حكومة الكاظمي تعبر أول اختبار بتأمين رواتب ملايين العراقيين دون استقطاع | | صحيفة العرب

  • 5/22/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - تُقبل حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على اجتياز أول اختبار تكتيكي من خلال إعلانها عن تأمين رواتب قرابة ثلاثة ملايين موظف للشهر الجاري، مع صرف نحو 300 مليون دولار بشكل عاجل لنحو أربعة ملايين فقير وعاطل وعاجز، بهدف تجاوز شحّ السيولة الناجم عن الإغلاق شبه العام بسبب ظروف مواجهة تفشي وباء كورونا. وأعلنت الحكومة أنها ستدفع نهاية شهر مايو الجاري رواتب ومخصصات الموظفين، دون استقطاع، ما تسبب في ارتياح شعبي عام. وسادت أنباء عن أن حكومة الكاظمي لن تتمكن من تأمين رواتب الموظفين، بعدما عمدت الحكومة السابقة برئاسة عادل عبدالمهدي إلى إفراغ الخزانة العامة. وتقول مصادر على صلة بالقطاع المالي الحكومي إن حكومة عبدالمهدي أهدرت قرابة 15 مليار دولار في شهورها الأربعة الأخيرة، بذريعة تلبية مطالب المتظاهرين الذين خرجوا ضدها في أكتوبر الماضي وتسببوا في استقالتها. وعينت حكومة عبدالمهدي قرابة نصف مليون عراقي في دوائر الدولة التي تعاني من مشكلة الترهل الوظيفي في الأساس. 300 مليون دولار سيتم توفيرها بشكل عاجل لأربعة ملايين فقير وعاطل وعاجز وكشفت مصادر أن وزراء عبدالمهدي وزعوا الدرجات الوظيفية الجديدة بين الأحزاب الكبيرة حسب الولاء. ووظف وزير الكهرباء لؤي الخطيب قرابة تسعين ألف شخص في مؤسسات تابعة لوزارته، المتهمة بالفشل المزمن في أداء مهامها. وقالت مصادر في وزارة المالية إن نصف هؤلاء المعينين الجدد لم يتسلموا رواتبهم حتى الآن، لعدم وجود سيولة كافية، بالرغم من مرور نحو شهرين على صدور أوامر تعيينهم. وعندما سئل الخطيب عن كيفية تأمين رواتب هؤلاء، وذلك خلال الأيام الأخير من ولايته، قدم إجابة تلفزيونية وصفت بـ“الصلفة”، إذ قال إن “المهمة الآن تقع على عاتق البرلمان، فهو المعني بتشريع الموازنة وتوفير الأموال اللازمة للعاملين في دوائر الدولة”. وقال خالد النجم وزير التخطيط في حكومة الكاظمي إن الموظفين الجدد الذين أضافتهم حكومة عبدالمهدي قد لا يحصلون على مستحقات مالية بحلول الشهر القادم، لاسيما إذا أخذ البرلمان في الاعتبار أنهم أضيفوا إلى ملاك الدولة دون تشاور معه. وأقر النجم بأن رواتب الموظفين في الشهر القادم، قد لا تؤمن كليا، ما سيدفع الحكومة إلى العمل بنظام الادخار، مشيرا إلى أن الحكومة ستنطلق في الاستقطاع من قاعدة عدم المساس برواتب الموظفين التي تدور في أجواء 400 دولار شهريا. وتقول المصادر إن البرلمان العراقي يدعم إجراءات الحكومة المتعلقة بادخار جزء من رواتب موظفي الدرجات العليا في الدولة وتوزيع منحة مالية مباشرة على العاطلين والفقراء، على أن تعاد الرواتب المدخرة إلى أصحابها مع توفر السيولة الكافية. ويعتمد العراق على بيع النفط الخام لتمويل قرابة 98 في المئة من موازنته السنوية. وخسر العراق نحو ثلثي عوائده المالية خلال الشهور القليلة الماضية بسبب هبوط أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة. وبالرغم من قتامة التوقعات، يبدو أن حكومة الكاظمي تملك أدوات عديدة لتجاوز الأزمة المالية، داخليا وخارجيا. وتعهد وزير المالية علي علاوي بأن الحكومة لن تتخلى عن أصحاب الدخل المحدود، ملمحا إلى وجود خيارات عديدة لدى الدولة، يمكنها تعزيز واردات الموازنة العامة. وتوجه علاوي إلى المملكة العربية السعودية مبعوثاً من رئيس مجلس الوزراء لمناقشة العلاقات الثنائية والأوضاع الاقتصادية في المنطقة وتشجيع الاستثمار. وتقول مصادر مطلعة إن الكاظمي سيتجه إلى إجراءات قاسية داخل الهيكل الإداري للدولة، توفر ملايين الدولارات سنويا؛ فعلى سبيل المثال، تتحكم وزارة النفط في عائد بيع نحو 750 ألف برميل يوميا، مخصصة للاستهلاك الداخلي. وتتحول العوائد الكبيرة من هذه الكمية الهائلة يوميا إلى علاوات وامتيازات تدفع لموظفين لا يقومون سوى بأعمال مكتبية كلاسيكية. كذلك تنوي الحكومة الجديدة، وفقا للمصادر، تغيير الإدارة المشرفة على المنافذ الحدودية، التي تتحكم في دخول البضائع على المستوى التجاري. وتخضع معظم منافذ العراق الحدودية حاليًّا لسيطرة أحزاب وميليشيات تحتكر عوائدها، وتمنع توجيهها إلى الخزانة العامة، بطرق ملتوية. وعلى المستوى الخارجي، تقول المصادر إن الكاظمي تلقى تعهدات بتوفير قروض ميسرة بلا فوائد، لقاء مشاريع استثمارية تُمنح لشركات أجنبية. ويقول مراقبون إن الدولة العميقة التي أسسها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وتعاظم تأثيرها في عهد حكومة عادل عبدالمهدي، سيشكلان عائقا كبيرا لخطط الكاظمي، ما قد يدفع رئيس الوزراء نحو مواجهات قاسية، تطيح ببعض الموظفين الكبار. وفي حال تحققت خطط الكاظمي، فإن حكومته تكون قد تجاوزت مرحليا، أهم التحديات المالية الداخلية، ما يمكنه من التفرغ لملفات حساسة، من بينها ضبط سلاح الميليشيات المنفلت وتنظيم العلاقة بين بغداد والإقليم الكردي شبه المستقل، وإعادة تنشيط علاقات العراق الخارجية مع عدد من الدول. وبعد نحو أسبوعين من تشكيلها، بدأت حكومة الكاظمي في إشاعة أجواء متفائلة بشأن الاقتصاد وخطط التعامل مع تداعيات وباء كورونا وملف العلاقات الخارجية. لكن صبر العراقيين على الحكومة الجديدة لن يكون طويلا، لاسيما إذا دخل ملف الكهرباء على معادلة الشارع الغاضب، خلال فصل الصيف. ويعد نقص الكهرباء المزودة للسكان، خلال صيف العراق اللاهب، أحد أكبر المحركات الاحتجاجية في البلاد خلال الأعوام السابقة، وربما يكون لاعبا مؤثرا خلال الصيف الحالي، بسبب المؤشرات الأولية غير المشجعة لمعدلات تجهيز الطاقة.

مشاركة :