أشارت شركة «كامكو إنفست» إلى أن تفشي فيروس كورونا المستجد، وما خلفه من تبعات اقتصادية على كل دول العالم، أدى إلى إعادة تقييم الأثر المالي للجائحة في ضوء الضغوط المالية الجديدة، وحالة عدم اليقين المحيطة بالوضع على المدى القريب. وكشفت الشركة في تقرير لها، أن الضغوط المالية الناجمة عن تراجع النشاط الاقتصادي وعائدات النفط، أدت إلى إجبار حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على إصدار أدوات دين بمستويات ضخمة، إذ قامت بإصدار سندات بلغت قيمتها 31 مليار دولار منذ بداية العام 2020 حتى اليوم، من ضمنها 24 ملياراً خلال شهر أبريل 2020 فقط، إلى جانب أكثر من 10 مليارات دولار من الصكوك.وبين التقرير أنه خلال العام الماضي، بلغت قيمة السندات التي قامت حكومات المنطقة بإصدارها 48.8 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الصكوك التي تم إصدارها 33.3 مليار دولار، منوهاً بأنه من جهة أخرى، نشطت ايضاً إصدارات الشركات من أدوات الدين، بحيث بلغت قيمة السندات الصادرة هذا العام 19 مليار دولار، بما في ذلك 6.6 مليار دولار في مايو الجاري، في حين بلغت إصدارات الصكوك 4.8 مليار دولار.وأشار إلى وصول قيمة أدوات الدين المستحقة السداد على دول مجلس التعاون الخليجي، لكل من السندات والصكوك خلال العام الحالي إلى 38.7 مليار دولار، وسط عجز الموازنات المقدر بأكثر من 150 مليار دولار، معتبراً أنه يمكن أن تتجاوز إصدارات أدوات الدخل الثابت مستويات العام الماضي.ولفت التقرير إلى وصول قيمة أدوات الدخل الثابت مستحقة السداد على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، خلال السنوات الخمس المقبلة لما قيمته 140.9 مليار دولار، بينما تبلغ القيمة المستحقة على الشركات 152.4 مليار دولار. وأفاد أن غالبية تلك الاستحقاقات بالدولار، تليها إصدارات بالعملة المحلية بالريال السعودي والريال القطري، موضحاً أنه ونظراً لمستويات التصنيف الائتماني لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، فإن غالبية هذه الاستحقاقات تتميز أنها من درجة استثمارية عالية أو أدوات مصنفة من الفئة (A). التحفيز العالميولفتت «كامكو إنفست» في التقرير إلى أن الحكومات قدمت حزم التحفيز المالي بمبالغ متفاوتة وصلت إلى 21 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في حالة اليابان، تليها الولايات المتحدة بنسبة 13 في المئة أو ما يعادل 2.7 تريليون دولار. وبين التقرير أن الأزمة تأتي في وقت مازالت فيه الديون العالمية عند مستويات عالية تاريخياً، متوقعاً أن تشهد المزيد من الارتفاع على خلفية لجوء الحكومات لإصدار السندات لتمويل عمليات الإنفاق، في إطار الجهود الرامية إلى التصدي لهذه الجائحة. وأفادت أنه وفقاً للتقرير الصادر عن وكالة بلومبرغ، تصل قيمة الديون مستحقة السداد في الأسواق الناشئة إلى 730 مليار دولار خلال الفترة المتبقية من العام الحالي، إلا انه في ظل تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي، سيصبح من الصعب على بعض الاقتصادات مواصلة تسديد ديونها الخارجية.وذكر التقرير أن تلك الجائحة أدت إلى انسداد قنوات التمويل الجديدة في أسواق الأوراق المالية، بحيث تراجعت أهمية إصدارات السوق الأولية الجديدة ولم تعد ضمن الأولويات بانتظار الحصول على تقييمات أفضل، بالإضافة إلى تدفق الأموال خارج الأسواق الناشئة بمستويات غير مسبوقة. وكشف أنه على صعيد الدخل الثابت، فقد أدى الأمر إلى خفض معدلات الفائدة إلى أدنى المستويات، بهدف ضخ السيولة في النظام المالي، منوهاً بأنه في ظل تلك الأوضاع، تغير أيضاً تقييم المخاطر لسوق الدخل الثابت الذي كان يعتبر في فترة ما الرهان المضمون ذي العوائد المنخفضة.