عرض انتشار فايروس كورونا المستجد الكثير من العلاقات الزوجية إلى اختبارات صعبة، من بينها كيفية التعامل مع إصابة شريك الحياة بهذا الفايروس القاتل، وفي حين فشل البعض في هذا الاختبار وآلت علاقاتهم إلى طرق مسدودة ونزاعات كبيرة، تمكن البعض الآخر من اجتياز هذا الاختبار بنجاح عن طريق دعم الشريك ومساندته في محنته. عانت الكثير من العلاقات الأسرية والزوجية من تبعات وتأثيرات تفشي فايروس كورونا السلبية، وكشفت العديد من الحوادث المرتبطة بهذا المرض هشاشة هذه العلاقات وفشلها في هذا الاختبار الصعب الذي تعرضت له، حيث تداولت مواقع إلكترونية خبر إقدام رجل بريطاني ستيني على قتل زوجته على إثر خلاف بينهما، بعد أن طلبت منه الخروج من المنزل حتى لا يعديها بفايروس كورونا. وقالت المحكمة إن حسين عقال (65 عاما) قتل زوجته ماريان إسماعيل (57 عاما) داخل شقتهما في إدمنتون شمال لندن يوم 6 أبريل. وبين المدعي العام جوناثان بولناي إن الزوجة أصيبت بجروح خطيرة عديدة، وذكر الجاني أنها طلبت منه مغادرة المنزل، لأنه يعاني من فايروس كورونا. وظهر المدعى عليه عبر تطبيق اتصال بالفيديو كإجراء احترازي خوفا من التقاط هيئة المحكمة العدوى، وأصدر القاضي أمرا بحبسه إلى حين جلسة الاستماع يوم 14 يونيو القادم. ولم تتوقع بعض الزوجات في دول عربية أن فايروس كورونا سيهدم حياتهن الزوجية بعد إصابتهن به، وفق حوادث تناقلتها مواقع إلكترونية، وبطبيعة الحال لا يمكن القياس على هذه القضايا التي تعتبر منفردة إلا أن إصابة شريك الحياة بهذا الفايروس تسلط الضوء على كيفية تعامل الشريك معه والذي يفترض أن يتم عزله في المنزل في مرحلة أولى، مما يثير مخاوف الشريك من انتقال عدوى هذا الوباء القاتل إلى بقية أفراد الأسرة وقد يتقبل البعض التعامل مع الحالة والتعايش معها، ويرفضها البعض الآخر. وأشار المختصون إلى أن هذا الفايروس كغيره من الأمراض التي قد تضع العلاقة الزوجية في اختبار يمكن أن تكون نتيجته انهيارها، أو يجعلها أكثر متانة، منبهين إلى أن الوضع الذي تعيشه العلاقة الزوجية قد يتحكم في قرار الشريك بمساندة شريكه والعناية به طوال فترة الحجر أو التخلي عنه، وما ينجر عنه من انعكاسات سلبية قد تعمق الخلافات الزوجية وتؤدي إلى الانفصال. وكشف استطلاع قام به موقع القبس الإلكتروني شمل عددا من شركاء الحياة للتعرف على ردود أفعالهم في حال إصابة أحد الطرفين بكورونا أو إذا اشتبه في إصابته وجرى فرض الحجر المنزلي عليه، تباين الآراء التي كشفت عن عمق المشاعر والاستعداد إلى دعم الشريك ومساندته، وأثبتت تباين درجة الارتباط بين الزوجين. وأظهر الاستطلاع أن أغلب النساء فضلن البقاء مع شركاء حياتهن حتى التماثل للشفاء، مع اتباع الإجراءات الوقائية، في حين وجدت بعضهن أن الابتعاد عن مصدر المرض ونقل الشريك المريض إلى الحجر الصحي في المستشفيات هو الخيار الأمثل لضمان سلامة أفراد الأسرة. الارتباك بسبب المرض يجعل بعض الأزواج يفكرون في الاختيار بين مواصلة علاقتهم الزوجية وبين الهروب من الحمل الجديد كما اختار بعض الرجال البقاء بجانب الزوجة مهما حصل لها، وفضل آخرون الابتعاد عنها مؤقتا حتى تشفى. وأظهر الاستطلاع أن بعض الرجال تنصّلوا من المسؤولية، وأقروا بعدم قدرتهم على تحمّل مرض زوجاتهم ورعايتهن، ومنهم من فكر في التبليغ عنها لحماية نفسه، واختار آخرون أن يهجروا شريكات حياتهم ليكتبوا نهايتهم بالانفصال والارتباط بغير زوجاتهم المريضات. وفي مقابل ذلك كشف الاستطلاع أن هناك أزواجا كثرا جسدوا مشاعر الوفاء والصبر على المرض، وكشفوا عن موقفهم المخلص بتقديم كل سبل الرعاية والدعم لزوجاتهم، عرفانا وتقديرا لدورهن في تحقيق الاستقرار الأسري والحفاظ على عش الزوجية. وفي حين أكد أحد الأزواج استعداده لتقديم كل الدعم المعنوي والنفسي لمساعدة زوجته على الشفاء، مشيرا إلى أنه من واجبه الوقوف إلى جانبها في السراء والضراء، قال آخر إنه سيختار ترك المنزل وعدم العودة حتى التأكد من تماثل شريكة حياته للشفاء، بشكل تام وسليم. وقال خبراء العلاقات الأسرية إن الارتباك بسبب المرض يجعل بعض الأزواج يفكرون في الاختيار بين مواصلة علاقتهم الزوجية وبين الهروب من الحمل الجديد، مشيرين إلى أن هذا الوضع من أكثر المواقف صعوبة التي يمكن أن تعترض الأزواج، وهو بمثابة اختبار حقيقي لمشاعر الطرفين تجاه بعضهما ولتشبث كل منهما بالآخر. ويرى المختصون أن العلاقات الأسرية في المجتمعات العربية لها سمات خاصة، فليس من السهل على الزوج أو الزوجة التخلي عن بعضهما حتى في حال مرض أحدهما بمرض خطير، لكن هذا لا ينفي وجود حالات يكون فيها الشريك متضايقا من مرض شريكه ويتخلى عنه أو يختار الانفصال، مشيرين إلى أن هذه الحالات تكشف أن العلاقة أساسا لم تكن سليمة بل مهددة بالانهيار في كل وقت، وأن التخلي عن الشريك في أزمة المرض يظل أمرا يستنكره أغلب الناس.
مشاركة :