتم بوارد التحرك في الشارع بحال الإصرار على طرح بنود اخرى غير التعيينات؟ - حينها سنقوم بما علينا. وليُدع اولاً لجلسة للحكومة ويوضع بند التعيينات على الطاولة، وعندها نرى ماذا سيحصل. ● وماذا عن موقف الرئيس بري الرافض لتعطيل الحكومة، وهو قال انه سيحضر لو لم يحضر وزراء «حزب الله» وعون؟ - ونحن متفقون معه على هذه النقطة. ولا خلاف على حضور الجلسة بل على عدم قيام الحكومة بمسؤولياتها في ما خص التعيينات الأمنية. ● ولكنكم ترفضون مناقشة اي بند اذا لم تُبت التعيينات؟ - نعم. نريد ان تقوم الحكومة بواجباتها. وعلى العكس نريدها ان تعمل، وتالياً لتنهِ بند التعيينات وتكمل على جدول الأعمال. ● في موضوع الانتخابات الداخلية لـ «التيار الحر» ردّت الداخلية التعديلات على النظام الداخلي الذي يفترض ان تجري على اساسه انتخاب الرئيس في سبتمبر المقبل؟ ماذا يعني ذلك؟ - بمعزل عن ذلك، يمكن إجراء انتخابات على اساس النظام الداخلي الموجود فتكون معركة ديموقراطية داخل التيار. ● وانت مع اي نظام داخلي، ولا سيما انه قيل انك تملك اعتراضات او ملاحظات كثيرة على التعديلات؟ - هذا موضوع ليس للتداول الاعلامي، وكل ما يتعلق بشؤون التيار التنظيمية أعبّر عنه داخل التيار. ولنرَ بداية كيف ستنتهي مسألة ردّ التعديلات على المستوى القانوني، وعلى أساس ذلك نتصرف. وطبعاً أطمح الى نظام داخلي يكرّس شراكة حقيقية داخل التيار وكان هذا دائماً هدفي الذي سعيتُ اليه. ● هل يمكن ان تترشّح لرئاسة التيار؟ - كل شيء وارد. ● اي ليست محسومة الرئاسة للوزير جبران باسيل؟ - لا. ونحن ذاهبون لمعركة ديموقراطية. ● وماذا عما قيل عن طرح اسمك لنائب الرئيس بالتزكية كتسوية لاحتواء الاعتراضات؟ - هذا كلام صحف. إذا تنحى الجنرال عون عن رئاسة الحزب، لأن هذا لم يُحسم بعد مئة بالمئة، ستكون هناك معركة ديموقراطية، وليفز مَن يفز وليفز الأفضل، وليست هناك تزكية، ولا اي شيء محسوم سلفاً. ● اي ان لا تأثير لردّ التعديلات على النظام الداخلي على موعد الانتخابات لرئاسة التيار؟ - لا اعرف اذا كان هناك من تأثير على المستوى القانوني. ولكن يمكن اجراء انتخابات على اساس النظام الداخلي الساري المفعول.

مشاركة :