بما أن منطقة الشرق الأوسط تعيش صراعًا طائفيًا بغية الوصول للسلطة وليس من أجل مصلحة الشعب والطائفة ضمنًا، لنقف عند أسبابها، حيث هذا الصراع تمتد بجذورها إلى آلاف السنين، وهناك خلافات دينية، وضمن الدين الواحد خلافات مذهبية، وحتى في المذهب الواحد خلافات صوفية، كل هذه تخدم مصالح أشخاص معينين يدّعون أنهم أصحاب نفوس دينية والدين منهم براءة، أما فيما يتعلق بالقضية الكردية وعلاقتها بهذه الصراعات؛ القضية الكردية ليست قضية طائفة وإنما قضية شعب يعيش على أرضه التاريخية منذ آلاف السنين، وحل هذه القضية برأينا سوف تكون مدخل لوقف أغلب الصراعات التي تدور باسم الطائفة في المنطقة وانهيارها. بالإضافة إلى ذلك كان ومايزال أحد أسباب معاداة السلطة الفاشية العثمانية والفارسية لحل القضية الكردية هو لحماية سلطتها المبنية على الخلافات الطائفية في البلاد. كما نعلم كانت الفاشيتين العثمانية والفارسية منذ القِدم يستخدمون ملف الخلافات الدينية التي ورثوها من أجدادهم لمصالحها الشخصية، ولكن مع مرور الزمن توصل قسم كبير من الشعب أن هذه الخلافات لا نهاية لها، وعليهم بالتعايش مع هذا الصراع وتقبل الاختيار الشخصي للدين، وفي هذا التحول الإيجابي عند الشعب في تقبل الديانات المختلفة، أدركت الفاشيتين خطر هذا الوعي على السلطة، فاستغلوا هذا الخلاف لنشره بطريقة سلبية وتحويله إلى صراعات سياسية مبنية على خلافات مذهبية في الدين الواحد لبث الصراع بين القوميات التي أغلبها يتبع الدين الإسلامي، وهنا نذكر الشعب الكردي الذي كان أقوى من هذه الخلافات حيث لم يقبلها، لأن الكرد فكره ومفهمومه الرئيسي مبني على مبدأ التعايش المشترك والسلمي والتفهم الديني، مبني على أساس قومي وتقبل اختيار الشخص لدينه، لهذا فأن الفاشيتين أدركت بأن حل قضية شعب مبني على أساس قومي ووطني متفاهم دينيًا ويضمن حقوق الطوائف الأخرى سواءً "الجغرافية أو السياسية" سوف يكون ذلك بداية لانهيار سياستهم الفاشية المبنية على الطائفات الدينية. وهنا نوضح بمثال؛ عن التعايش السلمي للكرد مع الشعوب المنطقة في باشور وروج افا، حيث قدم الكرد وأخوته الكثير من التضحيات لحماية كافة المكونات المتعايشة في المنطقة، لإزالة الخطر السياسي، العسكري وبالأخص "الطائفي" التي تستخدمها تركيا وإيران بشتى الطرق للوقوف أمام حل القضية الكردية، متأكدين بأن حلها سيكون انهيار لسلطاتهم، أي حلها لن يقتصر في خدمة الشعب الكردي فقط بل جميع الطوائف والقوميات الأخرى. هنا علينا أن ندرك تمامًا أهمية الوقوف بوجه الصراعات ونعمل جاهدًا لحل القضية الكردية لفتح باب حق الشعوب في تقرير مصيرها والحصول على الحقوق المسلوبة من السلطات الفاشية، ولتكون بداية الانتقال من سياسة الأجداد إلى السياسة الحديثة والعولمة الفكرية ولمواكبة الطور العالمي.
مشاركة :