التعليم ومهارات القرن الواحد والعشرين

  • 5/23/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يمُرُّ العالمُ اليومَ بظروفٍ استثنائيةٍ لم يعهدها منذ الحرب العالمية الثانية؛ وذلك بسبب جائحة كورونا (كوفيد19)، وقد تداعت آثارها على مجالات الحياة كافة بما فيها الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، والتعليمية. وقد اتخذت العديد من الدول إجراءات غير مسبوقة للتعامل مع هذه الظروف مثل إغلاق المدارس، والمجمعات التجارية، وتقليل أعداد الموظفين، أو حتى إغلاق جهات العمل.وكانت مملكة البحرين من أوائل الدول التي اتخذت كل التدابير اللازمة للحفاظ على سلامة المواطنين والمقيمين؛ منها إغلاق المؤسسات التعليمية والتدريبية مع ظهور أول حالة للفيروس في المملكة، إلا أنَّ الدولة قد حرصت على ألا تُحْدِثَ التدابيرُ الاحترازيةُ عرقلةً في تعلم الطلبة واكتسابهم مهاراتهم التي يجب أن يكتسبوها حسب المرحلة العمرية، أو تُحْدِثَ إرباكًا في مسيرتهم الدراسية، فتم اتخاذ الخطوات اللازمة لتوفير ممارسات التعليم عن بعد في العديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية في المملكة. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية         -عالميًّا- وبعض منها في مملكة البحرين، قد لجأت إلى ممارسات التعليم عن بعد تلبيةً لاحتياجات المتعلمين والمتدربين؛ بسبب ظروف مختلفة، كالبعد الجغرافي، وتحقيق المرونة في ساعات التعليم والتدريب، غير أن تطبيق هذه الممارسات أصبح ضرورة ملحة مع انتشار جائحة كورونا؛ لتحقيق التباعد الاجتماعي المطلوب للسيطرة على انتشار الوباء، لذا شرعت المؤسسات التعليمية، كالمدارس الحكومية والخاصة في توظيف الوسائل والمنصات التعليمية المختلفة؛ للحرص على تقديم خدمات وممارسات التعليم عن بعد لطلبتها؛ وهو ما يتطلب إكساب الطلبة مجموعة من المهارات اللازمة للتعامل مع هذه المنهجية من التعليم، فعلى سبيل المثال، فإنه يجب على الطلبة اكتساب المهارات التكنولوجية اللازمة التي تمكنهم من التعامل مع منصات التعليم المختلفة، ومهارات التعلم الذاتي. وتجدر الإشارة إلى أهمية امتلاك الطلبة هذه المهارات في جميع الظروف؛ لتمكنهم من التنافسية المحلية والعالمية، حيث إنها تعدُّ جزءًا من مهارات القرن الواحد والعشرين التي يجب عليهم امتلاكها في هذا العصر؛ لما لها من دور حيوي في تمكينهم من مراحل التعليم عن بُعد، والجامعي، وللتعامل مع متطلبات سوق العمل عند الانخراط به، حيث تركز هذه المهارات على تطوير القدرة على التعلم مدى الحياة من خلال إتقانهم مستجدات التعليم والتعلّم، والحصول على المعلومات اللازمة لتعلمهم، وتنقيحها، واختيار الأفضل منها.