السندات التقليدية وأوضح التقرير أنه في ما يتعلق بنوعية أدوات الدين في دول مجلس التعاون، تأتي السندات التقليدية في الصدارة، بحيث تمثل القيمة مستحقة السداد خلال السنوات الخمس المقبلة 200 مليار دولار، في حين يتوقع أن تتزايد قيمة الصكوك المستحقة السداد اعتباراً من العام 2022. وتابع أنه في ما يتعلق بآجال الاستحقاق وفقاً للقطاع، تصل قيمة أدوات الدين مستحقة السداد على البنوك وقطاع الخدمات المالية خلال 5 سنوات مقبلة إلى 91 مليار دولار، بما يمثل 31 في المئة من إجمالي المبالغ المستحقة حتى العام 2024. وكشف أنه بالنسبة لقطاعي الطاقة والعقار فتصل قيمة الديون مستحقة السداد إلى 12 مليار دولار لكل قطاع، أو ما نسبته 8 في المئة من إجمالي المبالغ المستحقة حتى العام 2024. وبين أن البنوك الإماراتية في الصدارة، بحيث تصل قيمة أدوات الدين مستحقة السداد على مدى السنوات الخمس المقبلة إلى 45 مليار دولار، تليها قطر بقيمة 20.8 مليار دولار بما يمثل نسبة 22.4 في المئة من إجمالي استحقاقات السندات والصكوك خلال السنوات الخمس المقبلة لدول مجلس التعاون الخليجي. ونوه بتركز أعلى قيم مستحقة السداد لقطاع العقار في كل من الإمارات وقطر أيضاً، عند مستوى 5.9 مليار دولار و3.5 مليار دولار على التوالي حتى العام 2024. الاحتياجات التمويليةوذكر التقرير أن تلك الإصدارات تستهدف سد الاحتياجات التمويلية الجديدة، ومتطلبات إعادة التمويل، إذ تبلغ قيمة السندات والصكوك الخليجية المطلوبة لإعادة التمويل في السنوات الخمس المقبلة 300 مليار دولار، تمثل السندات نحو الثلثين تقريباً منها، في حين تمثل الصكوك الثلث المتبقي أي ما يعادل 95.1 مليار دولار. ولفت إلى أن تلك الاستحقاقات تقسم بالتساوي تقريباً بين إصدارات الديون السيادية وتلك الصادرة عن الشركات، إذ تصل القيمة مستحقة السداد من السندات الحكومية إلى 141 مليار دولار، في حين تبلغ تلك المستحقة على الشركات 152.3 مليار دولار.وبين أنه من حيث التقسيم على مستوى الدول المختلفة، تأتي الإمارات في الصدارة من حيث قيمة أدوات الدين مستحقة السداد والتي تبلغ 94.1 مليار دولار، تليها الحكومات والشركات السعودية والقطرية بقيمة تصل إلى 87.1 مليار دولار و67 مليار دولار. وأفاد أن مستويات استحقاق السندات والصكوك الخليجية تكاد تكون ثابتة عند نفس المستوى على مدى السنوات الخمس المقبلة بقيمة 302.9 مليار دولار، إذ يستحق سداد قروض بقيمة 72 مليار دولار خلال الفترة المتبقية من العام 2020، تمثل الشركات الإماراتية 46 في المئة من تلك القيمة، أو ما يعادل 32.8 مليار دولار بنهاية العام 2020. النظرة المستقبليةورأى التقرير أنه يتوقع أن تنمو إصدارات السندات والصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي مجدداً هذا العام، بدعم من احتياجات إعادة تمويل الموازنات بالإضافة إلى المتطلبات التمويلية الجديدة.وأضاف أن تفشي فيروس «كوفيد-19» أدى إلى ظهور احتياجات إضافية للشركات والمؤسسات الحكومية، بما قد يعزز إصدارات السوق الأولية خلال الفترة المتبقية من العام الحالي وعلى المدى القريب. ولفت إلى أنه في ظل تمتع 4 دول من بين دول مجلس التعاون الخليجي، على تصنيفات ائتمانية ممتازة من درجة الاستثمار والدعم المرتقب من مجلس التعاون لكل من عمان والبحرين، فإن هذا الأمر من شأنه دعم جمع الأموال في المنطقة وعلى المستوى الدولي.وتوقع أن ترتفع متطلبات التمويل الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي على المدى القريب، إذ أعلنت الحكومات عن بعض الإجراءات لزيادة إيرادات الدولة مثل قيام السعودية بزيادة قيمة الضريبة المضافة إلى 15 في المئة، بالإضافة إلى تدابير أخرى مختلفة مثل خفض مستويات الدعم والبدلات، وخصخصة الكيانات المملوكة للدولة، وتأجيل تمويل بعض المشاريع المحددة وتعديل أولويات تنفيذها. وبين أن تلك التدابير قد لا تكون كافية لسد فجوة العجز المالي للعام الحالي، التي تتراوح ما بين 15 و25 في المئة بالنسبة لمعظم دول مجلس التعاون الخليجي وفقاً لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني. ورجح التقرير أن تعاني السعودية من عجز للعام السابع على التوالي، مع وصول قيمة العجز في الربع الأول من العام 2020 إلى 9.1 مليار دولار، في حين أنه ووفقاً لبعض التقارير الصادرة بهذا الشأن، قد تشهد السعودية والكويت وعمان عجزاً إجمالياً في موازنتها بقيمة تقارب 141 مليار دولار خلال السنة المالية الحالية. ولفت إلى أنه بجانب السندات والصكوك الخليجية مستحقة السداد هذا العام والتي تقارب قيمتها 40 مليار دولار، فمن المفترض أن تتجاوز بدرجة كبيرة إصدارات أدوات الدخل الثابت خلال العام الحالي، إصدارات العام الماضي البالغة 140 مليار دولار.
مشاركة :