كتب أحمد عبدالحميد:احتفلَ العالمُ أمس الموافق 21 مايو 2020 باليومِ العالمي للتنوُّعِ الثقافي، إذ يشكّل التنوعُ الثقافي قوةً محركةً للتنمية، ليس على مستوى النمو الاقتصادي فحسب بل أيضًا كوسيلةٍ لعيش حياةٍ فكريَّةٍ وعاطفيَّة ومعنويَّة وروحيَّة أكثر اكتمالا، ويتزامنُ الاحتفالُ بهذه المناسبة للعام الحالي مع تفشي جائحة «كورونا» في مختلف دول العالم، إذ أبرزت هذه الأزمةُ بوضوح عمقَ التفاوتات القائمة بين شرائح المجتمعات وعرضة تلك المجتمعات برمتها للخطر.وفي تصريحات خصت بها «أخبار الخليج» في هذه المناسبة قالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار: «إن أهم ما يميز مملكة البحرين هو التنوع الثقافي القائم والمتحقق بين مختلف الديانات والمذاهب وجميع الجاليات الأجنبية الموجودة على أرض المملكة، حيث يشهد التاريخ للبحرين بهذا التناغم القائم بين كل مكونات المجتمع».وشددت على أهمية المحافظة على التنوع الثقافي الذي تتمتع به المملكة كأحد المقومات الرئيسية التي تحقق التنمية، وهو ما التفتت إليه الأمم المتحدة من خلال تخصيص يوم عالمي للتنوع الثقافي، موضحة أن كل هذه المضامين التي تنادي بها الأمم المتحدة قائمة في قطاع الثقافة الذي يجب الاستثمار فيه قدر الإمكان بما يخدم قضايا التنمية المستدامة التي تخدم كل مكونات المجتمع.وتطرقت الشيخة مي إلى جهود الهيئة للمحافظة على ما تزخر به مملكة البحرين من تنوع ثقافي وخاصة في المنامة، قائلة: «المنامة هي حلم الثقافة القادم، بعد أن نالت المحرق حقها من إدراج مواقع على قائمة التراث العالمي باليونسكو، واعتبارها إحدى المدن الإبداعية، وما تضمه من مشروع كبير سيكون وجهة مهمة لسياحة ثقافية من خلال مشروع طريق اللؤلؤ، لذا فإن الأنظار تتجه إلى المنامة تلك المدينة التي تمتلك روحا وعمران وتاريخا يمكننا أن ننسج رواية أخرى تكون مدخل لوضعها في قائمة التراث العالمي، واستعادة هويتها التي تشوَّهت».وأضافت: «أن هناك ملامح أساسية في المنامة يمكن استعادتها، وبث الروح فيها من جديد، سواء الواجهات أو المشاريع الصغيرة أو أحياء يمكن توظيفها كي تكون لها الخصوصية التي تجذب المواطن والأجنبي، إذ إن الزائر يبحث عن الخصوصية بعد أن تشابهت المدن والمعالم والمولات التجارية، وهذه الخصوصية تتمثل في سوق أو معمار تجاري له تاريخ».وتابعت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار قائلة: «إن أكبر قدر من المعمار التجاري الذي تم تصميمه على يد كبار المصممين المعماريين في العالم موجود في المنامة، مثل المصمم رفعت الشادرجي والمصمم المعماريّ العالميّ محمّد مكّيّة، وهناك دار الحكومة المصمم من أكبر الشركات المعمارية، لذا فإن المنامة تزخر بعدد من المباني ذات القيمة العمرانية الفريدة، ولا يوجد من يتلفت لها بالكيفية اللازمة في ظل تغول الأبراج الزجاجية، لذا فإنه من الضروري إحياء هذه المباني».وبشأن الاستجابة التي تحققت من نداءات المنامة التي أطلقتها الهيئة، أعربت الشيخة مي عن اعتزازها بالاستجابة التي تحققت على المستوى الأهلي لهذه النداءات، لافتة إلى أن بعض الأسر كانت بصدد هدم منازلها القديمة، توقفت بعد نداء المنامة واستجابت له وتتعاون معنا بشكل جميل، ومع استكمال المشاريع سوف يزيد حجم الاستجابة.وأوضحت أن هناك شرايين أساسية في المنامة بها معمار متميز والتي تستحق المحافظة عليها بما يحقق الاستدامة من خلال التنوع الثقافي من خلال رؤية متكاملة تراعي الضوابط المعمارية والتاريخية للمدينة، مؤكدة أن مبادرات الجمال لا بد أن تنتشر في مواجهة التشويه.وبشأن العمل على إدراج المنامة على قائمة التراث العالمي، قالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: «إن العمل يجري لإدراج المنامة على قائمة اليونسكو كمدينة بدأ بها التعليم الحديث غير الأهلي، بعد أن بدأ التعليم النظامي الأهلي في المحرق، لذا فإننا نعمل على إيجاد مسار لمسيرة التعليم في المنامة بداية من مدرسة الإرسالية الأمريكية مرورا بمدرسة عائشة أم المؤمنين فمدرسة الزهراء الثانوية، لأننا نحاول خلق رواية لمدينة المنامة، فبعد أن خلقنا مسارا للؤلؤ في المحرق، نحاول خلق مسار للتعليم في المنامة».يذكر أن تاريخ الاحتفال باليوم العالمي للتنوع يعود إلى عام 2001 حين اعتمدت اليونسكو الإعلان العالمي للتنوع الثقافي، وفي ديسمبر 2002. أعلنت الجمعية العامة في قرارها 57/249 يوم 21 مايو يوما عالميا للتنوع الثقافي للحوار والتنمية.وفي عام 2015. اعتمدت اللجنة الثانية للجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع مشروع القرار بشأن الثقافة والتنمية المستدامة، الذي أكد مساهمة الثقافة في الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، ومعترفا كذلك بالتنوع الطبيعي والثقافي للعالم، وعبر عن إدراك قدرة الثقافات والحضارات على الإسهام في التنمية المستدامة واعتبارها من العوامل الحاسمة في تحقيقها.ويتيح اليوم العالمي للتنوع الثقافي فرصة تعميق مفهوم الشعوب لقيم التنوع الثقافي ودعم الأهداف الأربعة لاتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي التي اعتمدتها اليونسكو وتهدف هذه المناسبة إلى دعم النظم المستدامة لحوكمة الثقافة وتحقيق تبادل متوازن من السلع والخدمات الثقافية وانتقال الفنانين والعاملين الآخرين في مجال الثقافة إضافة إلى دمج الثقافة في برامج وسياسات التنمية المستدامة وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
مشاركة :