وقد أبرزت هيئة جودة التعليم والتدريب أهمية وضرورة اكتساب وامتلاك هذه المهارات من خلال تقييم فاعلية تطبيقها في المؤسسات التعليمية؛ لذا فهي سبَّاقة في هذا الميدان، وقد استبقت الخطوة مع بدء العمل بالإطار المحدَّث لمراجعة أداء المدارس الحكومية والخاصة مع بداية العام 2019، على مجموعة من مهارات القرن الواحد والعشرين وهي: التفكير الناقد، التواصل والعمل الجماعي، القيادة وصنع واتخاذ القرار، المواطنة المحلية والعالمية، الابتكار وحل المشكلات، الريادة والمبادرة، الثقافة التكنولوجية، والتمكن اللغوي، لما لهذه المهارات من أهمية في بناء شخصية الطالب للتعامل مع متطلبات العصر، ولحث المدارس في مملكة البحرين على اتباع منهجية واضحة ومنتظمة في تنمية تلك المهارات. وتتضح أهمية تنمية هذه المهارات لدى الطلبة -بصورة خاصة- أثناء الوضع الراهن؛ للتعامل مع جائحة كورونا، والتعليم عن بعد، حيث تبرز حاجة الطلبة إلى تعلم هذه المهارات التي تتضمن المهارات التكنولوجية التي تمكنهم ليس فقط من توظيف التكنولوجيا، بل استخدامها بطريقة آمنة ومسؤولة، مع احترام الملكية الفكرية للمواد والأنشطة التي تُعْرَضُ لهم، وباعتبارها مؤشرًا سلوكيًّا للتحلي بأخلاقيات العمل كعدم قيامهم بنسخ ونقل الإجابات من الطلبة الآخرين أثناء التعليم عن بعد، إضافة إلى تمتعهم بمهارات التواصل الفاعلة والتعامل مع الآخرين، والانضباط الذاتي بالالتزام بمواعيد الدروس، وتسليم المهام، وقيامهم بكل هذه المهام برقابة ذاتية يتحملون فيها مسؤولية تعلمهم، فضلًا عن قدرتهم على التعامل مع الضغوطات المترتبة على تنظيمهم لأوقاتهم الخاصة وأوقات التعلم، واستمتاعهم بمهارات التعلم الذاتي بالبحث عن المعلومات اللازمة له، وتنقيحها والتعامل معها، والتعامل مع مختلف أنواع البيانات كالجداول، والرسومات المختلفة، والإتيان بأفكار جديدة مبتكرة عند القيام بمشروعاتهم وأنشطتهم. ولا تقتصر أهمية هذه المهارات على التعليم عن بعد، وإنما هم بحاجة إليها بشكل ملح في ظل تسارع المعلومات والمعرفة، وتوفرها في متناول الجميع، وبشكل خاص أثناء المرور بأزمات محلية أو عالمية، حيث ينبغي فيها التحلي بروح المسؤولية الوطنية، كجائحة كورونا، حيث ثبتتِ الحاجة إلى التحلي بالروح الوطنية من خلال الالتزام بالتعليمات والقرارات التي تتخذها الدولة لحماية الأفراد والمجتمع، وعدم نشر الشائعات والتأكد من المعلومات والأخبار قبل نشرها، إضافة إلى القدرة على الابتكار من خلال طرح الأفكار الجديدة، كقيام بعض الطلبة بتصميم الألعاب المختلفة لممارستها من المنزل أثناء الحجر المنزلي، وبروح المبادرة من خلال التطوع للمساهمة في التصدي للمرض، وتصميم المقاطع المرئية والعروض التي تسهم في توعية المجتمع.إن الظروف الراهنة أكدت ما أشار إليه إطار المراجعة المحدَّث للهيئة؛ للحاجة الملحة إلى هذه المهارات، التي لا تقتصر على التعامل مع متطلبات العصر، بل تشمل القدرة على التعامل مع المتطلبات الطارئة في ظل ما يجتاح العالم -بشكل عام- من تغيرات وبائية أو اجتماعية، أو تطورات اقتصادية، وسياسية، أو غيرها؛ ما يستدعي التركيز عليها بصورة مُمنهجة، وبشراكة فاعلة بين المؤسسات التعليمية والأسرة؛ لضمان توظيفها واستمرارها في الممارسات والأنشطة التعليمية والتدريبية عامةً. ‭{‬ إدارة المدارس الخاصة ورياض الأطفال- هيئة جودة التعليم والتدريب

مشاركة :